كان لهزيمة حزيران 1967 دويٌّ عالٍ في الآداب، وهي مجلّةُ المشروع القوميّ المتمثّل في عبد الناصر يومها. فكان عددُها السابع والثامن من ذلك العام تحت عنوان طريقُنا الجديد.
يبدو عنوانُ العدد وكأنّه استوعب مجرياتِ الهزيمة وقرّر عدمَ الاكتفاء بتوصيفها، بل العمل أيضًا على دحض مفاعيلها والتأسيسِ لمستقبل منتصر. ومن نصوص هذا العدد ثلاثة:
هوامش... على دفتر النكسة لنزار قبّاني، وبيان 5 حزيران 1967 لأدونيس، وطريقنا... إلى تغيير الإنسان العربيّ للشهيد حسين مروّة.
يمكن أن نرى في هذه النصوص خيطًا ناظمًا هو لومُ الذات ــــــــ لا جَلدُها ــــــــ على قلّة الاستعداد للمعركة، وعلى تراجُع المشروع "الحضاري" الديمقراطيّ المؤسّس للانتصار. يقول نزار: "بالناي والمزمار...لا يحدث انتصار"؛ ويكتب أدونيس: "...ليست المسألة أن تتغيّر هذه الحياة، أي المجتمع ومؤسّساته، بقدرِ ما هي أن يتغيّر الإنسانُ العربيّ. من هنا وحسب، تبدأ أهميّةُ العلم والتقنيّة وتغيير الحياة العربيّة." أمّا حسين مروّة فيكتب شيئًا حذفته المراقبة الرسميّة اللبنانيّة، إذ نجد فقرة كاملةً بيضاء في مقاله تتوسّطها كلمة "مراقبة" المكرّرة؛ إلّا أنّه لا يتوقّف عند موضوعة التقدّم العلميّ وحده، بل يحيل الأمر على قضيّة أكبر يناقشها في مقاله:
"يومَ يتاح لنا أن نقرأ تاريخَ هذه التجربة القاسية بتفاصيلها وأخطائها سنعرف أنّ هذه الجيوش لم تنهزمْ لنقصٍ في شجاعة جنودها وضبّاطها، أو في روحهم المعنويّة، أو في حرارة حماستهم للقضيّة التي يدافعون عنها، أو في رسوخ روح المسؤوليّة فيهم أمام معركة المصير التي يخوضونها... سنعرف أنّ شيئًا آخر غيرَ كلّ ذلك يكمن وراء الهزيمة بالشكل الذي حدثتْ به... ومن العسير أن يتّضح لنا هذا "الشيءُ الآخرُ" إذا لم نرجعْ إلى طبيعة القضيّة نفسها التي تدور عليها معركتُنا العربيّة في الأساس، وليست قضيّة فلسطين ذاتها إلّا جزءًا منها..."
***
العدد بأكمله يستحقّ القراءة، لكنّ النصوص هذه ضروريّة بشكل خاصّ، ولا سيّما مع مرور الذكرى العاشرة لحرب تمّوز 2006 في لبنان، حيث ظهر بوضوحٍ أنّ المقاتل العربيّ يمكن أن يتفوّق وأن ينتصر على عدوّه عندما يتآلف مع أدواته "الغربيّة،" ويطوّعها، ويُدخل عليها ما يلائم أرضَه وتاريخَه وقضيّته. ولكنّ هذا مبحث آخر.
يسري الأمير