تدين الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل ما قام به الفنان الشهير صابر الرباعي بالسماح بالتقاط صورة تطبيعية له مع ضابط تنسيق الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال المرور الى الأرض الفلسطينية المحتلة بهدف المشاركة في حفل غنائي في مدينة "روابي"، يوم 19 آب/أغسطس لهذا العام.
وبينما تأخذ الحملة بعين الاعتبار اعتذار الفنان صابر الرباعي عن هذه الصورة المشينة والمستفزة، وتفسيره بأنه تعرض للخداع ولم ينتبه لهوية الضابط الإسرائيلي الناطق بالعربية والذي طلب أن تُلتَقط له صورة مع الفنان، إلا إننا نتساءل بمسؤولية: كيف يمكن أن يكون أي ضابط على نقطة عبور إلى أرض واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي إلا ضابطاً إسرائيلياً، بغض النظر عن اسمه؟
وإننا إذ نقدّر بعمق وقوف الشعب التونسي العظيم مع نضال شعبنا وقضيته العادلة ورفضه الحازم للتطبيع ونحيي الأصوات الكثيرة التي استهجنت هذا الحدث التطبيعي، نطالب الفنان صابر الرباعي بإعلان تأييده لمقاطعة إسرائيل ورفض التطبيع مع نظامها الاستعماري والعنصري للتعويض عن الضرر الذي لحق بنضالنا الوطني جرّاء استخدام سلطات الاحتلال وآلته الإعلامية الضخمة لصورته من أجل الترويج للتطبيع مع الوطن العربي ولإضعاف حركة المقاطعة العالمية (BDS)، ذات القيادة الفلسطينية.
تأسست الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل عام 2004، وهي عضو في اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، والتي بدورها تشكّل أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني يقود ويوجه حركة مقاطعة إسرائيل BDS عالمياً.
وقد دعت الحملة الفنانين/ات والمثقفين/ات والأكاديميين/ات العرب/يات للمساهمة في نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقنا غير القابلة للتصرف، وأهمها التحرر الوطني وتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي شردوا منها خلال ومنذ نكبة العام 1948، بشتى الوسائل الممكنة ومن أهمها المقاطعة ومناهضة التطبيع مع دول الاحتلال والأبارتهايد والاستعمار-الاستيطاني ومؤسساتها المتواطئة بعمق في جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية الشقيقة.
في هذا السياق، وضعت الحملة معايير واضحة لزيارة الفنانين والأكاديميين العرب للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني تشكّل الحد الأدنى الذي نتوقع الالتزام به، وهي قيد التطوير حالياً، استناداً إلى حواراتنا المستمرة مع الشركاء في فلسطين والوطن العربي.
في ذات الوقت، نحترم ونقدر بعمق المواقف والمبادئ المناهضة للتطبيع التي تتبناها الاتحادات والنقابات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والمهنية والفنية في الوطن العربي، والتي ترفض بشكل مبدئي أن يزور الأخوة والأخوات العرب الأرض الفلسطينية المحتلة بإذن من المحتل، بغض النظر عن أي اختلافات بين معايير المقاطعة لديها والمعايير التي يتبناها، مضطراً، المجتمع الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال. كما نرى ضرورة التواصل بين حملة المقاطعة الفلسطينية وهذه الاتحادات والنقابات لتنسيق المواقف تجاه مقاطعة إسرائيل ومعايير تطبيقها.
تحمّل الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل المسؤولية الأكبر للحدث التطبيعي المتمثل في ظهور الفنان صابر الرباعي مبتسماً بجانب ضابط احتلال إسرائيلي لمنظمي الحفل من إدارة "روابي"، وتذكر بتاريخ التطبيع المشين الذي رافق تأسيس هذه المدينة. فقد أدان بيان اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، المنشور في العام 2012، التطبيع الاقتصادي السافر في مشروع "روابي" في حينه، وعلى وجه الخصوص فضح البيان الجوانب التطبيعية التالية:
في تصميم مدينة "روابي"، تمت الاستعانة بخبرة المهندس المعماري الإسرائيلي موشيه صافدي، وهو مستوطن يعيش في القدس المحتلة (الجزء الشرقي)، وهو أيضاً المهندس المعماري لحي استيطاني يهودي في البلدة القديمة في القدس المحتلة.
