جوهرُ السطح: عن ترامب وبايدن والتبديد المؤسّساتي للزخم الراديكالي
26-11-2020

 

شهد يومُ السبت، السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، مشاهدَ احتفاليّةً واسعةً في جميع أنحاء الولايات المتحدة ما إنْ نال جو بايْدن وكامالا هاريس الأصواتَ الانتخابيّةَ الـ 270 اللازمةَ للفوز في الانتخابات الرئاسيّة.[1] ولكنّ السنواتِ الأربعَ الماضيةَ تذكّر الولاياتِ المتحدة، وبقيّةَ العالم، بأنّ الأمورَ نادرًا ما تكون بالبساطة التي تبدو عليه. فعلى الرغم من وضوح فوز بايدن/هاريس، فإنّ ترامب يبدو عازمًا على مواصلة المزاعم القائلة بحصول تزويرٍ في الانتخابات، مدَّعيًا شكاوى لا أساسَ لها تقول إنّ عددًا من الأصوات "غيرِِ القانونيّة" قد قَلَبت النتائجَ لصالح بايدن؛ وهذا تكتيكٌ يَنْثر بذورَ الانقسام داخل حزبه الجمهوريّ نفسِه.[2]

ولكنْ أيًّا كان مآلُ هذا التطوّر الأخير، فعلى الأمور أن تهدأ، وعلينا - بدورنا - أن نُعِدَّ أنفسَنا لِما قد تَحْمله السنواتُ المقبلة (2020-2024). وهذا الإعدادُ يستوجب سعيًا إلى مقاومة "سطح الأحداث،" الذي يبدو فوضويًّا، من أجل سبرِ جوهرِه الاجتماعيِّ والسياسيّ. وهنا، سيكون مفيدًا على نحوٍ خاصٍّ إطارُ العمل الذي طرحتْه ناعومي كلاين من أجل تأمّل التصرّفات البلْهاء لإدارة ترامب؛ وهي تصرّفاتٌ تتماشى مع عمليّةٍ أوسعَ لاستثمار "صدماتٍ" مختلفةٍ بهدف ضمان برامجَ سلطويّةٍ لا تَدْعم المجتمع، جرَت صياغتُها لصالح أغنى الفاعلين السياسيّين وأقواهم.[3] فكلاين تحذِّر من وجود مجموعةٍ من النُّخَب، تحت سطح "الصدمة،" تخطِّط لاستغلال هلع الفئاتِ الأضعف بغيةَ إلباس السيطرةِ والحرمانِ زيَّ "الراحة" و"الدعم،" نتيجةً لهندسةٍ اجتماعيّةٍ خطيرة. وكلّما خلطْنا بين الأسطحِ والجوهر، وبين الدائمِ وغيرِ المسبوق، قلّ استعدادُنا لفهم الأسباب البنيويّة لعددٍ من أخطر القضايا الاجتماعيّة-السياسيّة التي نواجهها حاليًّا.

لا يُمْكننا توقّعُ ما ستحمله إلينا الأعوامُ 2020-2024 قبل أن نفكّكَ ما حدث أوّلًا في الفترة 2016- 2020. ويجب أن يتضمّنَ هذا التفكيكُ تصميمًا واضحًا على النظر في ما وراء سطح السرديّات التي قدّمتْها إلينا المؤسّساتُ الثقافيّةُ المكرَّسةُ الحاكمة -- حتى في اللحظات التي تبدو فيها هذه السرديّاتُ "معارضةً" للوضع الراهن. بعبارةٍ أخرى، تتطلّب هذه العمليّةُ فهمَ جوهر السطح، والتعاملَ مع كلِّ ما يَكْمن تحت ضجيجِ المشهد السياسيّ وصخبِه.

