حصل على ماجستير في إدارة المؤسّسات غير الربحيّة (القدس)، وعلى البكالوريوس في الاقتصاد (تكساس). مقيم في فلسطين، ويعمل في مجال القطاع غير الربحيّ.
في بنغلاديش، ومنذ أكثر من أربعين سنةً، يَعرف الجميعُ، وخصوصًا النساء، أنّ هنالك بابًا واحدًا يمكن طرقُه حين يشتدّ بهنّ الفقرُ، ألا وهو بنكُ غرامين، الذي ابتدعه البروفيسور محمد يونس، وبسببه حظي بجائزة نوبل للسلام عن دوره في مكافحة الفقر في بلده عبر نظام الائتمانات الصغيرة.
ترافقتْ ولادةُ يونس سنة 1940 مع حملات الثوّار البنغاليين المناهضة للاستعمار. وشكّلت الثورةُ نشأتَه في مدينة شيتاغونغ الساحليّة، الواقعةِ فيما عُرف وقتَها بـ"مقاطعة الهند البريطانيّة،" وهناك وصل إلى مراحلَ متقدّمةٍ من التعليم العالي. لاحقًا، حصل يونس على منحة فولبرايت للدراسة في الولايات المتحدة، حيث نال درجةَ الدكتوراه في الاقتصاد. وعاد لكي يستقرّ في بلده، الذي أصبح دولةً مستقلّةً عُرفتْ باسم بنغلاديش بعد التحرير. وقد صاحبتْ عودتَه مجاعةُ العام 1974، فانخرط في الجهود المبذولة للحدّ من الفقر، وأنشأ برنامجًا اقتصاديًّا للبحوث الريفيّة في الجامعة التي عمل فيها آنذاك.
لاحظ يونس كيف تستدين النساءُ الريفيّاتُ لشراء الموادّ اللازمة في أعمالهنّ اليدويّة، ثمّ يُسدِّدن ديونَهنّ للمُقرضين بفوائدَ عالية، فيصبحن تحت رحمتهم بدلًا من الاستفادة من الأرباح التي يجنينها. ولاحظ أيضًا أنّ المصارف التقليديّة لم تقرض الفقراءَ، مفترضةً أنّهم لن يسدّدوا مستحقّاتِهم إنْ حصلوا على المال. وقد حاول يونس إقناعَ تلك المصارف بإقراض الفقراء، ولكنّها لم تأخذ رؤيتَه المبتكرةَ على محمل الجِدّ.
لم يَقبلْ يونس بالوضع القائم. فبدأ بتحدّي الأحكام المسبَّقة التي افترضها المقرِضون والمصارفُ إزاء"أخلاق الفقراء." فكانت تلك هي البذرةَ التي زرعها فيما يُعرف حاليًّا بمبدأ "القروض المتناهية الصغر." وقد وُضعت الفكرةُ لتكون أنموذجًا قابلًا للتطبيق على أرض الواقع وفي مشاريعَ محتملة. ثمّ عمد يونس إلى بناء مصرفٍ متكاملٍ يعمل في خدمة الفقراء، عُرف عالميًّا باسم "بنك غرامين،" وترجمتُه من البنغاليّة هي "مصرفُ القرية."
وقتها، وَجد يونس نفسَه وحيدًا في"المحيط الأزرق،" حيث يَخلق الشخصُ الرياديُّ مساحةً من الأفكار الإبداعيّة التي لا ينافسه فيها الآخرون، وهو ما يمكّنه من جني ثمار نجاحها قبل أن يزاحموه عليها. وبعد عقودٍ من الزمن أقرّت الجمعيّةُ العامّةُ للأمم المتحدة القرارَ رقم 52\194 للعام 1997، الذي اعتبر نظامَ الائتمانات الصغيرة أداةً مهمّةً لمساعدة الفقراء، والنساء منهم على وجه الخصوص، في جميع أنحاء العالم.
اليوم، تسير مؤسّساتٌ كثيرةٌ في العالم على خطى بنك غرامين، لكنّه يبقى في بنغلاديش اللاعبَ الوحيدَ في منظومة "الإقراض المتناهي الصغر" لأنّ المصارف التقليديّة لم تأخذ العِبرَ من نهجه. كما بدأتْ حملةٌ حكوميّةٌ شعواءُ ضدّه، فعمدت الحكومةُ سنة 2011 إلى الاستحواذ على هذا المصرف، المملوكِ بشكلٍ رئيسٍ من ملايين الفقراء المستثمِرين، واستبعدتْ يونس من رئاسة مجلس إدارته، وهي تخطِّط لتقطيعه إلى حوالي 19 مؤسّسة صغرى من أجل زيادة حصّتها فيه من 25% إلى حوالي 60 %.
