كاتب وباحث سوريّ
على الرغم من أنّ مصطلح "الإسلام السياسيّ" حديثُ العهد، فإنّ الإسلام اختلف عن سائر الأديان في جمعه بين النبوّة والحكم خلال الفترة المدينيّة. ولكنّ هذا الأمر تفكّك بعد وفاة النبيّ طبعًا، ليؤكّدَ أنّ "عهدَ الإسلام" وفق هذا التصوّر قد انتهى، وليبدأ "عهدُ المسلمين" الذين لم يُجْمعوا على نمط محدّد من الحكم، فتباينتْ تجاربُهم السياسيّة بشكل كبير خلال الفترة الراشديّة وما بعدها في اختيار الحاكم وشرعيّة السلطة.[1]
انقسم المسلمون حول تصوّرهم لـ"مسألة الحكم" إلى مدرستين أساسيّتين هما: مدرسة الخلافة، ومدرسة الإمامة. فذهب المعتقدون بأحقيّة عليّ بن أبي طالب في الحكم إلى تبنّي مدرسة الإمامة، وجعلوها من صلب الدين وأساسه، وتعدّدتْ مدارسُهم فيها، فأصابهم الانقسامُ والتشظّي كغيرهم من الفرق الإسلاميّة. ولم تتمكّن نظريّتُهم هذه من النجاح الظاهريّ إلّا خلال فترة الدولة الفاطميّة التي أسّسها الشيعةُ الإسماعيليّون في شمال أفريقيا ووادي النيل وبلاد الشام والحجاز واليمن، ودامت من الفترة الممتدّة بين العاميْن 990 و1111، وكانت عاصمتُها القاهرة. وعلى الرغم من اختلاف التجربة الإسماعيليّة في الحكم عن بقيّة التجارب الإسلاميّة، من حيث القبول بالتعدديّة الثقافيّة والتسامح، فإنّها لم تخرج عن بقيّة التجارب البشريّة، خصوصًا في ما يتعلّق بالصراعات على الحكم وبعض التصفيات.[2]
سيطرتْ عقيدةُ "الانتظار" على أتباع المدرسة الشيعيّة الإثنيْ عشريّة، وابتعدوا عن الخوض في السياسة والحكم آنذاك من منطلق تحريم التعاطي مع الحاكمين وظلمِهم. واستمرّوا على هذه الحال منذ لحظة الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر في العام 923 إلى ما بعد معركة جالديران سنة 1541، أيْ ما بعد هزيمة الشاه إسماعيل الصفويّ، حين عاد إلى داخل فارس ليؤسّس بنيانَ الدولة المتعدّدة القوميّات والشعوب واللغات، وذلك من خلال نقطتين جامعتين وإلزاميّتين:
أ. اللغة الفارسيّة، على الرغم من أصوله التركيّة وتحدُّثِه بها تداولًا وشعرًا وأدبًا.
ب. فرض المذهب الشيعيّ الإثنيْ عشريّ على معظم الشعوب داخل الدولة. وهنا كان الدخولُ الأوّلُ للشيعة في مجال السياسة بعد استعانة الشاه ببهاء الدين العامليّ،[3] والمحقّق الكركيّ،[4] لفرض المذهب ونشره.
بدأت المؤشِّراتُ الأولى للإسلام السياسيّ الشيعيّ مع صدور فتوى تحريم التنباك عام 1891، من قِبل المرجع الدينيّ محمد حسن الشيرازي في النجف، ردًّا على الشاه القاجاري الذي كان قد أعطى شركةً بريطانيّةً امتيازَ التنباك؛ ما أدّى إلى تراجع الشاه عن الامتياز. ثمّ أتت الثورةُ الدستوريّة "المشروطة " بين عاميْ 1905 و1907. ولم تنتهِ الحَراكاتُ المناهضةُ للسياسات الداخليّة الموالية للغرب، إلى أن انفجر الصدامُ السياسيّ الأوّل بعد أحداث "المدرسة الفيضيّة" عام 1963. واكتملت المؤشِّراتُ على حركيّة الإسلام السياسيّ الشيعيّ مع صدور كتاب الحكومة الإسلاميّة للإمام الخمينيّ، ونجاح الثورة في إيران.