كما تعاقد القائمون على مشروع "روابي" مع المحامي الصهيوني المتطرف دوف فايسغلاس، المستشار السابق لجزّار "صبرا وشاتيلا" أرئيل شارون. وقد اشتهر فايسغلاس بتوجيهه للسياسة الإسرائيلية في حصار غزة وتحديداً بجملته المعروفة: "الفكرة هي وضع الفلسطينيين في حمية غذائية وتجويعهم، ولكن ليس لحد الموت". وقد تأكدت هذه السياسة عملياً من خلال سياسة إسرائيلية اعتُمِدت لحساب "الحد الأدنى للسعرات الحرارية التي تحق لكل فلسطيني في غزة". إن فايسغلاس، بالتالي، متهم بجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني.
شاركت شركات إسرائيلية، حسبما ورد في الإعلام في حينه دون أن ينفيه أحد، في عطاءات عدة في تأسيس "روابي".
في العام 2009، قامت الشركة المالكة لمشروع "روابي" بقبول تبرع أشجار للمدينة مما يسمى بالـ "الصندوق القومي اليهودي" (كيرن كييمت)، هذه المؤسسة الصهيونية التي كانت رائدة في التطهير العرقي لشعبنا منذ نكبة 1948، والتي تُكرّس جهودها حتى الآن في المساهمة في تهجير الآلاف من المواطنين الفلسطينيين (من حملة الجنسية الإسرائيلية) من النقب. وقد بقيت الأشجار في مكانها بعدما تعهدت إدارة المدينة باستبدالها استجابةً للضغط الشعبي.
إن الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل توجه التحية لكافة الشعوب العربية الشقيقة، وللشعب التونسي خاصة، لوقوفها بجانب الشعب الفلسطيني، ولرفضها للتطبيع بكافة أشكاله، بالذات في هذه المرحلة التي يتفاقم فيها التطبيع الرسمي العربي -- المدعوم بشكل مفضوح من المستوى الرسمي الفلسطيني -- بالذات من قبل النظام السعودي والقطري والإماراتي والمصري.
في هذا السياق، نحيي كافة الرياضيات والرياضيين العرب الذين رفضوا أن يطبعوا مع ممثلي النظام الإسرائيلي، سواء في أولمبياد ريو أو قبله، ليقدموا صورة مشرقة تعبر عن وقوف الشعوب العربية مع قضية فلسطين كالقضية المركزية للأمة العربية، رغم كل المحاولات الإسرائيلية-الأمريكية، المدعومة من أنظمة عربية، لحرف الأنظار عن فلسطين.
في الختام، نناشد كافة الفنانين والمثقفين في جميع الدول العربية الشقيقة لدعم حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) ومناهضة التطبيع معها علناً، قولاً وفعلاً، ليضموا أصواتهم إلى أصوات الآلاف من الفنانين والمثقفين الفلسطينيين والعرب والعالميين، وخصوصاً في مصر ولبنان وتونس والمغرب والكويت والأردن وكندا وجنوب أفريقيا وبريطانيا وإيرلندة والهند والبرازيل والنرويج وغيرها من الدول. هذا ما يمليه الواجب الأخلاقي للوقوف مع شعب فلسطين في هذه المرحلة الدقيقة لنضالنا من أجل التحرر وتقرير المصير والعودة.
فلسطين المحتلة، 26 آب/أغسطس 2016
الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل
عنوان: بيروت - لبنان
عبر الهاتف: T: +961 1 858355 | M: +961 3 434643
عبر الايميل: info@boycottcampaign.com