ما يزال مقرُّ هذا المصرف في بنغلاديش، وقد خدم أكثرَ من تسعة ملايين مقترِضة ومقترِض، ويوظِّف اليوم أكثر من 11000 موظّفة وموظّف في أكثر من 2600 فرع. وقد أقرض البنكُ حتى يومنا هذا أكثر من 20 مليار دولار أمريكيّ، واستردَّ ما يتجاوز 96.7 ٪ من قيمتها. وهو يواصل إقراضَ النساء بشكلٍ أساسٍ لقناعته بأنّ انتشالَ امرأةٍ من الفقر يساعد في انتشال عائلتها أيضًا؛ ويعود ذلك، بحسب يونس، إلى طبيعة المرأة عمومًا، إذ إنّها تؤْثِرُ عائلتَها على نفسها في العادة، بينما الأمرُ ليس كذلك بالنسبة إلى طبيعة الذكور.
لم تقتصر رؤيةُ يونس الاجتماعيّة ــــ التجاريّة على القضاء على الفقر، بل تجاوزتْ ذلك إلى صنع السلام، كما سنرى في نهاية هذه المقابلة. فقد أخبرني أنّنا عندما نتحوّل من حضارةٍ أُسّستْ على قواعد الجشع إلى أخرى تُبنى على المودّة والتشاركِ والرأفة، فسنكون أمام أرضٍ خصبةٍ للسلام. وحدّثني عن رؤيته المستحدثة إلى العالم، ألا وهي عالمٌ ذو ثلاثة أصفار: صفر فقر، وصفر بطالة، وصفر انبعاثات كربون. وهكذا ساعدتْ بلورتُه لفكرة بنك غرامين على صياغة رؤية سكّان العالم بأسره.
حصل البروفيسور يونس وبنكُ غرامين على جائزة نوبل للسلام بالمناصفة. وامتدحتْ لجنةُ نوبل للسلام لعام 2006 بنكَ غرامين لكونه مصدرَ إلهامٍ "للعديد من المؤسّسات العاملة في مجال القروض المتناهية الصغر كتلك التي نشأتْ في جميع أنحاء العالم."
يحلم محمد يونس بعالمٍ خالٍ من الفقر بحلول العام 2050. فقد كتب ذاتَ مرّة أنّ مكان الفقر الأنسب هو المتاحف، وأنّ الفقر "يجب ألّا يمتّ إلى مجتمعٍ إنسانيٍ متحضّر بصِلة." وكان قد أكّد سابقًا أنّ البشريّة استطاعت أن تنشئ عالمًا خاليًا من العبوديّة والجدريّ والفصل العنصريّ، وعليه فإنّ "خلقَ عالمٍ خالٍ من الفقر سيكون إنجازًا يفوق كلَّ هذه الإنجازات. وسيكون هذا عالمًا يمكن أن نَفْخر جميعُنا في العيش فيه."
هنا نصّ الحوار الذي أجريتُه معه قبل فترة.
***
محمد يونس: يجب ألّا يمتّ الفقر إلى مجتمعٍ إنسانيٍ متحضّر بصِلة
* أنشأتَ مشروعك التجاريّ ــــ الاجتماعيّ، بنك غرامين، متحدّيًا الأحكامَ المسبّقةَ ضدَ الفقراء. هل تعتقد أنّك كنتَ، إلى حدّ ما، رمزًا ثوريًّا؟
ــــ لم أستطع تصديقَ كيف ترفض المصارفُ إقراضَ الأموال للفقراء. لم يكن هذا أمرًا معقولًا بالنسبة إليّ. لقد أخبرتُها أنّ "المصارف وُجدتْ لتقرضَ الجميع، ولكنّكِ تفعلين ذلك بطريقةٍ مثيرةٍ للاستغراب: تقدّمين المالَ إلى أشخاص لديهم الكثيرُ منه، ولا تقدّمينه إلى مَن لا يمتلكونه!" وأخبرتُها أنّ المهمّ أن تقرض المالَ مَن لا يمتلكه. ولكنّها وَجدتْ ما أقولُه مضحكًا.