اتّسم هذا الحَراكُ، منذ أكثر من قرن من الزمن ونيّف، بأنّه كان مشروعًا مناهضًا للغرب وأدواته؛ فضلًا عن تبلوُره في سياق المواجهة معه، أكان ذلك داخل إيران أمْ خارجها. وما كان لهذا الحَراك أنْ يستمرّ لولا الاستقلالُ الاقتصاديّ للمرجعيّات الدينيّة، وعمقُ الأثر الثقافيّ للملحمة الحسينيّة في الوجدان الشيعيّ الشعبيّ.
ظهر الإشكالُ الأول أمام الإسلام السياسيّ الشيعيّ في إيران في تجاوزه لمسألة الركون إلى الحاكم وانتظار عودة الإمام محمد بن الحسن من غيبته الكبرى. فكان لا بدّ من ثقافة جديدة تحوِّل "الانتظار" من المعنى السلبيّ إلى المعنى الإيجابيّ، إذ إنّ فكرةَ الانتظار الجديدة تحمل في طيّاتها مشروعَ التمهيد للحضور والظهور.
أمّا الإشكال الثاني فكان يستند إلى نظريّة الإمامة في الحكم ومرجعيّتها السياسيّة والدينيّة. فكان الحلُّ بتبنّي مسألة "ولاية الفقيه" التي تتيح للمرجع الفقهيّ الولايةَ العامّةَ عن الأمّة في غيبة الإمام المنتظَر.
وأمّا الإشكال الثالث فيتعلّق بطريقة التعامل مع بنية الدولة الحديثة ذاتِ المنشأ الغربيّ، وغيابِ تصوّر إسلاميّ تفصيليّ يستطيع التعاملَ معها. فكان الحلّ بأنْ جرى الدمجُ بين المفهوم الإسلاميّ للحكم، ومبادئ الدولة الحديثة التي لا يمكن تجاوزُها. وهو ما أدّى إلى تبنّي نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، حيث تتّبع الدولةُ الجديدةُ كلَّ المفاهيم الحديثة التي تستند إلى فكرة الاختيار الشعبيّ، والتي على أساسها استُحدثت المؤسّساتُ الاختياريّة (رئاسة الجمهوريّة، مجلس الشورى، مجلس خبراء تشخيص مصلحة النظام، مجالس المدن، استقلاليّة الجامعات.... الخ)، بالإضافة إلى إشراف مجلس الخبراء على صحّة عمل الوليّ الفقيه. وهذا كلّه أسّس لبناء دولة ثيوقراطيّة لناحية شكلها الظاهريّ، لكنّها في واقع الأمر - ومن خلال سيرورتها الممتدّة أربعين عامًا - لم تكن سوى دولة مدنيّة حديثة، استندتْ في عمليّة التأسيس إلى عنصرين أساسيّين، هما العنصران اللذان اعتمد عليهما الشاه إسماعيل الصفويّ في بناء الدولة الصفويّة؛ عنينا: المذهب الشيعي الإثنيْ عشري، واللغة الفارسيّة.
التحدّيات في إيران، وأوجهُ التغيّر العميق والهادئ
واجهتْ إيران جملةً من التحدّيات الداخليّة والخارجيّة. من التحدّيات الداخليّة نذْكر التحدّي الاقتصاديّ. إذ لم يتمكّن النموذجُ الإسلاميّ الإيرانيّ من تقديم نموذج إسلاميّ للاقتصاد، ولم يستطع الخروجَ عن النماذج الاقتصاديّة العالميّة ذاتِ الطابع الليبيراليّ. وترافق ذلك مع ظهور طبقة جديدة من الأثرياء، أصبحتْ تشكّل تهديدًا متراكمًا لتوجّهات الدولة الإيرانيّة على الصعيد الداخليّ من خلال ما تحمله من تطلّعاتٍ يَغلب عليها طابعُ الفساد، وتشكّل امتدادًا ممكنًا لأنماط العولمة الاقتصاديّة.
كما أنّ الاستهدافَ المستمرّ والمتصاعد من قِبل منظومات النهب العالميّة قد ترك أثرًا لا يُستهان به في توجّهات شريحةٍ مؤثّرة من المجتمع الإيرانيّ، خصوصًا في ما يتعلّق بسياسات دعم قوى المقاومة في المنطقة. فقد نشأ رأيٌ عامّ ضاغط يطلب من الدولة أن تعطي المجتمعَ الإيرانيّ، قبل غيره، أولويّةَ دعمها.
