بيروت
17-09-2016

 

خفقةٌ في الروحِ،

أغنيةٌ من الأزهارِ،

ضَمّةُ عاشقيْنِ تواعدا بيروت.

شهقةُ نسمةٍ جمحَ الهواءُ بخفّةٍ...

لتمُرَّ في جسدِ النهار على يديه

وتستريحَ على تنهّدِ فتنةِ امرأةٍ

تمرُّ على طريقِ البحر

تأسرهُ وتمضي.

يركض الزبدُ الخفيفُ على الرمال

ملاحقًا قدميْنِ نورسَتَيْنِ قد نأتا،

ويلهثُ عائدًا للموج منتثِرًا

على جسد المرافئ والمراكبِ والظلال.

صهيلُ حُلمَيْن،

اشتهاءٌ قاتلٌ في شرفتيْن،

وشهدُ بنتٍ تنثني حتّى تُروِّضَ في مرايا عريِها الليليِّ عاصفةً

تُخبَّأ في كرومِ شهيقِها خلف الدوال.

حفيفُ أشجارٍ تَعانَقَ عاشقون بظلّها

ومضوْا إلى الذكرى... يُسِرُّ إلى اخضرار العشبِ منفلتًا بما همسوا به

وكأنّما يتعاهدون على الغياب!

نثارُ أزهارٍ يُزنِّر شرفةً بحريّةً ترنو لشهقةِ نَغمةٍ

مِن نَأيِ خصرٍ لاحَ عريُ حريرهِ

ليُشرِّدَ الرائين في قيظ الرمال.

فراشةٌ تنأى الظلالُ عن ارتعاشِ جناحِها بيروتُ،

أنّةُ نجمةٍ يغفو سناها فوق هذا البحرِ

يوجعُها انطفاءُ شعاعِها الورديّ

إنْ مرّ النهارُ على ابتسامتها فآذنَ بالزوال.

مسافةٌ للحُلم،

للمارّينَ فوق غياب هذي الأرضِ،

بوحُ العابرين على المرافئ،

آخرُ اللغةِ القصيّة،

غمغماتُ الفجرِ من خلف التلال،

وزهرةٌ حجريّةٌ ترنو إلى التاريخ باسمةً وتبتكرُ الملاحمَ.

ملءُ ملحِ البحر

هذا البحرُ؛

ينكسرُ الغزاةُ على اصطخاب مياهه

وتغادرُ السفنُ المغيرةُ وهمَها

إنْ لاحَ وجهُ مدينةٍ صمدتْ بوجهِ الموتِ ساخرةً

تطولُ ولا تُطال.

أمِنْ بقايا صخرةٍ في البحر ينبعث النشيدُ مُقاوِمًا عدمًا 

وتولَد من سماءِ أُلوهةٍ أُولى أغاني الفجرِ  

من حرّيّةٍ نزفَت على أعتاب مذبحِها...

لترنو للمُحال؟!

كأنّها بيروتُ آخرةُ الرمادِ...

كأنّ هذا الصحوَ يُعرفُ باسمِها

تمضي البلادُ إلى كهولتِها

ويبعثُها الربيعُ: بنفسجَ امرأةٍ تٌبرعمُ في بذارِ الأرضِ فتنتُها

وتَعْبُر في اختيال.

تُسوِّر الأزهارُ مرمرَها وتاريخًا يحيِّر عاشقيها.

وحدها تسبي إجابات الوجود..

ووحدها ظلُّ السؤال.

 

الروشة، بيروت

حمزة قنّاوي

شاعر وكاتب مصريّ. محاضر بجامعة الجزيرة، كليّة الإعلام، دبي. من أعماله: الأسئلة العطشى (2001)، وأكذوبة السعادة المغادرة (2003)، وأغنيات الخريف الأخيرة (2004)، وبحّار النبوءة الزرقاء (2006)، وقصائد لها (2007).وفي الرواية/سيرة ذاتيّة: المثقفون (2009)، من أوراق شاب مصري (2012).