الواقع أنّ كلماتٍ قليلةً تبدو أكثرَ ملاءمةً من كلمة "المشهد" (spectacle) لإدراكِ ما تكشّفتْ عنه الأحداثُ منذ العام 2016. إذ يبدو أنّ أربعَ سنواتٍ من إدارة ترامب قد أفلحتْ في ضمان إجماعٍ ليبراليّ على أنّ "دونالد ترامب فاشيّ،" وعلى أنّنا "نواجِه الديمقراطيّةَ في مقابل الفاشيّة،" بحسب تعبير الممثّل الكوميديّ والمعلِّق السياسيّ ستيفن كولبرت.[4] بالطبع، لا أقصدُ إنكارَ الطابع الاستبداديّ لتحرّكات ترامب السياسيّة، وأتّفقُ في النهاية مع الباحث جيْسون ستانلي في أنّ الجدلَ حول ملاءمة (أو عدم ملاءمة) ترامب لتعريفٍ أكاديميٍّ لـ"الفاشيّة" أقلُّ أهمّيّةً من التنبّه إلى الطُرق التي "يمارِس فيها ترامب الفاشيّةَ" من خلال استعراضاته ومواقفِه السياسيّة.[5]

ومع ذلك، فإنّ سرديّة "الديمقراطيّة في مقابل الفاشيّة" هي سرديّةٌ محدَّدةٌ ومحدِّدة. وحدودُها ليست نتيجةً للسهو فحسب، بل هي تَخْدم غرضًا استراتيجيًّا أيضًا. فسرديّةُ "الديمقراطيّة في مقابل الفاشيّة" تضع الديمقراطيّين، بقيادة جو بايْدن وكمالا هاريس (وافتراضًا بعضَ الجمهوريّين المنشقّين المحترمين)، في صفّ "الديمقراطيّة،" في حين تضع دونالد ترامب في صفّ "الفاشيّة." وهكذا يصبح الديموقراطيّون "منقِذين" لعجلة التقدّمِ السياسيِّ الأمريكيّ والحريّةِ والتحرّر، في حين يجسِّد دونالد ترامب الكارتونيُّ الشرّيرُ جميعَ القوى التي تعمل على إثارة العنصريّة والإخضاعِ والقمع!

هذه الثنائيّة ذاتُ البعديْن تؤدّي إلى شعاراتيّةٍ سطحيّة، لكنّها تتجاهل عامليْن مهمّيْن كان لهما دورٌ حاسمٌ في السنوات الأربع الماضية: أ) الانتهازيّة المُخْزية للديمقراطيّين الوسطيّين المتوافقين مع سياسات المجمّع العسكريّ الصناعيّ، الذين يحاولون صدَّ التيّاراتِ الأكثر تقدّميّةً داخل الحزب الديمقراطيّ، وب) الانزياح العضويَ للسياسات الحزبيّة الأمريكيّة نحو اليمين بعد تولّي إدارة رونالد ريغان الحكمَ.

في العام 2016، وجّه الحزبُ الديمقراطيُّ جهدَه نحو تشويه سمعة حمْلة بيرني ساندرز، سناتور فيرمونت الاشتراكيّ الديمقراطيّ، ووَضَع كاملَ ثقته في حمْلة هيلاري كلينتون - وهي حملةٌ باهتةٌ متأصِّلةٌ في الافتراض المتغطرس بأنّ الناخبين سيختارون، ببساطة، أيَّ شخصٍ غير دونالد ترامب.[6][7] وما هي الأولويّةُ القصوى لأعضاء الحزب الديمقراطيّ المنتمين إلى المؤسّسة (الإستابليشمنت)؟ إنّها الحفاظُ، بأيّ ثمن، على قبضتهم الخانقة على الاتّجاه الليبراليّ-الوسطيّ في حزبهم. ولقد أوحى العامُ 2016، أصلًا، أنّ أعضاء هذا الحزب أكثرُ قلقًا على انحراف حزبهم نحو اليسار من إدارة ترامب نفسِها. وتجريبُهم التكتيكاتِ نفسَها، تقريبًا، في العام 2020 يؤكّد ذلك. فإذا كان العام 2016 مقامرةً جزئيّةً، فإنّ العام 2020 كان استراتيجيّةً قاسيةً:

شغِّلْ مرشَّحًا آخرَ، باهتَ المستوى، لا يُزعج أيَّ مؤسّسةٍ (إستابليشمنت) حين يشعر الناخبون بالذعر والصدمة جرّاء أربع سنوات من سياسات الصدمة الترامبيّة. فإذا لم يصابوا بصدمةٍ كافيةٍ عند تلقّي هذه الرسالة، فربّما سيفهمون التهديدَ حقًّا بعد أربع سنواتٍ أخرى، وعندها سيجري تشغيلُ وسيطٍ ليبراليٍّ باهتٍ آخر، وسيكون من المؤكَّد أنّ الناس سيتدفّقون إلى تأييده بدافعِ اليأس.