ترك الاستهدافَ المستمرّ أثرًا لا يُستهان به في توجّهات شريحةٍ مؤثّرة من المجتمع الإيرانيّ
إلى هذه التحدّيات الداخليّة تضاف تحدّياتٌ خارجيّة. وهذه التحدّيات تنبع من خصوصيّة إيران، ومن موقعها الجيوسياسيّ الأخطر في قلب أوراسيا. وقد أدركت التجربةُ الإيرانيّة للإسلام السياسيّ الشيعيّ، منذ اللحظات الأولى لانتصارها، أنّها تحتاج إلى امتدادٍ في محيطها الإسلاميّ يشترك وإيّاها في "حاكميّة الإسلام للدولة،" و"يحمي" الداخلَ من التحوّل نحو النماذج الليبراليّة والعَلمانيّة المحتملة. من هنا جاء تعويلُها بشكلٍ أساسٍ على تنظيم الإخوان المسلمين، لإحداث متغيّرات داخل الدول العربيّة وتركيا، بغية تحويل أنظمتها إلى نُظم إسلاميّة. لكنْ لم يفُت إيرانَ الالتفاتُ إلى سياق تشكّل مثل هذا التنظيم، وأنّه قد تمّ في إطار الرعاية الغربيّة له - تأسيسًا ودعمًا سياسيًّا وماليًّا. وقد ارتدّ هذا الشكلُ من التعويل سلبًا على إيران، خصوصًا بعد أن استطاعت بعضُ هذه التنظيمات الوصولَ إلى السلطة في العقد الأخير.[5]
لكنْ، على الرغم من تبنّي المجتمع الإيرانيّ مشروعَ الجمهوريّة الإسلاميّة بعد الثورة، وبنسبةٍ تفوق 79%، فإنّ مساراتِ السياسات الداخليّة والخارجيّة على مدى أكثر من أربعين عامًا تعطي مدلولاتٍ لتغيّر عميق وهادئ في مفهوم "الإسلام السياسيّ" وحاكميّته، داخليًّا وخارجيًّا.
فعلى المستوى الداخليّ، يمكننا أن نلحظ تنامي الحريّات الاجتماعيّة، وعدمَ التشدّد في المظاهر الإسلاميّة (فقد غاب، مثلًا، الحجابُ الشرعيّ لدى شريحة واسعة من النساء، وحلّ محلّه "بقايا حجابٍ شكليّ"). كما يمكن أن نلحظ تنامي معظم حقول الفنون، مع ظهور أنماط حياتيّة جديدة متأثّرة إلى حدٍّ كبير بالنمط الثقافيّ الليبراليّ. وأمّا في السياسة الداخليّة، وعلى الرغم من غياب الأحزاب السياسيّة عن المشهد، فقد وُلدتْ تيّاراتٌ سياسيّة اتّسمتْ بالاختلاف الشديد فيما بينها - حول مستقبل الدولة، وسلّم أولويّات السياسة الداخليّة، ومواجهة التحدّيات والتهديدات المستمرّة. وتمْكن ملاحظةُ غياب الخطاب الدينيّ عن قواعد الاشتباك في هذا الاختلاف.
وعلى الصعيد الخارجيّ، يمكننا لحظُ تغييب الأسس الدينيّة عن السياسات المتّبعة من قِبل الدولة الإيرانيّة، كما في العلاقة مع أرمينيا في مواجهة أذربيجان الشيعيّة. بل امتدّت العلاقاتُ والتحالفاتُ السياسية لتصل دولًا في أمريكا اللاتينيّة وأفريقيا وآسيا. إنّ ما يسيطر على هذا الصعيد هو مصالحُ الدولة، وحمايتُها من التهديدات الغربيّة التي لم تتوقّف يومًا منذ تاريخ انتصار الثورة.
تجربة الإسلام السياسيّ الشيعيّ في العراق
اختلفت التجربةُ الإسلامية الشيعية العراقيّة عن التجربة الإيرانيّة من حيث التأسيس في محورين جوهريّين:
1) معارضة المرجعيّة النجفيّة لمسألة الخوض في العمل السياسيّ من منطلقات دينيّة صرفة.
