سياسة داعش الإعلامية
31-05-2019

 

ترجمها من الإنكليزية: سماح إدريس

***

على الرغم من أنّ "تنظيمَ الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" (داعش) قد دُمِّر اليوم تقريبًا كقوّةٍ سياسيّةٍ وعسكريّة، فإنّ البحثَ في هذه الظاهرة يبقى موضوعًا حاسمًا لأنّ الحركات السياسيّة في المستقبل ستتبنّى نموذجَه واستراتيجيّاتِه وتطوِّرُها، خصوصًا نموذجَه الذي يلائم بين الإعلام والإرهاب واستخدامِ وسائل التواصل الاجتماعيّ والسرديّاتِ الثقافيّةِ ذاتِ الصلة من أجل تجنيد الداعمين والمقاتلين. هذه الدراسة تركِّز على اعتداءات باريس في 13/11/2015 من أجل شرح هذا النموذج.

***

تعرّف هذه الدراسة تنظيمَ داعش بأنّه دولةٌ افتراضيّة (a virtual state) ، (Seib, 2011). وهذا يساعدُنا على القيام بفحصٍ أكثرَ موضوعيّةً وعقلانيّةً لأجهزة هذه الحركة العسكريّةِ والسياسيّةِ والماليّة والتواصليّة [الإعلاميّة] المتطوّرة، فلا نقلّلُ بسذاجةٍ من قدراتها، بالزعم أنّ التنظيم المذكور مجموعةٌ من المهووسين المتعصِّبين ذوي الاضطرابات النفسيّة. لقد سعت داعش، من أجل كسبِ القلوب والعقول، إلى تأسيس شرعيّتها من خلال تزامنيّة الأعمال والتواصل [الإعلاميّ] المبنيّ على مشهديّات الإرهاب. وأعمالُ الهجوم العنيفة هذه يجري تبريرُها ضمن سرديّةٍ دينيّةٍ رؤيويّة  [قياميّة] تشدِّد على صدامٍ وشيكٍ بين الحضارات يعيد مجدَ الإسلام الغابرَ، ويثأر للمسلمين على امتداد العالم.

في أعقاب التفجير المزدوج الذي طاول بيروتَ وأودى بحياة 43 شخصًا، ضربتْ داعش العاصمةَ الفرنسيّة بسلسلةٍ من الهجمات الإرهابيّة المنسَّقة. هذه الهجمات، التي وُصفت بأنها "الأسوأ... منذ تفجيرات مدريد في العام 2004،" خلّفتْ 130 قتيلًا ومئاتٍ من الجرحى (Werber, 2015). ففي الساعة التاسعة والدقيقة العشرين مساءً، استُهدفتْ ستّةُ مواقع بالنيران والتفجيرات الانتحاريّة - بما فيها "ستاد باريس" وباتاكلان (وهي قاعةُ مهرجاناتٍ فنّيّة معروفة). حينها، لم تتبنَّ داعش الهجماتِ رسميًّا، على الرغم من اتهامات المسؤولين الفرنسيين السريعة. وتسرّبت التخميناتُ إلى وسائل التواصل الاجتماعيّ بعد أقلَّ من ساعةٍ على وضع الشرطة الفرنسيّة حدًّا لحصار باتاكلان، حيث قُتل 89 شخصًا وفَجّر مقاتلان سترتيْهما الناسفتيْن.

في إشارةٍ واضحةٍ إلى كيفيّة استغلال داعش للتعهيد الجماهيريّ [crowdsourcing] على وسائل التواصل الاجتماعيّ، انبعثتْ عدّةُ تغريداتٍ مواليةٍ لداعش بسرعةٍ ومنهجيّة، إلى حدِّ أنّ المرء يَشتبه في أنّ بعضَها على الأقلّ كان مُعدًّا سابقًا ليكون جزءًا من حملة الإرهاب. وبالفعل ضجّ أنصارُ داعش على تلك الوسائل بالتهليل للتنظيم الذي نفّذ "غزوةَ" باريس. وفي موازاة الصرخات العالميّة التي أدانت الهجمات، أعرب المتطرِّفون على وسائل التواصل الاجتماعيّ عن ابتهاجهم بسرعة، ناسبين الهجماتِ إلى داعش. أحدُ مستخدمي التويتر كتب بالعربيّة: "أتظنّين يا فرنسا، أنتِ وحلفاؤكِ، أنّ دولة الخلافة تنساكم؟ لا والله..." مستخدمٌ آخر كتب بالعربيّة أيضًا: "حتى وإنْ لم تتبنّ #الدولة_الإسلاميّة العمليّة، فنحن نسعد حين نرى الغربَ يرتعد. اللهُ أكبر." مستخدمون آخرون غيّروا بروفايلاتِهم، فوضعوا مكانَها صورةً لعلَمٍ فرنسيّ مدعوسٍ عليه بالحذاء، وأدرجوا في بوستاتهم (منشوراتهم) هاشتاغ #ParisOnFire (#باريس_تشتعل)، وهو هاشتاغ انتشر بشكلٍ واسعٍ، جنبًا إلى جنب مع هاشتاغ #PrayForParis (صلّوا لباريس)، ما خلق عاصفةً تويتريّةً - وهذه ظاهرةٌ مألوفةٌ في حملات داعش الإعلاميّة التي ترتبط بحملاتٍ إرهابيّةٍ كبرى (Stern and Berger, 2015) وتعمل على التلاعب الفعّال بالمظالم والشكاوى السائدة.

