قصيدة الجسر لخليل حاوي
04-02-2016

 

في ربيع العام 1957 أرسل الشاعرُ اللبنانيّ الكبير خليل حاوي، من كيمبريدج (إنكلترا)، حيث كان يَدْرس على المستشرق الشهير آربيري، قصيدته "الجسر" إلى مجلة الآداب. "الجسر" عبّرتْ، لأجيالٍ وأجيال من العرب المكتوين بنار الاستعمار والصهيونية، عن إرادة العبور من "نسْل العبيد" إلى "فرخ النسر"، ومن "مستنقع الشرق" إلى "الشرق الجديد."

هذه القصيدة سارت، لاحقًا، على ألسنة آلاف اللبنانيين والفلسطينيين بشكل خاصّ، وذلك حين لحّن مرسيل خليفة مقطعًا قصيرًا منها:

"يَعْبرون الجسرَ في الصبحِ خِفافًا

أضلعي امتدّتْ لهم جسرًا وطيدْ

من كهوفِ الشرقِ

من مستنقعِ الشرق

إلى الشرقِ الجديدْ

أضلعي امتدّت لهم جسرًا وطيدْ."

وأذْكر أنّني، ورفاقًا آخرين، لبنانيين وفلسطينيين، نظّمنا في الجامعة الأميركيّة في بيروت، في الذكرى الأولى للاجتياح الصهيونيّ للبنان سنة 1982، اعتصامًا داخل الجامعة، أثناء حكم رئيس الجمهوريّة الكتائبيّ "الشيخ" أمين الجميّل. فتدخّلتْ قوى الأمن بشراسة، واعتقلتْ داخل الحرم الجامعيّ بعضَ المعتصمين ممّن لم تكن لهم أدنى علاقة بتنظيم الاعتصام. وكان أوّل ما فعله المسؤولُ الأمنيّ، وأعتقد أنّ اسمه الرائد كلش (أو كشلي؟)، كان وقفَ المسجّلة الصغيرة التي تحلّق مئاتُ المعتصمين من حولها، وكانت تبثّ قصيدةَ حاوي بتلحين مرسيل.

هذا وقد باتت هذه الأغنية في تلك الآونة وبعيْدها نشيدَ الحزب التقدميّ الاشتراكيّ.

الجدير ذكرُه أنّ علاقة حاوي بمجلة الآداب كانت وثيقةً جدًّا، على الرغم من انتسابه السابق إلى الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ. وقد نشر فيها أكثرَ من عشر قصائد، على ما أظنّ، خلال الأعوام الخمسة الأولى وحدها، وعشرَ قصائدَ أخرى أو أكثر في السنوات اللاحقة (بينها "السندبادُ في رحلته الثامنة" عام 1958 و"لعازر" عام 1962)، ناهيكم بالأبحاث، وبالافتتاحيّات التي لم يكتبْها باسمه الصريح بل بتوقيع الآداب، وخصوصًا تلك المخصّصة للردّ على زملائه السابقين في مجلة شعر.

سماح إدريس

قصيدة الجسر

نشيد الجسر، من تلحين وأداء مرسيل خليفة