2) طبيعة المجتمع العراقيّ الذي لم يغادرْ مرحلةَ البداوة،[6] إذ ما زالت تحكمه سبعَ عشرةَ هويّةً فرعيّة. وهذا ما ترك انعكاسًا صارخًا على تجربة حزب الدعوة الإسلاميّ الذي تأسّس سنة 1957. المعلوم أنّ هذا الحزب تشظّى، بعد إعدام مؤسّسه الحقيقيّ السيّد محمد باقر الصدر، إلى مجموعة من حركات الإسلام السياسيّ التي يَغْلب على سلوكيّاتها استحضارُ المصالح الضيّقة؛ ما أدّى إلى سقوطها المروّع في فخّ الاحتلال الأمريكيّ، والمساهمة في استحضاره. كما أنّها قبلت "العمليّة السياسيّة" الأمريكيّة التي شلّت العراقَ، وقبلتْ مبدأ المحاصصة السياسيّة وما ترتّب عليها من تشظٍّ للمجتمع العراقيّ، وهيمنةٍ لمنظومات الفساد على المشهد العراقيّ الداخليّ والخارجيّ. وأدّى ذلك كلّه إلى ردّات فعل مجتمعيّة أسقطتْ تجربةَ الإسلام السياسيّ الشيعيّ العراقيّ، وجعلتْ قابليّتَه للاستمرار شبهَ مستحيلة. ولم يكن "الإسلام السياسيّ الإخوانيّ" بعيدًا عن هذه النتيجة أيضًا.
حركات الإسلام السياسيّ العراقيّة يَغْلب على سلوكيّاتها استحضارُ المصالح الضيّقة
تجربة حزب الله
تختلف تجربةُ حزب الله في لبنان اختلافًا جذريًّا وجوهريًّا عن التجربتيْن الإيرانيّة والعراقيّة. ويعود هذا الاختلاف، في جزء كبير، إلى تركيبة المجتمع اللبنانيّ المتعدّد الهويّات الفرعيّة. كما يعود إلى الانقسام التقليديّ بين تيّاريْن متصارعْين: انعزاليّ يسعى إلى تحقيق مصالح جماعاته من خلال الارتباط بالسياسات الغربيّة ومشاريعها؛ وآخر ارتبط بالمشاريع المناهضة للغرب، والداعمة للمقاومة الفلسطينيّة. وضمن هذا الانقسام الكبير انزاحت القياداتُ الدينيّةُ الشيعيّة باتجاه العمل الدينيّ المناهض والمقاوم منذ العام 1918 إلى يومنا الراهن.
وعلى الرغم من الأثر الكبير للثورة الإسلاميّة الإيرانيّة في انطلاقة حزب الله، وتبنّيه "ولايةَ الفقيه،" فإنّ هناك مؤشّراتٍ متعدّدةً في مساره العامّ تؤكّد حيويّتَه ومرونتَه الواسعة في التكيّف مع الوقائع. يضاف إلى ذلك الغيابُ التدريجيّ والعميق لخطاب الإسلام السياسيّ، وحلولُ الخطاب الوطنيّ، وإنشاءُ شبكة تحالفات واسعة الطيف على المستوى الإقليميّ والدوليّ مع قوًى وشخصيّات تشترك في تحميل الغرب عامّةً - والولاياتِ المتّحدة والكيانِ الصهيونيّ على وجه الخصوص - غالبيّةَ الأزمات والكوارث واستمرارَ عمليّة النهب الدوليّة. وقد بلغ تحالفُ حزب الله مع تلك القوى والشخصيّات من القوّة حدَّ اعتبار الأمين العامّ لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، أمينًا عامًّا لحركة التحرّر العربيّة، ورمزًا بارزًا من رموز حركات التحرّر العالميّة.[7]
بالإضافة إلى ذلك تُمْكننا ملاحظةُ هذه التحوّلات على المستويات الآتية:
- بنية الخطاب داخل المجتمع الشيعيّ، بمعنى غياب خطاب الإسلام السياسيّ من الإطار المجتمعيّ، وانحسارِه ضمن الطروحات الحزبيّة الداخليّة.