بدأتُ بإقراض الأموال من جيبي لإنقاذ أهالي القرية الذين وقعوا ضحيّةً لحيتان الإقراض. أُعجبَ الناسُ بهذا الأمر. فرحتُ أقدّم المزيدَ من المال إلى المزيد من الناس. كان ذلك بدايةَ نظام مصرفيّ جديد جدًّا: أن تقدِّم القروضَ إلى الأفقر، وتحديدًا أفقر النساء، وبلا ضمانات. وقد نجح الأمر،وأصبح يُعرف ذلك باسم "القروض المتناهية الصغر" (microcredit) أو "التمويل المتناهي الصغر" (microfinance). وقد أنشاتُ مصرفًا للفقراء أصبح يُعرف باسم بنك غرامين، أو مصرف القرية.
كانت الفكرةُ ثوريّةً لأنّها استطاعت تغييرَ المفاهيم المصرفيّة 180 درجةً. فقد أنشأتُ مصرفًا يقوم بجميع مهامّ المصارف التقليديّة ولكنْ في الاتجاه المعاكس تمامًا. وهو ما يثير أسئلةً جوهريّةً عن المنظومة المصرفيّة بكاملها.
* كيف واكب بنكُ غرامين التغيّر والتطوّر والتكيّف على مدار تاريخه؟
ــــ ظلّ بنكُ غرامين ملتزمًا بشدّةٍ بأهدافه الأساسيّة وإستراتيجيّاته. كما ظلّت ملامحُه التشغيليّة هي ذاتَها. ومع الوقت، أُدخل عليه العديدُ من الميزات لجعله أكثرَ مواءمةً لراحة المقترِضين. اليوم، أضحت برامجُ الإقراض فيه أشدَّ مرونةً، وباتت مصمَّمةً لكلّ حالةٍ على حدة. ومع هذا، تبقى المجموعاتُ الخماسيّة والاجتماعاتُ الأسبوعيّة في صميم برامج الإقراض وبرامج التطوير المجتمعيّ لدى المصرف، وما زالت القروضُ تقدَّم حصريًّا إلى الأعمال المُدِرّة للدخل. وعلى الرغم ممّا سبق، فإنّ المصرف متمسّك بمبدأ أنّه لا ينبغي أن يأتي الناسُ إلى المصرف، بل على المصرف اللحاقُ بالناس.
* هل تعتقد أنّ فقراء بنغلاديش الريفيين تمكّنوا من تغيير أوضاعهم بفضل بنك غرامين؟
ــــ لقد قطع المقترِضون شوطًا كبيرًا خلال الأعوام الواحد والأربعين الماضية من عمل بنك غرامين. بنغلاديش نفسُها حقّقت الهدفَ الأوّلَ من "الأهداف الإنمائيّة للألفيّة" عبر تقليص حجم الفقر فيها بمقدار النصف بحلول يونيو 2013، أيْ قبل عامين ونصف العام من العام 2015 (المفترض). لقد تغيّرتْ نوعيّةُ حياة المقترِضين من بنك غرامين إلى حدّ كبير، وأضحى تمكينُ المرأة ظاهرًا للعيان في كلّ المناطق الريفيّة في بنغلاديش. المقترضون هم الذين يمتلكون بنكَ غرامين، وهذا يعني أنّهم ملّاكُ أكبر البنوك في البلاد.
* كيف يؤثِّر مشروعُك التجاريّ ــــ الاجتماعيّ في فقراء المدن في بنغلاديش؟
ــــ معظمُ مشاريعنا التجاريّة ــــ الاجتماعيّة توجَد في المناطق الريفيّة. شركة الطاقة الشمسيّة (غرامين شاكتي) أَدخلتْ هذه الطاقةَ إلى ما يقرب من مليونيْ منزل ريفيّ. كما أُنشئتْ ثلاثةُ مستشفيات للرعاية الصحّيّة في المناطق الريفيّة، وهي تقدّم أحدثَ خدمات العناية بالبصر إلى سكّان الريف. فضلًا عن خدمات اختبار التربة لدى"غرامين إنتل."وتباع أيضًا ألبانُ دانون المعزَّزة في المناطق الريفيّة والحضريّة من أجل التغلّب على سوء التغذية عند الأطفال. وهناك كذلك شركاتٌ زراعيّة، وأخرى لصيد الأسماك، تعمل في المناطق الريفيّة. "غرامين يوجلينا" تعمل على إنتاج بقلة الماش (وهي نوعٌ من اللوبياء) وتسويقِها. وغير ذلك الكثير. وفي المناطق الحضريّة، لدينا كلّيّة لدراسة التمريض، وسلسلةُ مراكز تجارة اجتماعيّة معروفة باسم "غرامين يونيكلو." وسوف تكون هناك كلّيّةٌ لدراسة الطب، ومستشفًى، عمّا قريب.