والحال أنّ الفرحَ الفوريّ الذي تملّك بعضَ أنصار داعش يَضرب على وترٍ قديمٍ من الكراهيّة الموجَّهة إلى القوى الغربيّة، وهي كراهيّةٌ أدرجتْها داعش منذ زمنٍ طويل ضمن "استراتيجيّة الوصم" (branding strategy) الهادفة إلى استقطاب الشباب المسلم المستلَب في العالم. فملايينُ من العرب والمسلمين يروْن أنّ الإرثَ الاستعماريّ الذي خلّف بلادَهم ضعيفةً، فضلًا عن عقودٍ من الظلم الذي حاق بفلسطين، ووحشيّةِ الأنظمة الديكتاتوريّة العربيّة الدّمويّة المدعومةِ من القوى الغربيّة، تبقى مظالمَ مشروعةً على نحوٍ واسع. وسرديّةُ داعش "الجهاديّة" في إعلامها توضَع دومًا ضمن سياقٍ يكرِّر هذه الثيمات، وتصوِّر نفسَها حلًّا وحيدًا قابلًا للتحقّق، على خلاف تنظيم "القاعدة" والمجموعاتِ المتطرّفةِ الكثيرة الأخرى العاملة في سوريا اليوم. داعش تسعى إلى "استعادة الحقبات [الذهبيّة] المؤمثَلة من التاريخ الإسلاميّ الباكر، وهي فكرةٌ ما تزال تلقى صدًى لدى بعض المسلمين في العالم" (Shane & Hubbard, 2014). ومن خلال تأطير هذا الصراع في وصفه صدامًا دينيًّا بين الحضارات، صدامًا شهِد بزوغَ "الأمّة" الموحَّدة مع تأسيس "دولة الخلافة" (داعش) في وجه النظام العالميّ اليهو - مسيحيّ، يغدو عنفُ داعش المتطرِّف مبرَّرًا.  وبهذا تسِمُ داعش نفسَها بالممثِّل الأوحد - بقوّةِ الواقع - لجميع المسلمين، صابغةً وسمَها بفهمٍ حاسمٍ ومحدّدٍ للإسلام. والحقّ أنّ فقهاءَ داعش، خلافًا للمجموعات الإسلاميّة الأخرى، يشدّدون على مفهوم "الإجماع،" الذي تستعيره داعش من المدارس الفقهية السنّيّة الأربع، وتستخدمه مبرِّرًا لحكمها وإعداماتِها وهجماتها (Amarsingam and Al-Tamimi, 2015).

 

برّرت داعش حرق الكساسبة بأحداثٍ من التاريخ الإسلامي عُدّ فيها الحرقُ عقابًا مقبولَا

 

فعلى سبيل المثال، جرى تبريرُ الإعدام الوحشيّ للطيّار الأردنيّ معاذ الكساسبة بخمسة أحداثٍ من التاريخ الإسلامي عُدّ فيها "الحرقُ" عقابًا مقبولًا (Al Hayat Media Center, 2015a, p.7-8). وبهذا، فإنّ رغبةَ داعش في إخمادِ ما تسمّيه "المنطقةَ الرماديّةَ" يغدو ضروريًّا (Al Hayat Media Center, 2014). وإذ توصف المنطقةُ الرماديّةُ عادةً بأنّها منطقةٌ تخلو من اليقين (Crelinsten, 2002)، فإنّ تعريفَ داعش لها يستند، بشكلٍ كبير، إلى خطبةٍ لأسامة بن لادن بعد هجمات 11 ايلول، وفيها يَرسم خطًّا فاصلًا بين المسلمين الذين اعتنقوا نمطَ الحياة الجهاديّ، و"كلِّ مَن يتْبع أثرَ بوش في خطّته فارتدَّ عن دين محمد" (Al Hayat Media Center, 2014, p. 44).