والحال أنّ الناخبين كانوا على درايةٍ بأنّ هذا هو النهجُ السائدُ المتّبَع، كما يقول الملصقُ الشهيرُ على الإنترنت: "حسنًا. [سننتخبُ] بايدن. لكنّ الأمر [كلَّه] هراء."[8] أو، كما أوضح أحدُ الناخبين الأمريكيين: "أنا لا أكرهُ [بايدن]. أنا أحبُّه. لكنْ كما تعلم، أعتقدُ أنّ الأمرَ غريب. الجميع لا ينفكُّ يسألُني: هل يتعلّق الأمرُ بـ[تأييدِكَ] لبايْدن أكثرَ ممّا يتعلّق بـ[رفضِكَ] لترامب؟ أعتقد أنّ الأمر أقربُ إلى رفضي لترامب."[9]

بالطبع، أصبحتْ عبارةُ "[بايدن] أهونُ الشرّيْن" لازمةً مألوفةً جدًّا للكثيرين في العام 2020، وقد تصبح هذه الانتخاباتُ هي النموذجَ لتسويغ هذه العبارة وتبريرها. في بعض الأحيان، استُخدمت العبارةُ هراوةً لفظيّةً لتعيير أفرادٍ يُضْمرون أفكارًا عن احتمالٍ آخر [غير بايْدن وترامب] من خارج الحدود الهزيلة التي فرضتْها الإستابليشمنت السياسيّةُ حين يحين أوانُ التدفّق إلى صناديق الاقتراع. وفي حالاتٍ أخرى، كانت تلك هي العبارةَ التي تمتم بها الكثيرون لأنفسِهم عند الإدلاء بأصواتِهم لصالح مرشَّحٍ [هو بايدن] جرى توظيفُ شخصيته "غيرِ المميّزة" في وجه مَن خفض معاييرَ الرئاسة بأدائه الذي بلغ الحضيض [المقصود ترامب].

لكنّ هذا الشعور بالمستوى الباهت للمرشَّحين ليس فقط مستوطِنًا في المذاق السيّئ الذي تركه العامُ 2020 في أفواهٍ كثيرةٍ، وإنّما هو أساسٌ لعمل السياسات الانتخابيّة للإستابليشمنت في دولةٍ رأسماليّةٍ-سجنيّة (carceral). وفي الوقت الذي نزل فيه المتظاهرون إلى الشوارع للتشديد على أنّ "حياةَ السود مهمّة،" وللدعوة إلى وقف تمويل الشرطة، فإنّ الإنذار النهائيّ "إمّا الفاشيّون وإمّا الديموقراطيون" (وهو اختلافٌ طفيفٌ عن "الاختيار" الذي قُدِّم إلى الناخبين في العام 2016) إنّما هو هو محاولةٌ لتبديد الطاقة الراديكاليّة، ولإعادةِ توجيهها واحتوائها ضمن الحدود الضيّقة لنظامٍ اجتماعيٍّ غير مساواتيّ قائم.

سنة 1973، كتب جان بول سارتر عن التصويت في مقالٍ وصفَ فيه الانتخاباتِ بأنّها "فخٌّ للحَمقى." كانت حجّةُ سارتر أنّ الدولةَ البرجوازيّة تعمل على استلاب الأفراد [أو تغريبِهم عن أنفسهم] من خلال مراحلَ مختلفةٍ من الانتماء والحرْفنة (professionalization) – بحيث تُحدَّدُ هويّةُ الفرد من خلال وضعه الاجتماعيّ والمهنيّ، إلى درجةِ أنّ يصبحَ "آخرَ" بالنسبة إلى نفسِه ذاتِها.[10] سلسلةُ الانقسامات التي تفْصل المرءَ عن نفسه تؤدّي إلى تجزيء الذات الواحدة إلى حلقات (serialization). لذا، عندما يذهب المرءُ إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته، فإنّه يؤكّد سلطةَ الدولة في تعريفه كأجزاءٍ من سلسلةٍ تابعةٍ لها، ويقايض السلطةَ الشرعيّةَ الحقيقيّة بسلطةِ مؤسّساتٍ لا تكفّ عن "مَعْيرة" (calibrate) الاغترابِ [أو الاستلاب] الاجتماعيّ. والحال أنّ القوّة الحقيقيّة ، أو "القوّة الشرعيّة،" تأتي من العمل الذي يجري من خارج الساحة السياسيّة [التقليديّة] السائدة، أيْ من خلال الإضرابات والمظاهرات وإجراءات الناشطين المختلفة الأخرى.[11]