- الأنماط الاجتماعيّة والثقافيّة. وهي تحوّلات تنسجم مع التحوّلات الناجمة عن الوفرة الاقتصاديّة العائدة من نتاج الهجرة نحو إفريقيا والخليج والغرب.
- المستوى الإعلاميّ المباشر، أو غير المباشر، من خلال دعم إعلام من خارج سياق الإسلام السياسيّ ولكنّه يصبّ في خدمة مواجهة المشاريع الغربيّة.
مستقبل "الإسلام السياسيّ الشيعيّ"
تختلف الرؤية إلى مستقبل التجارب الثلاث المذكورة بفعل اختلاف منطلقات كلّ تجربة وبيئتها. فعلى مستوى التجربة الإيرانيّة، من المتوقَّع أن تستمرّ التحوّلاتُ الداخليّةُ للإسلام السياسيّ داخل الحياة السياسيّة الإيرانيّة، مع استيعاب أكبر للمحيط الإقليميّ المتنوّع، ولاسيّما بعد فشل الإسلام السياسيّ الإخوانيّ والسلفيّ في تحقيق أيّ إنجاز ملموس في الوسط العربيّ.
أمّا التجربة العراقيّة فمختلفة تمامًا. ذلك لأنّها لن تتيح لكلّ أشكال الإسلام السياسيّ (الشيعيّ والسنّيّ) التحوّلَ إلى حالةٍ وطنيّة، إلّا إذا أمكنتْ إعادةُ كتابة عقد اجتماعّي جديد للعراق، ودستور جديد يركّز على قيم المواطنة - وهذا ما لا مؤشّرات على تحقّقه في الوقت الحاليّ على الأقلّ. ويبقى المَخرجُ الوحيدُ للعراق مرتبطًا بالتحوّلات الإقليمية وخروج الولايات المتحدة من المنطقة. وعليه، سوف تبقى النقمةُ على الإسلام السياسيّ هي الطاغية على المشهد العراقيّ، على الرغم من الاصطفافات الاستقطابيّة المتنافرة للقوى الإسلاميّة.
وأمّا تجربةُ حزب الله فقابلة جدًّا لاستمرار التحوّلات، خصوصًا بعد مشاركته في الحرب السوريّة، واكتشافه العمقَ السوريّ في وصفه امتدادًا طبيعيًّا له، وتحوّله إلى شريكٍ أساسٍ في الدفاع عن سوريا وحمايتِها، وتعاطيه مع شرائح سوريّة متعدّدة الأطياف ثقافيًّا ودينيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وعلى مساحةٍ واسعة. ولا يُستبعد أن يكون شريكًا سوريًّا أصيلًا في صياغة مستقبل سوريا على المستوى الاقتصاديّ والاجتماعيّ والسياسيّ. لكنّ ذلك يقتضي تحوّلَ "المسألة الإسلاميّة" إلى منظومة أخلاقيّة ذاتِ بعدٍ سياسيّ استراتيجيّ، يُسهم في صناعة السياسات، لا أسلمتها.
دمشق
[1] فرج فودة، الحقيقة الغائبة (القاهرة وباريس: دار الفكر للدراسات والنشر، ط3، 1988).
[2] دفتري فرهاد، الإسماعيليون: تاريخهم وعقائدهم، ترجمة سيف الدين القصير (بيروت: دار الساقي بالتعاون مع مركز الدراسات الإسماعيلية، ط 1، 2012).
[3] بهاء الدين محمد بن حسين الحارثي.
[4] علي بن حسين بن علي بن محمد بن عبد العالي الكركي العامليّ.
[5] كثيرةٌ هي الأمثلة في هذا الشأن. ولعلّ ما شهدته قاعةُ مؤتمر دول عدم الانحياز، في قمّتها السادسة عشر في طهران (أيلول 2012) كان الأكثر فداحة، إذ قوّض مرسي إمكانيّةَ إعادة إحياء التعاون المصريّ - الإيرانيّ في المنظمة منصرفًا إلى خطاب طائفيّ تاريخيّ لا حاجة له.
[6] علي الوردي، وعّاظ السلاطين (بغداد: دار ومكتبة دجلة والفرات، ط 1، 1954).
[7] ناهض حتّر، حسن نصر الله وقضايا التحرّر الوطنيّ (بيروت: شركة ميسلون للدراسات والإعلام، 2016).
كاتب وباحث سوريّ