والحال أنّ استراتيجيّة داعش في الوصم (branding) تُفاقِم هذه السرديّةَ التي تشدِّد على التمايز عن "الآخرين،" وهي سرديّةٌ كثيرًا ما استُخدمتْ في كلّ صراعٍ إيديولوجيٍّ كبير، لكونها ترتبط بنبوءةٍ تؤشِّر إلى انتهاء الدنيا. وعليه، ففي معركة دابق الكبرى، شماليَّ سوريا، سينتصر جهاديّو "دولة الخلافة" (داعش) على أعدائهم، لكنْ على هذه الدولة أوّلًا أن تستقطبَ مسلمي العالم لتُظْهرَ لهم قدرتَها على أن تَحْكمَ بشرعِ الله وعلى أن تُرهبَ الأعداء. وبهذا المعنى، فإنّ هجماتِ باريس تنسجم مع هذه الاستراتيجيّة لأنّها (أي الهجمات) تبرِّر قضيّة داعش، فيما هي تستبق ردَّ الحكومة الفرنسيّة، التي سبق أن انضمّت إلى تحالفٍ تقوده الولاياتُ المتحدة ضدّ "تنظيم الدولة الإسلاميّة" في أيلول 2014. وبعد أن وصف الرئيسُ الفرنسيّ فرانسوا أولاند تلك الهجمات بأنّها "عملٌ حربيّ،"  (Heneghan, 2015) تعهّد في خطابٍ بعد يومٍ من وقوعها بتكثيف الضربات الجوّيّة لمواقع داعش في سوريا. قبل ذلك، لم تكن فرنسا تقوم سوى بعمليّاتٍ محدودة، وفي العراق بشكلٍ رئيس. وإذ برّرتْ داعش إرهابَها ضمن نبوءةٍ رؤيويّةٍ دينيّة، وباللعب على وتر مظالم المسلمين الحاليّة، فإنّها لم تكتفِ باستخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ لنشر سرديّاتها، بل ضمنتْ أيضًا أن تؤدّي التغطيةُ الإعلاميّةُ الضخمةُ لعمليّاتها الإرهابيّة إلى إعادة إنتاج هذه السرديّات.

 

أحد أغلفة دابق، الناطقة بلسان داعش

 

اختارت داعش استراتيجيّةً [إعلاميّةً] أكثرَ لامركزيّةً، تستند إلى التعهيد الجماهيريّ، والقرصنةِ الهاشتاغيّة، والتطبيقاتِ والـ bots المصمَّمةِ محلّيًّا.[1] وبهذا استطاعت أن تجسِّرَ الفجوةَ بين الإعلام الجديد والتقليديّ، وأن تستهدفَ متلقّين مختلفين. وبعد ساعتين من إعلان الرئيس الفرنسيّ في 14 نوفمبر، انتشر بيانٌ لداعش على الإنترنت، وسرعان ما تلقّفتْه محطّاتٌ إخباريّةٌ مختلفة. في هذا البيان تبنّت داعش المسؤوليّةَ عن الهجمات، ولمّحتْ إلى أنّها ناجمةٌ عن شهورٍ من التحضير. وبالمثل، فإنّ السرعةَ والخِلْسةَ اللتين ميّزتا عملَ ذراع داعش الإعلاميّةِ الرسميّة (مركز الحياة للإعلام) والمراكزِ الإعلاميّةِ الفرعيّة الأخرى لناحية إنتاج المحتوى الإعلاميّ ونشره بعد ذلك، دلّتا على عملٍ إعلاميٍّ منسَّقٍ ومصمَّمٍ مسبَّقًا - وهذا بالضبط ما نعنيه بـ"تزامنيّة الأعمال والتواصل [الإعلاميّ] المبنيّ على مشهديّات الإرهاب."

وبالفعل، فقد تعهّد فيديو نشرَه، على شكلٍ واسعٍ، مركزُ الحياة للإعلام، قبل يومٍ من هجمات باريس، بأنّه "قريبًا، قريبًا جدًّا، سيُسفك الدمُ في كلّ مكان." وبعد الهجمات بيوم، نشرتْ داعش فيديو آخرَ يدعو مسلمي فرنسا إلى السفر إلى "دولة الخلافة" أو القتالِ داخل فرنسا. وأيضًا بعد ثلاثة أيّام فقط من الهجمات، صدر العددُ الثاني عشر من مجلة دابق، الناطقةِ الرسميّة بلسان داعش، وعلى غلافها صورةٌ عن هجمات باريس. وأيُّ شخص عمل في مجال الإعلام يعلم الجهدَ والوقتَ اللذيْن يتطلّبهما إعدادُ مجلّةٍ وإصدارُها.