بالطبع ينبغي ألّا نعتبرَ الولايات المتحدة سنة 2020 وكأنّها تساوي فرنسا سنة 1973. لكنّ التناقضات التي يقترحها سارتر مفيدةٌ للنظر في العلاقة القطبيّة التي باتت تتشبّثُ بها السياساتُ الانتخابيّةُ حيال الهبّات [أو الانتفاضات] الجذريّة. والرسالة التي تفيد بأنّ سلطةَ الناس هي التي تغيِّر المسارَ السياسيّ في نهاية المطاف إنّما هي رسالةٌ مهمّةٌ ومشجِّعة، وعلينا أن نرسِّخَها في أذهاننا، خصوصًا في ضوء الظروف الاجتماعيّة-السياسيّة الحاليّة. فمع إدلاء الكثيرين بأصواتهم على مضض لبايْدن، لمجرّد ضمان خروج ترامب من منصبه، فإنّ من الواضح أنّ هناك وعيًا جماعيًّا بأوجه القُصور في التيّار السائد في الحزب الديمقراطيّ. وستتطلّب السنواتُ القليلةُ القادمةُ البقاءَ على درايةٍ بما قد يفعله هذا الحزبُ للحفاظ على الستاتسكو الراهن إلى حدٍّ كبير، مع تظاهره بإحداث "تغييرٍ جوهريّ."

"جوهرُ السطح" (the substance of surface) هو شعارٌ مناسبٌ للنظر في "التصحيح" الليبراليّ للترامبيّة؛ ذلك لأنّ ليبراليّةَ التيّار السائد في الحزب الديمقراطيّ لا تقاوم الترامبيّةَ إلّا على مستوى السطح. بل إنّ هذا السطحَ التضليليّ [التحريفيّ] يغدو أرقَّ فأرقَّ. فبعد أن تبنّى الحزبُ الديمقراطيّ "الحقوقَ المدنيّةَ،" بنى رونالد ريغان لاحقًا شخصيّةً سياسيّةً ورئاسيّةً على أساس مهاجمة الحمايات والسياسات الفيدراليّة الموجَّهة إلى مكافحة الفصل العنصريّ والحرمان الاقتصاديّ، مستخدمًا خطابًا رجعيًّا مثل "حقوق الدولة." هذا الأمرُ راق للناخبين الذين رفضوا استثمارَ الحزب الديمقراطيّ في أنشطة "الحقوق المدنيّة." فما لبث هذا الحزبُ أن غيّر مسارَه، وأعاد توجيهَ طاقاتِه نحو اقتناص بعض الناخبين المنشقّين، عن طريق تحويل نفسِه إلى حزبٍ يتبنّى التشديدَ - عن طريق اللغو الخطابيّ - على محاربة الجريمة؛ وهي ديناميكيّةٌ تَظْهر بشكلٍ كاملٍ ومؤلمٍ اليوم.[12] 

