كنّا هناك
28-02-2016

 

حول غابةِ الأرز 
سورٌ من الملائكة يشيخون بلطف،
كزمنٍ يتناسلُ
من وجهِ امرأةٍ أحبّت كثيرًا؛
يتناسل من لوعةِ الأزلِ في احتضارها؛
من اشتعال أصابعها برائحة الشجر
وهي تكتب.

          ***

في غابة الأرز ساحرةٌ طيّبة،
تحمي الشجرَ من حطبِ العشّاق،
من سكاكينِهم الحادّة
على جذعِ الربّ؛
هناك، عند كاحل الوادي،
حيث النهرُ مطعونٌ
بهجرةِ الماء.

          ***

أرزُ لبنان،
عسلُ الإله المقطّرُ على جرحِ الأرض.
نحن كوّةٌ في قلب الجبل،
حيث يختبئ النسّاكُ والأشباحُ والشعراءُ المجانين.
ونحن الرحّالةُ،
والوداعُ المكرَّرُ في الأغاني الحزينة.
أيّتها الغابة،

يا حضن السماء،

أيّتها الوادعةُ في صورٍ للذكرى

وأخرى للنسيان،
في البخور ينزفُ من كسور القلب 
في الجذورِ الغائرةِ في عمق الشعر.
نحن العابرون في ممرّاتكِ الخالدة،
رعاةُ الحبّ،
بِناياتِنا،
بذئابِ حناجرِنا،
بتناوُحِ قاماتِنا في ظلالك.
وأنت الغافلةُ عنّا كعاشقةٍ 
كصديقةٍ،
كأغنيةٍ لفيروز نسيناها.
كنّا هناك

ثمّ عدنا.
كنّا هناك
وبقينا.

جونية

فيوليت أبو الجلد

 شاعرة لبنانيّة. صدر لها : بنفسج أخير- صيّاد النوم- أوان النصّ... أوان الجسد- أرافق المجانين إلى عقولهم