سمعتُ أنّ شاعرًا بالقرب قد جثم في فوّهةِ الموت
لا أعرفُه.
لكنّ الصريرَ الذي صكّ أطرافي
كان مُنذرًا بالفراغ من حولي.
ربّما لأنّ مجسّاتِ الموت تلوحُ في مخيّلتي
في كلِّ اتّجاهٍ
لا ترحم؛
تعبّئ بالمَجّان أطفالًا ومراهقين وجميلاتٍ،
وفقراءَ وباعةَ عرباتٍ وكهولًا وعشّاقًا ومثليّين،
وتُفْرغُهم في مقالبِ الجماجم والشواهدِ والهياكلِ العظميّة،
وتقصقصُ من رايات الاستسلام أكفانًا ونعوشًا رديئة.
***
شاعرٌ يموت:
يعني أنْ تعوجَّ ناصيةُ الطريق أكثر،
يعني أنْ تندلقَ ترّهاتٌ من بطن اللّامبالاة،
ويتكوّمَ في الشارع الخلفيّ مزيدٌ من الحُفر والنفايات،
وتنثنيَ أشجارُ الصنوبرِ والسنديان،
ويزيدَ الجلّادُ المقاصلَ في أُهبةِ المجزرة.
***
الشاعرُ الذي يموت
سيسقطُ بعده الجدارُ الذي تنام فوقَه عريشةُ الياسمين،
ويذبلُ الميسلون،
وينتحبُ اليمام.
سيصبُّ البحرُ في النّهر،
وستلدُ الداليةُ زبيبًا ولا تدركُ النبيذ،
وتستفيقُ الصبيّةُ من حلُم الحبّ.
***
الشاعرُ طافحٌ بما يفيضُ من الحبِّ عن حاجةِ الحياة؛
لا تحتملُه طويلًا،
فَتجدعُ نفسَها بعد قليلٍ وهو في التابوت.
سيتسرّبُ إلى عين الشّمس،
بعد أنْ يخفيَها عن عينِ الموت،
ويخبّئُ الموتَ من الموتِ نفْسِه.
يجمعُ ضوءها في كراتٍ يدحرجُها على الأرض
ليرقصَ آخرون وفراشاتٌ في طريقِهم إلى الموت!
القاهرة