على وسائل التواصل الاجتماعيّ كان بعضُ مستخدمي التويتر، المرتبطين بتنظيم داعش، قد بدأوا بتداول صورةٍ تزعم أنّها تُظْهر، من الداخل، أحدَ المواقع المستهدَفة. الصورة، التي ظهرتْ في تغطية عددٍ من المحطّات الإخباريّة الإلكترونيّة على الرغم من مضمونها  الصادم (Charlton, 2015; Batchelor, 2015)، التُقطتْ من داخل باتاكلان. مستخدمو التويتر المرتبطون بداعش استخدموا ثيمةَ #PrayforParis (#صلّوا_لباريس)، السريعةِ الانتشار، من أجل نشر صورٍ رهيبةٍ مماثلة، ولترويج سرديّات داعش. هذه الاستراتيجيّة، المسمّاة "عاصفة تويتر،" تخلق تعاضدًا كبيرًا (synergy) مع الحملة الإعلاميّة الداعشيّة على الإنترنت، وتَضمن اهتمامًا إعلاميًّا واسعًا ولو موجَزًا (Stern and Berger, 2015). أما المتعاطفون مع تنظيم داعش، فقد اعتبروا الهجماتِ نصرًا للمسلمين في العالم أجمع، وفرصةً لجذب المزيد من الشباب المستلَب إلى صفوفه.

خلافًا للمجموعات الإسلاميّة السابقة، تُقدّم داعش عملَ "أكشِنْ" حقيقيًّا وحكايةً مميَّزة. هجمات باريس أتاحت للشباب المحبَطِ الإيمانَ بوعدِ داعش، الموسومِ بالمغامرة المتطرّفة والفتْحِ والثأر. فالأعضاءُ المحتمَلون، الذين أغوتهم تسجيلاتُ فيديو هوليووديّةٌ مماثلة، ينجذبون إلى فنتازيا نيْلِ منزلةٍ أكبرَ من الحياة، هي منزلةُ الأبطال والشهداء، واحتلالِ موقعٍ في التاريخ ( Spens, 2014; Sachs, 2012). وفي المادّة الدعائيّة التي أصدرتْها داعش لاحقًا، جرى تمجيدُ المقاتلين الذين نفّذوا هجماتِ باريس بسبب شجاعتهم وبطولتهم. ومن جهةٍ ثانية، فإنّ العنفَ المتطرّف الذي تستند إليه "ماركةُ" داعش يرسل أيضًا تحذيرًا إلى مَن يعادي "دولةَ الخلافة." بهذا المعنى، يستطيع التنظيمُ ترويجَ صورةٍ عن ذاته مرعبةً ومغريةً في الوقت نفسه، مبنيّةً على أعمال الإرهاب المتزامنةِ مع نشاطاتٍ إعلاميّةٍ تُبَثّ عبر الإعلام الإنترنتيّ والتقليديّ.

على أنّ الإرهاب، وإنْ ضَمِنَ دفعةً إعلاميّةً موقّتة، لا يَضْمن بالضرورة وصولَ المرتكِب إلى وسائل الإعلام دومًا. ويبدو أنّ مخطِّطي داعش الإعلاميين واعون لهذا الامر، وغالبًا ما يسارعون إلى استكمال حملةِ الدفع الإرهابيّة - الإعلاميّة بحملةِ تجنيد. فبعد ساعاتٍ من هجمات باريس مثلًا، نشر داعش شريطَ فيديو يَستهدف تجنيدَ المسلمين الفرنسيين. وقد بُثّتْ أجزاءٌ صغيرةٌ من بيان داعش والفيديو بشكلٍ متواصل على عدّة محطّات إخباريّة، بما يتيح لداعش الوصولَ إلى جمهورها وترويجِ أطرِها الإخباريّة كما تشاء.

 

أبو أسامة الفرنسيّ وبّخ المسلمين الفرنسيين قائلًا: "ماذا تنتظرون؟"

 

إنّ استعراضًا سريعًا للأرشيف الرقميّ الموجود التابع لإعلام داعش، وقد جمعتْه مدوّنةُ Jihadology، يُظْهر أنّ الفيديو نسخةٌ غيرُ محرَّرة من نسخةٍ سابقة، نُشرتْ في أيّار تحت عنوان "ماذا تنتظرون؟" [What are you waiting for?] وضمّت أجزاءً قصيرةً من خطابِ مقاتلٍ فرنسيِّ اللغة، أزرقِ العينيْن، يحثّ المسلمين الفرنسيين على الهجرة إلى مناطق نفوذ داعش في سوريا والعراق. في أعقاب هجمات باريس، كَشفت النسخةُ الكاملة، التي ظهرتْ أوّلَ الأمر على محطّة التيليغرام التابعة لداعش، شهاداتٍ أخرى. المقاتل الفرنسيّ، الذي جرى تعريفُه باسم أبي أسامة الفرنسيّ، وبّخ المسلمين الفرنسيين الذين يشاهدون الفيديو، قائلًا: "ماذا تنتظرون؟" ومعه، كانت مجموعةٌ من الرجال الصامتين، الملثّمين، المدجَّجين بالسلاح، وملامحُهم تُنذر بالشرّ. مقاتلٌ آخر، أبو مريم الفرنسيّ، حثّ مَن لا يستطيع "الهجرة" [إلى مواقع التنظيم] على أن يقاتلوا الكافرَ أينما ثقفُوه (Al Hayat Media Center, n.d.) .

