شهادة

  "لماذا تعيشون أبدًا في الحرب الأهليّة؟" أطلق الشابُّ المتخرّجُ حديثًا من معهد السينما سؤالَه. رماه في وجهي، ككرةٍ صادمةٍ، بلا مقدّمات. ثمّ أكمل نقاشَه عن فيلمه الذي يريد استشارتي في كتابته، لكنّ صوته كان يبتعد، وقصّتَه التي يريدُها سينمائيّةً...
  (إلى معتقلي الرأي في سجون القهر في مصر)   نظرتْ آية إلى الكيس الكبير في يدي، وحاولتْ أن تضبط انفعالها وهي تسأل: "إيه ده؟" في الكيس ظرفان أبيضان كبيران، وكيسٌ آخر فيه أوانٍ بلاستيكيّة صغيرة فارغة للزراعة. أَرفقتُ، مع الأواني، كيسَ قمامة كبيرًا،...
  كنتُ طفلًا صغيرًا أُمسكُ بطرف ثوب أمّي، وأمشي بجانبها بعد أن يُنزلنا "الميكرو" القادمُ من حي المشلب، في الجهة المقابلة لحديقة البستان، وسطَ مدينة الرقّة السوريّة. ندلف إلى شارع أبي جعفر المنصور، باني مدينةِ الرافقة الأثريّة. نقصد بيتَ جدّي، حيث...
  مع كلِّ يومٍ ينقضي أتعلّم، وأُجيد بعضَ المهارات. لكنّني أخسرُ أيضًا: أخسر مَلَكاتٍ أجمل، وأفقدُ أشياءَ أهمَّ كنتُ قد امتلكتُها صغيرًا. كنتُ أُتقن اللَّعب، والآن يلقّنوني العمل؛ كنت أفتحُ الفضاء، واليوم أبني الأسوار.   *** كنت أكثرَ نُضجًا، وأعمقَ...
لا شكَّ في أنّ دوافعي إلى الكتابة كثيرة، لاسيّما أنّني أُجيدُ صياغةَ الوجع على الورق في محاولات بائسة للهروب من كلّ شيء، ومن اللاشيء. أستنزفُ ذاكرتي المهترئة في أيّ وقتٍ أشاء. إلّا أنّني هذه المرّة أكتُبُ بعد أن استفزّتني رُلى هزيمة، ونصُّها "...
  كان البيت على أطراف غرناطة. وكانت المدينة قد سقطتْ. تسلّم مفتاحَها الأسبان. *** لم أكن أجملَ، في حياتي، من وقتِ زُرتُ غرناطة! تحرّك الباصُ في الفجر. وتحضّرتُ للمدينة الجميلة: اشتريتُ فستانًا جديدًا وقبّعة، ووضعتُ في أذنيّ قرطَيّ اللؤلؤ اللذين...
  يجلس على كرسيّه. يرفع الرأسَ والكتفين واثقًا من نفسه.   ينظر إليّ. يحدق بعينيْه، الطاغي سوادُهما. لا يملّ. يحدّق دائمًا. أرمي غلافَ الكتاب جانبًا. أحاول أن أتجاهله. لكنّي، أجدني أُدير رأسي نحوه مرّةً أخرى. أُغيّرُ اتجاهاتي. أدور حول الكتاب. أبتعدُ...
في العام 1995، كان هناك كتابٌ ضخمٌ على رفّ المكتبة الكبيرة التي اعتدتُ زيارتها مع والدتي. كنتُ ما أزال طفلةً في المدرسة الابتدائيّة، وفضولي المعرفيّ أكبرَ من فضول قطّ صغير. سألتُها عنه، فقالت إنّه قاموس. لم تكن تلك المرّةَ الأولى التي أرى فيها...
  •