قمارٌ في أرض البرتقال
24-04-2018
الكاتب/ـة :

 

لستُ بخيرٍ أبدًا!

ألْضمُ نقطةَ المسافة بين الخطيئةِ والهاوية.

أقضم الفراغَ الذي وصَلني بالاتّزان ـــ ـــ

لا أبلعُه.

يلتفُّ على حنجرتي، فَـأشدُّه بِصرامة؛

أسحبُه بِملقط فراغٍ.

"مَسكرةٌ" من خواءٍ وشوكٍ تشدّه معي.  

***

أكان عليها أن تعيشَ لِتموت؟

أكان عليها أن تصعدَ لِتهوي؟

أكان عليها أن تلعقَ المستنقعاتِ لِتصل إلى الحافّة؟

أكان الثديانِ لازميْن لأفروديت... ما داما سَيُقطعان؟

وهل كان السرطانُ حتميّةً لاعتلاء التابوت؟

***

ترتمي المرأةُ كَـمومياءَ عُبث بها على السرير.

أرضُ البرتقال قاحلةٌ،

والكرزُ جزّه المشرطُ،

وعلاماتُ الخياطةِ تسحقُ المكان.

اللونُ الأخضر تفشّى في الجسد.

عينٌ واحدةٌ مفتوحةٌ على الكانون.

شفاهٌ بيضاء يسترقُها الشلمون.*     

معوَلٌ يفسّخ الألمَ لِشرائحَ خَمِجةٍ** تُقلى في الزيت. 

حبلٌ رثٌ يتدلّى من سقفٍ يؤرجحُها باستهتارٍ. 

حُقَنٌ للّاجدوى.

ذراعان مثقّبتان بِشراهةٍ لِتتسرّبَ السياط،

وخراطيمُ هنا وهناك كَـسكّةٍ عثِرةٍ للنهاية.

وأنكيدو عبثًا يحاول لَيَّ عنق الأشباح.

***

الرميمُ استحثّ قيئًا في السلوك

فاستعاد في الآخرين الغابة.

صارت المرأةُ بؤرةَ عدوى،

وهم صاروا بِمخالبَ وعيونٍ مجدوعة.

تلاشي الذات فيها أوقد قبحَهم؛

لا بل إنّ عبثَ عُزريل بها

مهّد المنوالَ لها ولهم.

***

هل الارتفاعُ ضرورةٌ لِلسقوط

أم أنّ السقوطَ حتميّةُ آدمَ، وغوايةُ حواء؟

هل الحياة ضرورةٌ،

أم أنّ ضرورةَ الموت مبرِّرُ الحياة؟

لمَ على الحياة أن تكون مَقلبًا، ونحن النفايات؟

لمَ على الحياة أن تكون شَـرَكًا، ونحن فئرانُه؟

أليس من سبيلٍ إلى بالِيه يمرُّ كَـلمحِ بصر،

لِـيبـتـدئَ وينفطرَ كما هو: مجرّد باليه؟

***

أُمسكُ المسطرةَ لأصل المسافةَ بين الواقعِ وعقلي ـــ ـــ

تَـتـكّسرُ مسطرتي،

ويركض عقلي في وحْل الواقع.

يقاوم عبثًا هذا القطران.

مُعامل اللزوجة يُهشّمني.

هل أرفع يدَيّ وأُلوّح بِالراية؟

لم أعتدْ،

لكنّه فعلها:

الموتُ البطيءُ والمؤجّل.

***

الفرجارُ الذي رسم دائرةَ الحياة

هو ذاتُه يرسم دائرةَ الرُّفات،

ويصير إزميلًا يَحفر القبر.

أَقسّم كعكَ الموتى

عروسةَ المولد،

وأصنّف مراتبَ التُّرَب.   

***

الموت حلَبةُ قمار،

إعلاناتٌ تحت الكوبري لأسعارِ المدافن.

حفّار القبور الجاثمُ بين الموتى

يتكسّب من الموت.

الممرِّضة يلزمُها مال.

المستشفى يشفط مالًا.

الحانوتيُّ يريد مالًا

وطقسُ الجنازة يكلّف مالًا.

الأشباحُ تعبثُ ولا بياضَ يَلوح في الأفق.

أريدُ موتًا رحيمًا يحسمُ المقصلة

لِتكونَ واحدةً لا ثلاثين!

القاهرة

 

*الشلمون : شفّاطة العصير.

** خمجة (septic): مصطلح للدلالة على تعفّن الأنسجة.

ديمة محمود

شاعرة وكاتبة من مصر. صدر لها ديوان ضفائر روح، 2015، وأُشاكس الأفق بكمنجة، 2017.