حتى هجماتُ داعش الإرهابيّة التي قد تبدو غيرَ منسَّقة تبدو حاملةً لهذه السمة، سمةِ الحملات الإعلاميّة - التجنيديّة التي تلي الهجومَ. فخلافًا لتنظيم القاعدة، تبنّت داعش، إلى حدّ كبير، هجماتٍ على طراز "الذئب المنفرد" جزءًا من استراتيجيّتها الإرهابيّة اللامركزيّة. وقبل عامٍ على هذه الهجمات، مباشرةً بعد الهجمات التي طاولتْ مجلّةَ شارلي ايبدو في باريس، وقع هجومٌ على مخزن بقالةٍ لبيع مأكولات الكوشر [المتوافقةِ مع التعاليم اليهوديّة] شرقيَّ المدينة، خلّف أربعة قتلى. المهاجِم، واسمُه Amedy Coulibaly، قال في مقابلةٍ هاتفيّة مع BFMTV إنّه يعمل تحت إمرة داعش. بعد موته، أدرجتْ داعش "بيْعتَه" ضمن موادّها الدعائيّة، وظهر تقريرٌ معمّقٌ عنه في العدد السابع من مجلّة دابق.

تتطلّع "ماركةُ" داعش إلى نشر صورةِ "دولةِ خلافةٍ" موحّدةٍ قويّةٍ مزدهرة. لكنّها تَستخدم، من أجل ضمان ترويجٍ متواصلٍ لهذه الصورة، أحداثًا إرهابيّةً مشهديّةً للحفاظ على التحكّم بالمعنى والوصول إلى المتلقّي. ففي حقبةِ ما بعد أحداث 11 ايلول، استطاعت داعش أن تستثمرَ أطرَ "الحرب على الإرهاب،" التي هيمنتْ على  جزءٍ كبيرٍ من التغطية الإخباريّة للشرق الأوسط، بدلًا من أن تَسمح لهذه الأطر بأن تدمّرَها. بهذا المعنى، يقدّم تنظيمُ داعش سرديّةً يستطيع الإعلامُ أن يُدرجَها ضمن أطر الإعلام السائدة (Wolfsfeld, 1997). ولمّا كان موضوعُ "هجمات باريس" قد طغى على كلّ محطّات الأخبار الرئيسة، فقد دفع تبنّي داعش مسؤوليّتَه عنها بهذا التنظيم إلى نقطة الضوء، فاتاح له أن يتلاعبَ بخطابه ذي الشقّيْن [الإغراء والإرهاب] في وسائل الإعلام. إنّ مشهديّات الإرهاب، شأن هذه الأخيرة، قادرةٌ غالبًا على خلق أطرٍ إخباريّةٍ جبّارة. يصف (Seib and Janbek 2011) الإعلامَ بأنّه "أوكسيجينُ الإرهاب." حين تغطّي المؤسّساتُ الإخباريّةُ الهجماتِ الإرهابيّةَ، فإنّها في الوقت نفسه تَخدم المهاجمين الإرهابيين لأنّها تقدِّم إليهم الدعايَة والاعترافَ والمشروعيّة (publicity, recognition and legitimacy). وهذه المؤسّسات، خصوصًا في الدول الديمقراطيّة، يَنْدر أن تقاومَ [إغراءَ] تغطية الإرهاب، ولا سيّما حين تستهدف الهجماتُ رعايا البلدان التي تنتمي إليها تلك المؤسّساتُ أو المصالحَ التابعةَ لتلك البلدان (Seib and Janbek, 2011).

إذا تناولنا حالةَ هجماتِ باريس لغرض الدراسة، فإنّ مسحًا لستّ محطّاتٍ إخباريّة - ثلاثٌ منها تتوجّه إلى جمهور عربيّ - يُظهر أنّ تغطيةَ أخبار داعش بلغت الذروةَ حين دخلتْ أوروبا في دوّامةٍ من القلق وسط مخاوفَ أمنيّةٍ من فرار إرهابيين خارج فرنسا. ولقد فحصنا قنواتِ اليوتيوب الأساسيّة التابعة لكلٍّ من CNN و Sky News وRussia Today، فضلًا عن الجزيرة والعربيّة والميادين، وأجرينا مسحًا لـ 292 تقريرًا تلفزيونيًّا بين 14 نوفمبر و 18 يناير. تصدّرتْ CNN قائمةَ التغطية بـ96 تقريرًا، يُركّز 25 منها على داعش بشكلٍ أساس؛ مقارنةً بـ العربيّة (السعوديّة) 11، والجزيرة (القطَريّة) 10، و Sky News (التابعة لروبيرت ميردوخ) 8، والميادين (مقرُّها بيروت) 6، و Russia Today1 فقط. وفي الوقت نفسه فإنّ التغطية المستمرّة لفيديو داعش التجنيديّ تزامَن مع تقاريرَ مختلفةٍ تحاول تخمينَ هويّة المهاجمين الإرهابيين، وذلك بالتوازي مع مطاردةٍ أوروبيّةٍ بحثًا عنهم. فرنسا أغلقتْ حدودَها وأعلنتْ حالةَ طوارئ (Gander, 2015) وبلجيكا كانت في حالة عزْل (Taub, 2015) ورئيسُ الوزراء البريطانيّ دايفيد كاميرون أعلن أنّ المملكة المتحدة وُضعتْ في حالة إنذارٍ قصوى تحسّبًا لهجومٍ إرهابيٍّ وشيك (McTague, 2015). ولكنْ على الرغم من التغطية الإعلاميّة السلبيّة التي تناولتْ داعش، فقد بلغ هذا التنظيمُ جمهورًا هائلًا في العالم، ما سمح له بنشر سرديّتيْه الرئيستيْن: الأولى لأهداف التجنيد والحفاظ على دعم جمهوره المحلّيّ، والثانية موجّهةٌ إلى جمهورٍ يعتبره عدوَّه، مع أنّ الرسالة نفسَها في معظم الحالات تحقِّق الهدفيْن كليْهما. إذًا، الإرهاب يُستخدم تكتيكًا نفسيًّا في الحرب من أجل تقويض العدوّ، وإضعافِ معنويّات مقاتليه (Melchior, 2014)، وهو في الوقت نفسه يروّج "ماركة" داعش بين صفوف المجنَّدين والمتعاطفين المحتملين.

