ذخائر رطبة
طاولة
ونبضٌ يبحثُ عن قلبِه،
وعند الباب صُنبورُ ماءٍ
لم يفتحْه أحدٌ منذُ ثلاثينَ قرنًا،
وأنا أحيا كسيجارةِ جدّي الأخيرة.
أنظرُ إلى السماء:
كلُّ العصافيرِ تطيرُ بلا أجنحة.
أنظرُ إلى الجدران:
كلُّ الساعاتِ تمشي دونَ عقارب.
وفي الشوارعِ اللزجَة،
تتهادى النساءُ كغيومِ الربيعِ الناعسة.
وحبيبتي، في كلِّ لحظةٍ هنا،
تجلسُ في عينيَّ،
وتربط شعرَها الحزينَ
بقائمِ سريرٍ بعيد،
نسيهُ الصّمتُ بينَ الجبال
في منتصفِ طريقٍ وعرة؛
هناكَ أمامَ مغارةٍ
حيث لا شيءَ سوى الريح،
وصخرةٍ يغطّي الثلجُ خدَّها الشماليّ،
يستريحُ بقربِها مُهرّبٌ عجوز،
وحِمارُهُ الأعور
يحملُ صندوقينِ من الذخائرِ الرّطبة.
قافلةُ العطش
أعطِني قطرةَ ماءٍ
كي أُغرقَ العالم؛
سيلًا من الجواميسِ
لأفهمَ الهدير؛
فأنا ريحٌ
في صندوقٍ مغلق،
ورموشي أرائكُ للركامْ،
لغبارِ الأسنانِ المطحونة؛
وما بين شفتيَّ
خيوطُ حديدٍ،
ينسُجها عنكبوتٌ خائف،
يَخنقُ ضحكةَ طفلٍ يشيخ
في حضنِ أمّهِ،
يغسلُ بموجِ البحرِ جُرحَ السماء،
وينتظرُ
أن يبعثَ الصّحراءَ
شكًّا في قافلةٍ عربيةٍ
تسافرُ في وجهِ قصيدةٍ،
علّه يُشفيها...
من فرطٍ مُزمنٍ بهلوسةِ المطرْ.
دمشق