لا يوجد قانون دوليّ ولا شرعيّة دوليّة. لا تضامن، ولا شراكة كفاحيّة، مع سكّان كوكب غزّة الفضائيّين في مواجهة ضحايا الغول النازيّ الأوروبيّ. مخلوقات غزّة الفضائيّة لا تشبه الجنوبأفارقة السودَ، ولا الأمريكانَ من أصلٍ أفريقيّ، ولا تنطبق عليهم مبادئُ حقوق الحيوان! دمُهم غريبُ اللون، لغتُهم غيرُ مفهومة، بكاءُ صغارهم مزعج.
باختصار، هم لا شيء. جزءٌ من العدم أو اللاوعي السياسيّ الغربيّ المليء بمخلوقاتٍ فضائيّةٍ غريبة. غولدا مئير فهمت المعادلةَ منذ البداية حين قالت: "ليس الأمر أنّه كان ثمّة شعبٌ فلسطينيٌّ في فلسطين ثمّ جئنا ورميناهم خارجًا وأخذنا بلدَهم منهم. فهم لم يوجَدوا [أصلًا]!"[1]
فلتُضربْ غزّةُ بقوّة، إذًا! فليُقتلْ أطفالُها ونساؤها "غيرُ الموجودين" أصلًا. فلتدمَّرْ بنيتُها التحتيّةُ بالكامل. ولينتشرْ فيروسُ الكورونا ليُكملَ المهمّة! لقد اختارنا اللهُ، نحن دون غيرنا، لنكونَ كلمتَه على الأرض. ومنحَنا بياضَ البشرة، وذكاءَ آينشتاين، وجمالَ هيلين. مهمّتُنا المقدّسة: حمايةُ كوكب الأرض من غزو الغزّيّين. ذلك ما يفهمه كلُّ رئيس أمريكيّ، وكلُّ رئيس وزراء بريطانيّ، وكلُّ مستشارةٍ ألمانيّة.
فلتذهبْ غزّة إلى الجحيم، إذًا. وسنَضمن ألّا يَذرف سياسيٌّ واحدٌ دمعةً على طفلة غير موجودة أصلًا -- وإنْ وجدت فإنّ لحمَها قد أصبح حلالًا (كوشير) لا يزعج أكلُه رئيسَ الولايات المتحدة ولا نائبتَه "التقدّميّة."
أيّها المخلوقُ الفضائيّ البشع، المعادي لكلّ قيم الحضارة الغربيّة الديمقراطيّة، إنّ الكرةَ الأرضية ليست في حاجةٍ إليك. وما نفعلُه ليس إلّا حمايةَ العالم منك!
وعليه، أيّها الغزّيّ/الفلسطينيّ، لم يتبقَّ لك سوى الاستسلام والقبول برتبة الصرصار الذي نسحقُه بلا أيّ مقاومة. لا تئنّ. لا تقاومْ. لا تقاطعْ. لم يتبقَّ لك إلّا الموتُ بذلّ. وذلك سنتكرّم بمنحك إيّاه بسرعة، بعد أن تتخلّصَ من أساطيرك "المعاديةِ للساميّة" -- من حريّةٍ وعودةٍ ومساواة. فهذه خُلقت لبني البشر، لا لكَ. لا غسّانُكَ، ولا درويشُكَ، ولا ناجيك، ولا سعيدُك، يستطيعون أن يحموكَ من قدَرِك الحتميّ.
لم يبقَّ لك إلّا أن تتبخّرَ بين ليلةٍ وضحاها. هذا هو هدفُ "مهمّتنا الحضاريّة"!mission civilisatrice משימתתרבויות
(ملاحظة : كُتبتْ هذه التدوينة ليلةَ ارتكاب مجزرة شارع الوحدة في غزّة في 16 أيّار/مايو 2021).
عضو "الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة لإسرائيل." مستشار سياساتيّ في "شبكة السياسات الفلسطينيّة" (الشبكة). أستاذ جامعيّ في جامعة الأقصى، غزة. مؤلّف كتاب:
Worlding (post) Modernism: Interpretive Possibilities of Critical Theory