***

مع طغيان وحشيّة هجمات باريس على العناوين والنشرات الرئيسة في العالم، استثمرتْ داعش(Melchior, 2014)  العنفَ من أجل "توعية المجنَّدين المحتملَين بحقيقة الحرب الجهاديّة" (Stern and Berger, 2015, p. 115). وهذه الاستراتيجيّة تُعزى، على نحوٍ كبير، إلى وثيقةٍ صدرتْ سنة 2004 تحت عنوان إدارة التوحّش، من تأليف أبي بكر ناجي (اسم مستعار). في هذه الوثيقة قدّم ناجي إلى الجهاديين برنامجَ عملٍ لبناء "دولة خلافة،" داعيًا إلى تصعيد العنف من أجل جذب الداعمين وإحداث الاستقطاب بين الأعداء والدعاة (Stern and Berger, 2015, p. 46). القسم الثاني من الوثيقة، وهو بعنوان "طريق التمكين"، يشرح بوضوح كيفية جذب الشباب الجديد من خلال تنفيذ عمليّاتٍ تسترعي انتباهَ الناس (Stern and Berger, 2015, p. 17). وعليه، فإنّ "النموذج الإعلانيّ" لداعش يعتمد على تسويق الوحشيّة، ويروِّج في الوقت ذاته لجبهةٍ إسلاميّةٍ موحّدةٍ طوباويّة - اسمُها "دولةُ الخلافة" - حيث لا تَسامُحَ مع أيّ شكلٍ من أشكال التمييز. هكذا تصبح "دولةُ الخلافة،" للمسلمين المستلَبين والمحرومين، ردًّا على التشوّش والتوتّرات التي يعانيها كثيرٌ من المجنَّدين في داعش أثناء عيشهم داخل المجتمعات الغربيّة؛ ردًّا يمنحهم الخلاصَ والطمأنينةَ والحلَّ لأزمةٍ وجوديّةٍ عميقةٍ تعصف بهم. "دولةُ الخلافة،" إذًا، تجسِّد عالمًا يستعيد فيه المسلمون فاعليّتَهم وقوّتَهم ومجدَهم. والحقّ أنّ التنظيم، لكي يخفِّفَ من وطأة العنف المتطرِّف، نشر موادَّ دعائيّةً تشدِّد على موقفه الموحَّد، في كلّ المواقع التي يسيطر عليها، إزاء هجمات باريس. وهذه الثيمة، التي أفلحتْ في ترويج "ماركة" داعش الناجحة، يمكن إدراكُها من خلال مفهوم ستينغل (2011)، "قيم الإنسان الأساسيّة،" الذي تستخدمه الماركاتُ الناجحة. هذه القيم الأساسيّة يجري عرضُها في خمسة حقولٍ تحسِّن حياةَ الناس: بثّ الفرح، وتمكين التواصل، وإثارة الفخر، والإيحاء بالاكتشاف، والتأثير في المجتمع. في أعقاب هجمات باريس، صدر 16 شريط فيديو مرتبطًا بداعش بين 16 نوفمبر 2015 و 24 يناير 2016، 75% منها نُفّذ بأيدٍ إعلاميّةٍ بسيطة [غير محترفة]. في هذه الأشرطة يظهر رجالٌ يحتفلون بالهجمات الإرهابيّة، ويمتدحون المهاجمين على امتداد "الدولة الإسلاميّة." وفي تقريرٍ مصوّرٍ من مدينة سرت الليبيّة، الخاضعة لاحتلال داعش، يظهر مقاتلون بزيّ عسكريّ وهم يوزِّعون الحلوى على المواطنين احتفالًا. هذه الصورة الإعلانيّة مهمّةٌ لداعش من أجل استراتيجيّتها التجنيديّة، خصوصًا في ما يتعلّق بجمهورها ومناصريها المحتملين. والحقّ أنّ الموادّ الدعائيّة تشدّد على الحياة المتناغمة في [مناطق] "تنظيم الدولة الإسلاميّة" على الرغم من تعهّد فرنسا بتكثيف ضرباتها الجوّيّة. هكذا تُصوَّر دولةُ الخلافة بديلًا أكثرَ فاعليّةً وتحقّقًا من "الغرب."