* كيف نكرّر في رأيك نموذجَ بنك غرامين لدى الفئات الأعلى دخلًا التي لا تربطها تعاملاتٌ مصرفيّةٌ بالبنوك، خصوصًا على مستوى الهيئات المحليّة؟
ــــ يعمل بنكُ غرامين مع فقراء الدول الغنيّة. على سبيل المثال ، لدى"غرامين أمريكا" عشرون فرعًا في اثنتيْ عشرةَ مدينةً أمريكيّة، مثل نيويورك وميامي ولوس أنجلس وبوسطن وأوماها (نبراسكا) وشارلوت (كارولاينا الشماليّة). وهذه الفروع تَخدم مئةَ ألف امرأة مقترِضة، حصلن على مليار دولار أمريكيّ، بمعدّل سدادٍ يقارب المئةَ بالمئة. وتعكف "غرامين أمريكا" على إنشاء عشرين فرعًا آخر. لكنْ لم يُجرَّبْ بنكُ غرامين على أصحاب الدخل المتوسّط.
* كيف تُقْنع الناسَ برؤيتك؟
ــــ إنّ إعطاء أمثلةٍ حيّةٍ هو أفضل وسيلةٍ لجذب انتباه الناس. عندما نصف إمكاناتِ الشركات التجاريّة ــــ الاجتماعيّة أو نشرحها فإنّها قد تبدو بعيدةً عن مألوف التجارة العاديّة، بل قد يعتبرها الناسُ أفكارًا طوباويّةً خاصّةً بمصْلحين اجتماعيين حالمين. ولكنْ عندما نعطي أمثلةً ونعطي التفاصيلَ الماليّة لكلّ مشروع تجاريّ ــــ اجتماعيّ، فسيبدأ الناسُ بالإصغاء بشكلٍ جادّ. وبعد أن نبدأ بسرد أمثلة عن المشاريع المشتركة مع الشركات الكبرى المتعدّدة الجنسيّات، فسيصغون حقًّا، وسيدركون أنها ليست أساطيرَ خرافيّة.
* ما هي مقترحاتُك كي تُقنع أصحابَ المصالح وصنّاعَ السياسات بتبنّي رؤيتك في "الأصفار الثلاثة"؟
ــــ شاركتُ تجاربَ حياتي من خلال كتابي الجديد، عالمٌ ذو ثلاثةِ أصفار. من الممكن بدءُ الحوار من هذا الكتاب. في مقدور المرء أن يبدأ بتنظيم الحوارات والمناظرات، وأن يكتب آراءه في القضايا التي أثيرُها. ليس مهمًّا أن يتفقَ معي، ولكنْ يمكنه تحديدُ القضايا والسبل المحتملة لحلّها.
اسألوا أنفسَكم: إنْ كان "تركيزُ الثروة" (wealth concentration) حقيقيًّا،(1) فهل يمكننا إيقافُه؟ هل علينا إيقافُه؟ هل سيَسرق الذكاءُ الاصطناعيُّ وظائفَنا منا؟ ما الذي ينبغي على الناس فعلُه عندما لا يعود هناك مَن يَعمل؟ هل علينا محاربةُ الذكاء الاصطناعيّ أمِ احتضانُه؟ كيف سيكون شكلُ العالم في السنوات العشرين القادمة؟ ماهو نوعُ العالم الذي نودُّ أن نعيش فيه في السنوات العشرين القادمة؟
* يُعرِّف البنكُ الدولي الفقرَ كقيمةٍ مطلقة. فهو مثلًا يعرِّف الفقرَ المدقعَ بأنه العيشُ بأقلّ من 1.25 دولار في اليوم. كيف يختلف تعريفُك للفقر عن هذا التعريف؟
ــــ أنا على استعداد دائم للأخذ بأيّ تعريفٍ قابلٍ للتشغيل أو العمل. ولكنني أفضّل أن أَشْغل نفسي بالعمل. فإذا تمكّنتُ من إنجاز مهمّة الوصول بالفقر إلى درجة الصفر في ظلّ أيّ تعريف ٍقابلٍ للعمل، فسيمْكنني عندها أن أبدأ بالتحرّك نحو الوصول بالفقر إلى درجة الصفر على أساس تعريفٍ تالٍ ذي شروطٍ أصعب.
