أَستعيدُ قيثارتي القديمةَ بغُبارِها،
ورائحةَ تِبغِكَ المُختمِرة.
أُبْحرُ في قوافي الهذيانِ العاري
إلّا من صوتِكَ،
وأُسدل الخمائلَ
إلّا من الشرفةِ التي وقفَتْ عليها
آخرُ قشعريرةٍ ارتدَتْها عيناكَ
على مَرأًى من قُبّرةٍ وليدةٍ
استَرقَتْ إلينا حين صلاةٍ،
واستوطنَتني.
***
ذاتَ ثُمالةٍ أَلمَّت بي
أتسلَّلُ خلسةً
على سلَّمِ اللحُون
وأذوبُ بين التقاسيم؛
فلا أمتلكُ الانعتاق
ولا يتملَّكني التوحُّد؛
وأصمدُ في حَيرةٍ
أتأرجحُ بين كأسيْن:
انعتاقٍ وتوحُّد!
***
أتعلّقُ في مداراتِ التصوّف
أتدلّى بين الأهازيج
وأروحُ أردّدُكَ وأردُّكَ
وأعبُّ كلَّ الاجترارات
انعتاقًا تلوَ انعتاق.
وفي صيرورةِ التوحُّد
يبطلُ التيمُّم،
ومثلَه الانعتاقُ:
كلاهما باطلٌ إلّا مِنك
وأهلُ الانعتاق أَدرى
بشِعابِ التوحُّد.
***
ناياتي المُتربّصةُ بالأُفول
تجوبُ عُبابَ تبّانتي المتأهّبةِ
على نواصي الكَرمةِ:
تختالُ تارةً وتتراجعُ
حين عاصفةٍ نشوى؛
لا تلوي على فِكاك،
حبلى بأهزوجةٍ ذاتَ خريف
ريثما يمتزجُ الطينُ الناضجُ
بماءِ المطر
ونكهةِ الهواءِ المُتقطِّر ــــ
قَطْرَ الهُويْنى ــــ
من ثنايا جسدٍ عارٍ
لشجرةٍ تضمُّ أغصانَها
استحياءً في حضرةِ القمر
وهيبةً أمام قامة الشمس.
***
ثمّةَ كمانٌ يغفو في زاوية المقعدِ
سَنكملُ تبتُّلَنا عند نواصيه،
ثمّ نوقظُ هدبَيْه ذاتَ تشهُّد
بينما تذوبُ قوافينا معًا
وتُوحِّدها مقطوعةٌ قصيرةٌ لم تتشذّب
تقصُّ عمّا اختمرَ
في دُرجٍ خشبيٍّ يدُهُ مكسورة
يتحيّن ليُطلَّ بجذوتِه عن كثب
ويملأُ رئتيهِ بشهيقٍ يزدحمُ فيه
الطيُّونُ بالبيلَسان
في أكنافِ زهر اللّيمون
لكنّهُ مازال في الجرار يتعتّق!
القاهرة