***

في حقبةِ ما بعد 11 أيلول، توسّع عملُ المتطرِّفين عبر الإنترنت، فلم يعد يقتصر على أن يكونوا جماعاتٍ سريّةً على الإنترنت، بل اتّخذوا أدوارًا أبرزَ مع ظهور الأخبار المباشرة، وطغيانِ وسائل التواصل الاجتماعيّ. وإذ سعت داعش إلى استخدام هذه الديناميّة الجديدة، فقد أفلحتْ في خلق "ماركةٍ" تروِّج لمجتمع طوباويّ، يشجَّع فيه المسلمون المستلَبون على سلوك حياةٍ خطرةٍ ومثيرةٍ، شبيهةٍ بتلك التي اعتادوا مشاهدتَها في ألعاب الفيديو وأفلام الأكشن الهوليووديّة. وفي الوقت نفسه، فإنّ ماركة داعش تستهدف أعداءَ "الدولة الإسلاميّة،" مستخدمةً الإرهابَ سلاحًا في الحرب النفسيّة من أجل تعويق جهودهم في تقويض "الخلافة."

هذه الورقة، باتخاذها هجماتِ باريس وما تلاها حالةً للدراسة، حلّلتْ كيفيّةَ انخراط داعش في ديبلوماسيّةٍ إعلاميّةٍ علنيّةٍ من خلال تأطير سرديّتها للإعلام السائد. كما استطاعت داعش أن تَحْرف انتباهَ الإعلام عن خسائرها على الأرض من أجل الحفاظ على حماس أنصارها لقضيّتهم (Hutt, 2015). إنّ الخطر المادّيّ الذي شكّلته داعش على العالم كان حقيقيًّا بلا أدنى شكّ. ومع أنّ الجهودَ الآيلة إلى كبح مكاسبها على الأرض قد أثبتتْ نجاحَها، فإنّ على هذه الجهود أن تتساوقَ مع إعادة دراسةٍ جدّيّةٍ لدور وسائل الإعلام في نجاح داعش الإيديولوجيّ، ومع استعدادٍ لمواجهة حركاتٍ متطرّفةٍ مماثلة في المستقبل لا بدّ من أن تتبنّى نموذجَ داعش وتطوِّرَه. وربّما تستطيع بعضُ الحركات العَلمانيّة العربيّة التحرّريّة (الحقيقيّة) أن تتعلّمَ من هذا النموذج، ومن نماذجَ إعلاميّة - سياسيّة أخرى من واقعنا، مثل النموذج الإعلاميّ - الحربيّ لحزب الله في حرب تمّوز 2006 ضدّ العدوّ الصهيونيّ (Melki, 2014)، وأن تطوِّرَها من أجل بلوغ هدف التحرّر العربيّ الحقيقيّ.

بيروت

 

المصادر

Al Hayat Media Center. (n.d.) “What are you waiting for?” Retrieved 14 November 2015 from: https://drive.google.com/file/d/0B2ti2hHSsEZaUG1BNUh4anpDX2s/view

Al Hayat Media Center. (2014). Reflections on the Final Crusade. Dabiq, 4, 32-44. Retrieved from http://jihadology.net/category/dabiq-magazine/

Al Hayat Media Center. (2015a). The Burning of the Murtadd Pilot. Dabiq, 7, 5-8. Retrieved from http://jihadology.net/category/dabiq-magazine/

Al Hayat Media Center (2015b). “Soon, Very Soon” Retrieved from https://halummu.wordpress.com/2015/11/12/%D1%81%D0%BA%D0%BE%D1%80%D0%BE-...

Al-Tamimi, A. (2015). The Paris Attacks Reflect Intelligence Failure -- Not a Change in ISIS Strategy. The Huffington Post. Retrieved 10 March 2016, from http://www.huffingtonpost.com/aymenn-jawad-altamimi/paris-intelligence-f...

Amarsingam, A. and Al-Tamimi, A. (2015). Is ISIS Islamic, and Other “Foolish” Debates. Jihadology. Retrieved from http://jihadology.net/2015/04/03/guest-post-is-isis-islamic-and-other-fo...

