... وفي السنة الثانية من صدور الآداب، وتحديدًا في العدد السادس من العام 1954، نشرت المجلّة قصيدة "أنشودة المطر" للشاعر العراقيّ بدر شاكر السيّاب.
كان نشرُ القصيدة احتفالًا من الآداب بالشاعر العراقيّ، الشابّ يومها، وبقصيدة التفعيلة التي هضمتها الآداب شكلًا من أشكال التطوير الشعريّ، يمكنه أن يستلهم من تراثٍ عربيّ نراه في الأهازيج والموشّحات، وفي الجوازات داخل التفعيلات الكلاسيكيّة.
لكنّ الاحتفاء الأهمّ كان بالقصيدة ذاتها، التي أعاد السيّابُ نشرَها في ديوان سمّاه باسمها، على الرغم من احتوائه قصائدَ تُعتبر من أمّهات الشعر الحديث. هي قصيدة الحياة المنقوصة التي ابتُلينا بها، في ظلّ نموٍّ طبيعيّ ضربه الاستعمارُ المباشر (وبالوكالة).
"مطر
مطر
مطر
وفي العراق جوع..."
هذا هو التناقض الأساس الذي تعيشه مجتمعاتنا العربيّة. فالمشكلة ليست في الوفرة، بل في الأولويّات المشوّهة التي تقرّها العصاباتُ الحاكمة؛ حيث لا يردّد صراخَنا سوى الصدى.
بعد أكثر من أربعين سنة، ما زال ألمُ القصيدة طازجًا، وما زال أطفالُ العراق يبحثون عن خططٍ للبقاء على قيد الحياة، لا عن حياةٍ جميلةٍ يستحقّونها ككلّ أطفال العالم.