كان الرئيسُ المنتخَب جو بايدن في الواقع شخصيّةً رئيسةً في الجيل السياسيّ من السياسيّين الذين يصفهم ديفيد شتاين بـ"الديمقراطيّين الجدد" الذين شجّعوا ونفّذوا، بشكلٍ متزايد، سياساتٍ عقابيّةً من شأنها أن تدشِّن اليوم حقبةً من الاعتقال الجماعيّ العنصريّ.[13] في هذه الأثناء، كان عملُ كامالا هاريس - كمدّعيةٍ عامّةٍ لمدينة سان فرانسيسكو ولاحقًا كمحاميةٍ لولاية كاليفورنيا - يشمل عددًا من حالات الإدانة الخاطئة والمساعَدة في سنّ قانونٍ يَسْجن الأهلَ إنْ تسرّب أطفالُهم من المدرسة.[14] بايد-هاريس زوْجٌ غريبٌ لا يُتوقَّعُ منه أن يجابهَ قوّاتِ الشرطة العنصريّة العنيفة التي "لا يمكن أن تُمَسّ،" والتي واجهتها الاحتجاجاتُ منذ شهور. وهذا، بالطبع، يساعد في تفسير خوف الاتجاه السائد في الحزب الديمقراطي من شخصيّةٍ مثل بيرني ساندرز بما يَفُوق خوفَه من شخصٍ كدونالد ترامب، الذي يَمنح الديمقراطيّين القدرةَ على تقديم المزيد من الشيء نفسِه ولكنْ بكلماتٍ وديّةٍ ألطف، في حين أنّ أنصار ساندرز يطالِبون بإعادة صياغةٍ جوهريّةٍ للظروف السياسيّة التي تحافظ على أرزاق التيّار السائد في الحزب الديموقراطيّ.

لكي تَفهموا حقًّا كيف ستحاول إدارةُ بايْدن-هاريس تنفيذَ تعديلاتٍ تجميليّةٍ بدلًا من تغييرٍ جوهريّ، فكّروا في قضيّة فلسطين. كتبتْ سُميّة عوض وهاداس تيير أنّ نمطَ السياسة الترامبيّة المؤيِّدة لإسرائيل أدّى إلى تآكلٍ فعّالٍ في دعم الحزبيْن، الجمهوريّ والديمقراطيّ معًا، لـ"إسرائيل"؛ والسبب هو أنّ تلك السياسة عزّزت اليمينَ الإسرائيليَّ المتطرّف، ورسّخت الدعمَ الإسرائيليَّ المتواصل لمواقف ترامب القوميّة [الاستعلائيّة] البيضاء. وهنا يكمن خطرُ إدارة بايْدن-هاريس في هذا المجال: فمن المرجَّح أن يحاول بايدن وهاريس، وكلاهما من المؤيِّدين الفخورين لـ"إسرائيل،" إعادةَ "تعليب" [أو صياغة] الدعم الأمريكيّ المستمرّ للاستعمار الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة، لكنْ بموجب موافقة الحزبيْن معًا [لا ترامب وحده].[15] فقد زعمتْ هاريس أنّ إدارتَها ستعيد المساعدةَ الاقتصاديّةَ إلى الفلسطينيّين، وأنها ستعيد فتحَ مكتب منظّمة التحرير الفلسطينيّة في واشنطن.[16] لكنّ مثلَ هذه الإيماءات قد تكون بمثابة قناعٍ لاستمرار المساعدة غير المشروطة لـ"إسرائيل،" ولقبول التوسّع الاستيطانيّ المتواصل.

الواقع أنّ الحزبَ الديمقراطيّ اختار الاستفادةَ من ترامب بطريقةٍ تُقدّم أجندةَ مؤسَّسةِ هذا الحزب بديلًا ضروريًّا ووحيدًا. لا سببَ لدى هذا الحزب لتغيير أجندته الآن، ولا سببَ لدينا نحن كي نتوقّعَ منه أن يغيّرَ موقفَه رأسًا على عقب، وبمحض إرادته. ما حدث في صناديق الاقتراع ليس نهايةَ القصة. هذه النهاية ستكون في الشارع - وهو المكانُ الذي سيَشْهد بدايةَ مستقبلٍ عادلٍ أيضًا.

سان دييغو (كاليفورنيا)

 


[11]Ibid.

عمر زعزع

 شاعر وكاتب وعضو في "حركة الشباب الفلسطينيّ".(PYM) تبحث كتاباتُه السياسيّة، وأطروحةُ الدكتوراه التي قدّمها، في كيفيّة استخدام الشعوب الخاضعة للعنصريّة والكولونياليّة وسائلَ خلّاقةً لمقاومة مشاريع الدولة في المراقبة والتحكّم البوليسيّ.

ناي إدريس

وُلدتْ في بيروت سنة 1998. نالت شهادةَ البكالوريوس في الأدب المقارن وعلم الإنسان من جامعة كولومبيا في نيويورك.