أشعلتُ الحقلَ لأنّ القمحَ يُطيلُ العمر
وقتلتُ الأرانبَ لأنّها متحمّسةٌ جدًّا
وقريبًا سأجمعُ شغفي وأُلقيه في الظلام؛
فلستُ بحاجةٍ إلى نومٍ قصير،
ولستُ بحاجةٍ إلى رحلةٍ مُعدَّةٍ مُسبقًا
أتلو فيها دُعاءَ السَّفر.
***
أشعلتُ الحقل لأنّ العصافيرَ رَفضتْ أن تزقزق.
أنشدتُها شِعرًا،
ولم تزقزق.
قَطعتُ لها غيمةً بيضاءَ كالثلج،
ولم تزقزقْ.
حكيتُ لها قصّةَ ليلى والبحّارِ المشعوذ،
ولم تزقزقْ.
وفيما كنتُ مختنقًا تحتَ ظلّي،
كانت الأرانبُ متحمِّسةً جدًّا.
فَحَزمتُ أمتعتي نحو الجنون.
***
عندما قتلتُ أرنبتي الحبيبة
قُلتُ لها:
سامحيني؛
فأنا فاترٌ جدًّا عندما أفهم،
وحزينٌ جدًّا عندما أكشِفُ الأسرار،
وأخشى أن تفنى الحقول
وتبقينَ وحيدةً مع الأدخنة السوداء
يقتلك الضجر.
***
ماتت وهي تضحك.
لكنّ الطيورَ كفّنتنا معًا؛
لسنا بحاجةٍ إلى نبضٍ كاذبٍ لا يُنبت المحبّة.
لسنا بحاجةٍ إلى دمٍ أحمر لا يشتعل عشقًا.
لسنا بحاجةٍ إلى طريقٍ تمشي فوق جثّتنا.
ولسنا بحاجةٍ إلى نوم قصير،
أو رحلةٍ معدّةٍ مسبقًا
نتلو فيها دعاءَ السفر.
***
أشعلتُ الحقلَ لأنّ برغوثًا دميمًا حَلَّقَ في السماء.
وقتلتُ الأرانبَ لأنها متحَمّسةٌ جدًّا.
وقريبًا، سأمزج الأغاني بالحجارة.
لسنا بحاجةٍ إلى غيمةٍ سوداءَ غاضبة
تمطر جوعًا.
ولسنا بحاجةٍ إلى قمرٍ يضيءُ أيامًا
ثم ينطفئ
مثلَ نومٍ قصير
أو رحلةٍ معدَّةٍ مسبقًا
نتلو قبلها دعاءَ السفر.
***
أحرقتُ الحقلَ لأنّ العجوزَ المملَّ حدَّثني طويلًا عن محاسنِ الفشل،
وقتلتُ الأرانبَ لأنّ الحشراتِ تملأ الأفقَ بالخيوطِ
والأحجيات
تَقْطعُ المدى دونَ طائراتٍ أو مركبات،
ودونما حزنٍ ثقيلِ الظلِّ ملفوفٍ كالجدائلِ السوداء.
رأيتُ أرنبتي الجميلةَ تصطفُّ في طابورٍ طويل.
كانَ الذبابُ يرقص فرحًا؛
قلتُ لها:
لا قمح بعد اليوم
لا رقص
لا غناء.
***
أشعلتُ الحقلَ لكي أعودَ إلى حالتي الزجاجيّة؛
بريئًا من دنسِ الجدرانِ المخيفة،
دائريًّا مثلَ أغاني الحصاد،
أبديًّا مثلَ نارٍ عظيمة.
فلست بحاجةٍ إلى ضوءٍ مختلطٍ بالظلام.
ولست بحاجةٍ إلى حماس منطفئٍ حزين.
نعم، قتلتُ الأرانبَ لأنّها متحمّسة جدًّا
وسرتُ في نفق الحقيقة
وحدي.
الأردن