الشهيد باسل الأعرج: ثقافة الاشتباك (ملفّ)
12-03-2017

 

 

كلّ شهيد يسقط على درب فلسطين يعجّل في الوصول إليها. لكنْ ثمّة شهداء لا يكتفون بذلك، بل يحاولون أن يرسموا معالمَ لمسالكَ جديدة، ويحثّوننا على اتّباعها وتطويرها. باسل الأعرج واحد من هؤلاء الشهداء. فوسط الانسداد الحاليّ في الأفق السياسيّ التقليديّ الفلسطينيّ؛ ومع توسّع الشرخ الفصائليّ الفلسطينيّ؛ ومع انجراف فئاتٍ شعبيّة إلى فخّ المنظّمات غير الحكوميّة ذات التمويل الأجنبيّ المسيّس؛ ومع تبدّد أوهام "حلّ الدولتين" وانكشافِه بوصفه محضَ ستارٍ للمزيد من القضم والتهويد والاستعمار الصهيونيّ؛ بدأتْ منذ سنوات قليلة مبادراتٌ فرديّة أو شبهُ فرديّة لشقّ طريقٍ نضاليّ جديد.

هنا ينبغي التوضيح: لا طريقَ جديدًا بالمطلق؛ فكلُّ "جديد" يستند إلى كمّ المبادرات التي سبقته، فرديةً كانت أو جمعيّة، وإلّا سقط في الفراغ و"الحداثة لمجرّد الحداثة." لكنّ الجديد الجوهريّ الذي اختطّه باسل في سنوات عمره القصير (32 عامًا إلّا قليلًا) يتمثّل في نواحٍ ثلاث:

1) ربطُ الثقافة بالجسارة، بالبطولة، بـ"الجدعنة" إذا شئتم. فلا تتخذ الثقافة أبعدَ مدياتها وأكثرَها رسوخًا في وعي الناس إنْ لم تشتبك فعليًّا مع الاحتلال: بالمنشور، والحجر، والبندقيّة، والقذيفة، والصاروخ. وبغير ذلك، تبقى الثقافة سبيلًا إلى "الترقّي" الذاتيّ والبرستيج الأجوف.

2) الإعلاء من شأن المعرفة في العمل المسلّح. فكلّ سلاح لا يَستند إلى معرفةٍ تقترب قدر الإمكان من الدقّة، بتاريخ الشعب، وبحلفائه الحاليين والمحتملين، آيلٌ إلى الانحراف او الانكسار أو الإحباط.

3) التواصل مع المحيط العربيّ المجاور. باسل لم يأتِ إلى لبنان لـ"الكزدرة" والتمتّع بنموذج "التعايش" اللبنانيّ الخلّاب، بل جاء لمدّ الجسور مع العمق اللبنانيّ/الفلسطينيّ المقاوِم والمقاطِع والرافض للتطبيع مع العدوّ الإسرائيلي. لاحِظوا شكلَ تحرّكاته اللبنانيّة: من لقاء شبابيّ في المخيّمات، إلى لقاء فرديّ مع كتّاب وصحافيين وناشطين ضدّ التطبيع، إلى لقاء مع مناضلين ذوي خبرة في العمل المقاوم. باسل كان يسعى إلى تمهيد الطريق أمام حالة شبابيّة فلسطينيّة ــــ لبنانيّة ــــ عربيّة جديدة، ذات عصب نضاليّ ثقافيّ مزدوج.

هذا الملفّ الصغير ليس تحيّةً إلى باسل؛ فالتحية لا تكون بملفّ، بل ببذل الجهد اللازم لفهم طريقِه وانتزاع العِبر من مسيرته العابقة بالدرس والقراءة والحبّ والوفاء للشعب حتى حدود نزْف قطراتِ الدم الأخيرة. حسبُ هذا الملفّ أن يعرّف بـ"مبادرة" هذا الرفيق الشهيد من خلال عيون ثلاثةٍ من أصدقائه، منتشرين بين رام الله وضاحية بيروت الجنوبيّة وأوروبا.

شارك في الملفّ: خالد بركات، خضر سلامة، معز كرّاجة

للاطّلاع على الملفّ كاملًا هنا.

سماح إدريس

رئيس تحرير مجلة الآداب الورقيّة (1992 ـ 2012) والإلكترونيّة (2015 ـ...). له كتابان في النقد الأدبيّ، وأربعُ رواياتٍ للناشئة، وإحدى عشرة قصّة مصوّرة للأطفال، وعشراتُ الدراسات والمقالات والكتب المترجمة. عضوٌ مؤسِّسٌ في "حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان" (2002 ـ ...). ينتهي خلال أعوام من إنجاز معجم عربيّ  ضخم صادر عن دار الآداب.