قبلَ الوحلِ... وبعدَ المطرْ
20-05-2017

 

 

هاهي العاصفةُ تدورْ

كقُرصِ القدرِ المجنون،

ها هو وجهُكِ يتقدّمُ

أمامَ أنظارِ طيورِ الشفق

في اللحظةِ اليابسةِ

ما بينَ الوحلِ والمطرْ.

ويميدُ: فوقَ الشواطئِ،

على جيوشِ الحزانى،

وعلى هزائمِنا،

ويمحو ملامحَ مسافاتنا الزائفة.

والحاضرُ يقطع الطريقَ

يسحبُ المستقبل من ياقتهِ

ويرميهِ في قعرِ البحرْ،

هناكَ...

بجوارِ أسطول القراصنةِ

الذي غرقَ منذُ ألف عامْ،

أتذكرينَ وقتها كيفَ كانْ؟

كيفَ كان الغروب؟

كيف كنّا؟!

كيفَ كانت ملاءةُ سريرنا

عالقةً بأغصانِ الشجرةِ العجوزْ؟!

حينها

كنتِ شاحبةً كقلادةِ الفضّةِ

وواهنةً كأيلولْ.

وكنتُ أنا... كما الآنَ

ينتظرني الحوذيُّ عندَ باب الفجرِ

أمشي في شوارعِ الحكايةِ

وأُحصي منازلَ التعبْ.

منذُ ألف عامٍ

وأنا أفتحُ أصابعَكِ

لأنظرَ من بينها إلى الحقولْ...

إلى روحكِ الشتويّةِ

إلى القطاراتِ، كيفَ تعطّلتْ

أمامَ قلبكِ البعيدْ!

منذُ ألفِ عامٍ

وأنا لا أعرفُ لماذا

أُمسكُ يدكِ

وأرفضُ رحلةَ الأعالي

كلّما أغواني

طيفٌ قادمٌ

من مملكةِ النّسورْ.

 سوريا

انس ناصيف

كاتب سوري, مواليد 1989, درسَ الفلسفة في جامعة دمشق.