الأسفار الموازية
13-11-2016

 

 

سِفْر الانشطار

كنّا واحدًا لا يفرّقُنا غيرُ الموت. ثمّ انشطرنا. وكلّما انقسمتْ منّا جماعةٌ نظرتْ إلى نفسِها في انعكاس الضوء على الماء، ورأت كم كان أفضلَ لو تزدادُ انقسامًا للوصول إلى الوحدة والنقاء الذاتيّ.

انشطرت الجماعاتُ إلى جماعات. ونسي المنشطرون وحدتَهم.

وكان هذا غيرَ حسن.

 

سِفْر الدماء

طارده الذئبُ، فلم يجد من مخرجٍ سوى الاستسلام، لعلّ الذئب يرحمه.

كان الذئبُ رحيمًا حقًّا؛ فنهش ساقَه، تاركًا له بقيّة الجسد.

لمّا رأى الدمَ الحارّ يتدفّق من ساقه، وشمّ رائحةَ الموت ترفرف على المكان، تمنّى لو أنّه قاوم الذئب.

فمن يدري؟ لعلّه كان انتصر؟

 

سِفْر الغرباء

يسيرون كالنيام. لا ترى أعينُهم أيَّ حقائق. تُحرّكهم خيالاتٌ وخُطَب. ينظر بعضُهم إلى بعضٍ في وجوم واستغراب.

لا تبدو أشكالُهم مألوفةً. ويبدو لهم وكأنّهم، كلَّ يوم، يتقابلون لأوّل مرّة.

لا يجرأون على النظر إلى وجوههم في المرآة، لأنّهم يخافون من التعرّفِ إلى ذواتهم.

ويستمرّ الضياع.

 

سِفْر المفاتحة

قال لي: "سأفاتحُه." وغمز بعينيه، فلم أستوعبه.

عرفتُه مخْلصًا مطيعًا للأوامر. لم يأتِ مديرٌ إلّا ومدح قدراتِه على الإنجاز، مهما بلغتْ صعوبةُ المهمّة.

تحرّك باتّجاه مكتب زميلنا الجديد، ونظر في عينيه حتّى امتلأ من محاسنِه، ثمّ زفر وقال: "اللعنة على هذا الجمال؛ فإنّه لا يجلبُ لمن في نفوسهم قبحٌ إلّا الشراسة."

ونصحه بأن يهتمّ بذاته، وأن يبحث عن عمل جديد إنْ كان يحبّ الشرف.

لكنّه كان قد انصاع إلى رغبة المدير.

وكان ما كان.

البحرين

احمد عسل

طبيب بحرينيّ شابّ. متخرّج من جامعة الخليج العربيّ. له عدد من الأبحاث المنشورة في مجلّة البحرين الطبّيّة، ومشاركاتٌ في مؤتمرات دوليّة لطبّ العيون وجراحتها.