Batchelor, T. (2015). GRAPHIC CONTENT: Horrifying picture shows bloody aftermath of Paris concert massacre. Express. Retrieved from http://www.express.co.uk/news/world/619536/Bloodbath-Paris-89-killed-mas...

Gander, K. (2015). Paris attacks: France declares state of emergency after over 100 people killed in the capital. The Independent. Retrieved from http://www.independent.co.uk/news/world/europe/paris-attacks-france-decl...

Heneghan, T. (2015). Hollande says Paris attacks 'an act of war' by Islamic State. Reuters. Retrieved from http://www.reuters.com/article/us-france-shooting-hollande-idUSKCN0T30JG20151114

Hutt, R. (2015). How much territory has ISIS lost in 2015? World Economic Forum. Retrieved from https://www.weforum.org/agenda/2015/12/how-much-territory-has-isis-lost-...

McTague, T. (2015). Paris attacks: David Cameron warns UK terrorist attack is 'highly likely'. The Independent. Retrieved from http://www.independent.co.uk/news/uk/politics/paris-attack-david-cameron-warns-a-terrorist-attack-on-uk-is-highly-likely-a6734931.html

Melki, Jad. (2014). The interplay of politics, economics and culture in news framing of Middle East Wars. Media, War and Conflict, 7(2), 165-186.

 

Melchior, J. (2014). ISIS Tactics Illustrate Social Media’s New Place In Modern War. TechCrunch. Retrieved from: http://techcrunch.com/2014/10/15/isis-tactics-illustrate-social-medias-new-place-in-modern-war

R.D. Crelinsten (2002) Analysing Terrorism and Counter-terrorism: A Communication Model. Terrorism and Political Violence, 14:2, 77-122. DOI: 10.1080/714005618

Sachs, J. (2012). Winning the story wars: Why those who tell (and live) the best stories will rule the future. Boston, MA: Harvard Business Review Press.

Schmitt, E., & Kirckpatrick, D. (2015). Strategy Shift for ISIS: Inflicting Terror in Distant Lands. The New York Times. Retrieved from http://www.nytimes.com/2015/11/15/world/europe/strategy-shift-for-isis-inflicting-terror-in-distant-lands.html?_r=0

Seib, P. (2011). Public Diplomacy, New Media, and Counterterrorism. CDP Perspectives on Public Diplomacy, 2. Retrieved from: http://uscpublicdiplomacy.org/sites/uscpublicdiplomacy.org/files/legacy/...

Seib, P. and Janbek, D. M. (2011). Global Terrorism and New Media: The post-Al Qaeda generation. London and New York: Routledge.

Shane, S. and Hubbard, B. (2014). ISIS Displaying a Deft Command of Varied Media. The New York Times. Retrieved from: http://www.nytimes.com/2014/08/31/world/middleeast/isis-displaying-a-def...

Spens, C. (2014). Shock and Awe: Performativity, machismo and ISIS. E-International Relations. Retrieved from: http://www.e-ir.info/2014/11/02/shock-and-awe-performativity-machismo-an...

Stengel, J. (2011). Grow: How ideals power growth and profit at the world's greatest companies. New York: Crown Business.

Stern, J. and Berger, J.M. (2015). ISIS: The State of Terror. New York: HarperCollins.

Taub, B. (2015). Belgian Terror: Brussels on Lockdown. The New Yorker. Retrieved from http://www.newyorker.com/news/news-desk/belgian-terror-brussels-on-lockdown

Werber, C. (2015). Paris has suffered Europe’s worst terror attack in 10 years. Here’s what we know. Quartz. Retrieved from http://qz.com/550169/paris-has-suffered-europes-worst-terror-attack-in-1...

Wolfsfeld, G. (1997). Media and Political Conflict: News From the Middle East. UK: Cambridge University Press.

 


[1] الكلمة من "روبوت" وهي  تشير إلى برامج على الإنترنت تستخدم الذكاءَ الاصطناعيّ. (المترجم)

جاد ملكي

رئيس قسم الإعلام في الجامعة اللبنانيّة الأمريكيّة  (LAU)، ومدير معهد البحوث والتدريب الإعلاميّ في الجامعة  (IMRT). وهو أيضًا عضو هيئة تدريس في أكاديميّة سالزبورغ للتربية الإعلاميّة، وباحث لدى ICMPA في جامعة ماريلاند. سابقًا، كان مديرًا مؤسِّسًا للدراسات الإعلاميّة في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، ودرّس في جامعات ماريلاند وجونز هوبكنز وتاوسون، وفي معهد الإعلام الأردنيّ. كصحفيّ سابق، كان جزءًا من فريقٍ فاز بجائزة ويبي وجائزة نادي الصحافة الأميركيّ لتغطية الحرب الإسرائيليّة على لبنان سنة 2006. وفي العام 2015، فاز بجائزة اليونسكو الدوليّة للتربية الإعلاميّة. تلقى الدكتوراه من جامعة ماريلاند، كوليدج بارك.