قصة قصيرة

  لعبة الملائكة   باغتني سؤاله فجأةً، فور استيقاظه : ــ بابا، هل جرّبت الطيران أو ساعدك أحدٌ عليه؟ هزّني السؤال، وبعث فيّ آثارًا وذكرى طفل غادرتني. قلت: ــ نعم، وأنا صغيرٌ كنت أحلّق وأطير كثيرًا في جلِّ اللحظات تقريبًا.  ردّ عليّ سريعًا : - لا لا...
1   آلو؟ "للحصول على الرقم المطلوب الرجاء اضغط صفر واحد." هذا مفتاح مدينة بيروت. ذلك أنّ شبكة الهاتف الإلكترونيّة لبنانيّة منذ أكثر من عشر سنوات. صفر واحد. واحد صفر. صفر صفر. واحد واحد. تركيبات من رقمين هما أساس حفظ برامج الكمبيوتر: واحد هو 1-0،...
  إلى هنادي يجلس الرجل على كرسيّه المعتاد على الشرفة. راحة ما بعد العمل. السرور بالهدوء، وباستمرار الحياة في القلب المتعب. يتناهى إليه صوتُ زوجته؛ يشغل بالَها موضوعٌ من مواضيعها اليوميّة. أولاده الذكور، الذين نسي عددَهم، يدوخون في الغرفة المجاورة،...
  لم ألتفت في لقائنا الأخير في مقهى مطار ليون إلى أيّ تفصيلٍ يحوط بنا. تخلّيتُ عن التدقيق في وجوه شاغلي الكراسي، وركّزتُ بصري على جوربيْه الأصفرين الظاهرين بخفرٍ من زوجَي الحذاء الجلديّ الأشقر. كان يتلو عليّ وصاياه: "سارعي في البحث عن عمل وتابعي...
  على أطراف المدينة المرتمية أمام البحر، التقيا. هو يَدْرس الأدبَ صباحًا في الجامعة، ويعمل في المحجر الواقع أمام الجبل في المدينة المجاورة بعد الظهر. يحمل الحجارةَ مع العُمّال، ليُنفق على الدراسة. وهي تدرس في كليّة الفتيات صباحًا، وتنكفئ ليلًا على...
  كان ثمّة بنت، بنت غريبة. وثمّة مقعد. وثمّة أنا، الغريب أيضًا عن هذه البلاد، على المقعد قبالتها. وثمّة شبحي في المقعد الفارغ؛ فقد كنتُ هنا منذ لحظات، وكان الكلامُ يُزيِّن الطريقَ من روما، وينسينا تعدادَ المحطّات. أتساعدني؟ وكيف لا؟ يا لَهذه الحقيبة...
  في ذلك المنزل الذى يبتعد شارعين عن البحر، كان هذا الرجل، الذي نراه دومًا يدخل أو يخرج من المنزل، يقيم وابنه وحدهما في شقّةٍ في الطابق الثاني. هو الرجل الذي لا يتحدّث كثيرًا، ويعيد ضبطَ نظارتيْه على عينيْه دائمًا، وهو يهمّ بالدخول إلى البيت،...
  جلس على كرسيّ من الخيزران في مأتمٍ ما. أحسّ بضيقٍ في النفس. بدأ يفكّ أزرارَ قميصه، فإذا به يلاحظ أنّ حلمتيْ نهديْه ازدادتا بروزًا، لا بل إنّ نهديْه كليهما كبرا فجأةً وصارا طابتيْن مستديرتيْن. أعاد إقفالَ الأزرار بسرعة كي لا يلاحظ أحدٌ ما طرأ عليه...
  يريدُ أن يكتب قصّة. لا بدّ من أن يكتب قصّة. وعلى الرغم من أنْ لا شأن له في الكتابة، ولم يسبقْ أن كتب سوى مرّةٍ واحدة، فإنّ رغبةً عنيفةً تدفعه اليومَ إلى أن يدلق كلّ ما في جوفه في قصّة. كان طالبًا في الصفّ الأول الإعداديّ، في مدرسة نسيب عريضة،...
    حين كُسرتْ يدي، خسرَتْ سوريا كأسَ العالم! ... وسقط حارسُ مرمى الصفّ الأوّل الثانويّ متألّمًا على الأرض حين صدَ الكرةَ التي سدّدتُها نحوه. يومها خسرنا المباراة بنتيجة اثنيْن مقابل صفر، لكنّني أذهلتُ الجميعَ بقدرتي على إتقان التسديد بكلتا قدميّ....
  (كان الفصل شتاءً، وكانت الريحُ تصفر في الخارج، وأغصانُ الأشجار تتقصّف، فيبدو صوتُها كطلقات الرصاص).   ربّما كان من الأفضل لو بدأتُ بعبارة "كان يا ما كان في قديم الزمان،" وهي كلمات سحريّة تعفيني من شَرْطَي الزمان والمكان. فحكايتي "مقطوعة من شجرة"...
  مذكّرة بتاريخ 12/3/1999   كان يومًا صعبًا. لا شيء يسير كما أحبُّ وأرغب. أفكاري تقودني إلى خلافاتٍ لا نهاية لها. الجميع يقول لي: "لا تقل هذا. لا تفعل هذا. أنت مخطئ. أنت متعصّب ودوغمائيّ، متحجّر... بل تيس." واليوم قال لي أحدهم: "رأسك يصلح لأن يكون...
  كان الجميع يشتمّ الرائحةَ، لكنّ أحدًا لم ينبسْ بكلمة. حتّى أولئك الذين تجرّأوا على إلقاء تعليقاتٍ ساخرةٍ محاولين دفعَه إلى الاغتسال، لم يصيبوا الهدفَ. بدا كأنّه لا يريد أن يسمع؛ فهو أكثرُ اتّساخًا من أن يُظهر لهم انصياعَه إلى ملاحظاتهم. وقد فَرض...
      (1)   صحوْنا فجأةً، من دون موعد، على رائحة الموت. على مدخل الحارة العتيقة حارسٌ عجوزٌ يرتدي معطفَه الطويلَ الداكن. يضع طاقيّة ملبّدة على رأسه، ويدخّن سيجارة هيشي. يتكوّم على مقعدٍ قشّيّ مرتجفًا من البرد. يحني رأسَه فوق صدره، وبين الفينة...
  ــــ السيّد الرّئيس، تأكّدْنا، بما لا يدع مجالًا للشكّ، من أنّك حامل! قالها طبيبُ القصر الجمهوريّ، وقد وقف وجلًا تتنازعه الوساوسُ وتعصف به الشّكوك. غير أنّه كان مقتنعًا بنتيجة التحاليل الطبّيّة الّتي أُعيدت ثلاث مرّات، واستغرقت يومين كاملين، ثمّ...