* في كتابك، خلقُ عالمٍ بلا فقر (Creating a World Without Poverty)، ذكرتَ تعبير "السعي المسؤول وراء الربح" (responsible pursuit of profit). ما هي البوصلة الأخلاقيّة التي تحكم مزوِّد الخدمات ذات الأهداف الاجتماعيّة؟
ــــ ما أناقشه هو وجوبُ وجود ضربيْن من المشاريع التجاريّة: مشاريع تجاريّة قائمة لأهداف أنانيّة؛ وأخرى قائمة على الأهداف الغيريّة، ألا وهي المشاريع التجاريّة ــــ الاجتماعيّة. حين نبدأ بإنشاء هذه المشاريع الأخيرة، فسوف نبدأ بتعريف بوصلتنا الأخلاقيّة وببلورتها من خلال تجاربنا الخاصّة. وهو ما سيكون له أثرٌ في المشاريع التجاريّة القائمة على الأهداف الأنانيّة أيضًا.
* كيف تعرّف "النجاح" اليوم مقارنةً بتعريفك له خلال مسيرتك المهنيّة السابقة؟
ــــ كنتُ [في الماضي] أعرّف النجاحَ من خلال النظر إلى أعداد المقترِضين الذين وصلنا إليهم على مستوى العالم عن طريق القروض الائتمانيّة المتناهية الصغر، ومن خلال النظر إلى معدّل السداد الذي شارف على المئة بالمئة، [بالإضافة إلى درجات] التحسّن في حياة الفقراء. اليوم بتّ أرى النجاحَ من منظوريْن: الأول، كما عرّفتُه أعلاه؛ والثاني هو النظر إلى الأثر الذي أحدثَه في منظومة المصارف ككلّ. وفي هذا الصدد الأخير، لا أرى أثرًا كبيرًا، إذ ما زال النظامُ المصرفيُّ العالميّ يركّز على الأثرياء وعلى مصالحهم. وهولم يُحْدِث تقريبًا أيَّ اختلاف في أسلوب عمله.
* تخاض الحروبُ بسبب الجشع. فهل يمكن أن يتحقّق السلام نتيجةً للأعمال التجاريّة ــــ الاجتماعيّة؟
ــــ ستُرسى للسلام دعائمُ قويّةٌ في عالم المشاريع التجاريّة ــــ الاجتماعيّة. إذ حين ننتقل من حضارةٍ قائمةٍ على الجشع، إلى حضارةٍ قائمةٍ على المودّة والقيم الإنسانيّة كالتشارك والرأفة، فسيحظى السلامُ بأرضيّة خصبة.
* هل من رؤيةٍ خاصّةٍ لتحفيز الشباب على بدء مشاريع تجاريّة ــــ اجتماعيّة في فلسطين؟
ــــ بالنسبة إلى فلسطين، ستُفتح الأبوابُ من خلال مبادرتين. الأولى أن يكون هناك مشروعان أو ثلاثة مشاريع تجاريّة ــــ اجتماعيّة بالشراكة مع شركات صديقة في أوروبا أو أمريكا الشماليّة. وهذا سيخلق الأمثلةَ التي ستحتاجونها لإقناع جمهوركم [بالحذو حذوكم]. الثانية، ابحثوا عن روّاد الأعمال المحلّيين المهتمّين ببدء أعمالٍ تجاريّةٍ ــــ اجتماعيّةٍ صغيرةٍ في مجال التسويق، أو الرعاية الصحّيّة، أو التكنولوجيا، أو في مجال ابتكار المشاريع؛ فبمجرد أن تصبح هذه الأمثلةُ قيد التشغيل، فإنّها ستفسح المجالَ لاحتمالاتٍ أكبر.
(1) ملاحظة المُحاوِر: في النظام الرأسماليّ، يُعتبر تركيزُ الثروة لدى فئة معيّنة أحدَ أساليب تضخيمها من خلال استثمار الفئة المستحوِذة في مصادر ومنشآتٍ جديدة.
حصل على ماجستير في إدارة المؤسّسات غير الربحيّة (القدس)، وعلى البكالوريوس في الاقتصاد (تكساس). مقيم في فلسطين، ويعمل في مجال القطاع غير الربحيّ.