محمود درويش و"زيارة" السادات (العدد 11، 1977)
22-05-2017

 

 

السبت 19 نوفمبر 1977، فُتح بابُ الطائرة في مطار بن غوريون، وأطلّ وجهُ الرئيس المصريّ أنور السادات، وزاغت عيناه من النور الساطع، ومن الغبش الذي كلّل أحلامَه بالفوز بشيءٍ ما. هبط بين القادة الإسرائيليين، بمباركة زعماء الغرب، وحصل ما حصل. ودفعت الشعوبُ العربيّة حمّاماتٍ من الدم ثمنًا لخروج أكبر دولة عربيّة من الصراع، وبلا أيّة مكاسب.

البارحة، هبط الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب في الرياض، واستقبله قادةٌ عرب ومسلمون، ووهبوه مئاتِ المليارات من الدولارات لتجعله قويًّا في بلاده، وأنشأوا حلفًا جديدًا تحفّظوا عن ذِكرِ مَن فيه، لأنّ إيراد اسم "إسرائيل" ما زال يحمل بعضًا من الحساسيّة لدى البعض.

الفارق بين الزيارتين شكليّ؛ ففي الزيارتين كلتيهما انبطح النظامُ العربيُّ، وانفرجتْ أساسيرُ المستعمِريْن.

في العدد 11 من مجلّة الآداب 1977، نصٌّ للراحل محمود درويش، بعنوان "قبل الزيارة وبعد الزائر،" بدأها بما يلي:

"عشنا ورأينا. كانت شاشةُ التلفزيون واضحةً أمس. وكانت لعبة المهرّجيْن، المصريّ والإسرائيليّ، واضحةً أيضًا."

في هذا النصّ أورد درويش تعابيرَ ونعوتًا تنطبق اليوم على زعماء راقصين بسيوفٍ مزيَّفة أمام أعداء طامعين بوضوح معلَن. قال:

"... والقتلة دائمًا ما يلتقون في بداية المبارزة، وقد يلتقون في نهايتها، لأنّهم من جوهر متشابه. ورئيسُ مصر الحاليّ واحد منهم؛ واحد من قتلة أحلام شعوبهم، وأكبرُ تاجر دمٍ عرفه تاريخُ العرب الحديث...

إنّه واحدٌ منهم، منذ أخرجه عبد الناصر من عقدة الظلّ، مليئًا بالعاهات النفسيّة وشهوةِ المسرح، وهو يكدح من أجل هذا الانتماء. فرعون بلا مجدٍ ومن دون جدارة...

كاميرات وكاميرات. هذا هو المهمّ. وما قيمة الأرض؟ سيناء رمال ميّتة، والجولان جبال وعرة. والقدس؟ لقد وجدَ الحلّ: إنّها مسجد وكنيسة...

إنّ حاكم مصر، بزيارته الذليلة، قد يكسر في النفسيّة العربيّة جدارَ الحرام، ويخلق ثغراتٍ في الوجدان القوميّ يصبح الاعترافُ بالكيان الصهيونيّ فيه شأنًا قابلًا للاجتهاد..."

إلى آخر النصّ، ممّا يصلح لأن نحتكمَ إليه في وصفِ ما يحدث حولنا من غرق النظام الرسميّ العربيّ في الانبطاح، وفي العودة من الأوهام بخفّيْ حنيْن.

ي.أ.

لقراءة النص كاملا هنا.