ذاكرة الآداب: "المرحوم" لسعيد تقيّ الدين (1، 1953)
17-02-2017

 

في العدد الأول من الآداب قصة رائعة للكاتب الفذّ سعيد تقيّ الدين، فيها مزيجٌ من معاني الأبوّة والفروسيّة والتهوّر والتعلّق بالأرض. وفيها معرفة مفصّلة بالزراعة والمحاصيل وأحوال الأرض. وفيها سبرٌ دقيقٌ لأعماق النفس وما يصطرع فيها من مشاعر الغيرة والحسد والانتقام. كلّ ذلك بلغة رشيقة، لكنْ متينة، "فحلة،" تُغري بمتابعةِ مجملِ ما كتبه هذا الكاتبُ اللبنانيُّ الكبير.

الجدير ذكرُه انّ صداقةً ربطتْ سعيدًا بمؤسّس الآداب سهيل إدريس، وانعكستْ في رسائل منشورة. لكنّ الرجليْن اصطدما سياسيًّا وعقائديًّا، بسبب انتماء الأوّل إلى العقيدة القوميّة الاجتماعيّة وانتسابه إلى الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ (تولّى مناصبَ قياديّةً عدّةً فيه)، خلافًا لنزعة سهيل القوميّة العربيّة الناصريّة ورفضه ــــ من حيث المبدأ ــــ أيَّ شكلٍ من الحزبيّة (تأثّرًا بجان بول سارتر في الدرجة الأولى). لكنّ إدريس بقي على حبّه واحترامه لسعيد، على ما أسرّ إلى كاتب هذه السطور غيرَ مرّة، لا بسبب نظافة كفّه ودماثةِ خلقه وإبداعِه القصصيّ والمسرحيّ وروحِه الساخرة ونقدِه الوطنيّ الاجتماعيّ اللاذع فحسب، بل بسبب عدائه للصهيونيّة و"إسرائيل" أيضًا.

نلفت هنا إلى أنّ تقيّ الدين (الذي وُلد سنة 1904 وتوفّي في مثل هذا الشهر، شباط/فبراير، من العام 1960) أسّس سنة 1954 لجنة "كلّ مواطن خفير،" التي يمكن عدُّها أحدَ الأشكال المتقدّمة الأولى لإشراك عامّة الناس في مقاومة "تطبيع" الوجود الصهيونيّ والتجسّس الإسرائيليّ في بلادنا. وقد  قدّمت اللجنة مشروعَ قانون، وضعه القانونيُّ الكبير إدمون ربّاط، إلى مجلس النوّاب. "ومع نهاية عام 1954، تبنّت جامعةُ الدول العربيّة مشروعَ القانون هذا، ووزّعتْه على الدول العربيّة. وبعد جهد مكثّف استمرّ قرابة سنة، أقرّ مجلسُ النوّاب اللبنانيّ قانونَ مقاطعة إسرائيل في 30 أيّار 1955."(1)

سماح إدريس

لقراءة القصة، أنقرْ هنا.