أبي: أيمن... أيمن... تعال ناولْني كأسَ ماءٍ ودواءَ الضغط.
أيمن: نعم أبي... هيّا...أنا قادم.
***
أبي هو مَن جعلني أصدّق أنّ المسيح حقًّا قام.
وأنا من صُلبتُ بدلًا منه.
***
قبل أن يموت أبي بيومين
كان قد ناولَني تفّاحةً مسمومة
وقال لي: لقد خبّأتُها لكَ
لأنّي أعلم أنّك تحبُّ التفّاح.
***
وبعد أن توفّي بيومين
أيقظني مرّةً لصلاة الفجر
رآني خارجًا للتوّ من حلمٍ مبلّل
ذهب إلى أمّي، وقال لها:
هو كبر الآن، وأينع صباه،
علينا أن نقطفَ أحلامَه!
***
قلتُ لأبي قبل أن يموت إنّ
الكرة الأرضيّة تدور
حول نفسها. قال:
هذا كفر.
قلت لأبي، قبل أن يموت، إنّ
الإنسانَ هبط
على سطح القمر. قال:
هذا تجديف.
قلتُ لأبي، قبل أن يموت، إنّه
يمكنكَ أن تتابع عاصفةَ الصحراء
مباشرةً على الجزيرة. قال:
هذا فيلمٌ أميركيّ.
قلتُ لأبي، قبل أن يموت، هل تحبّني؟
***
كان ينامُ على صوتِ المذياع
وكان يستيقظُ على صوتِ المذياع
وطوال الليل، وما بينَ قطْعِ البثّ ووصلِه،
كانت أحلامُنا كلّها تغطُّ في وشيشِ وجودِه.
***
آخرُ كلمات أبي التي نطق بها كانت
أنا الأبُ الأخير
أنا هو ختامُ الآباء
لا طوفان للآباء ينقذهم من بعدي.
***
عندما قلتُ له سوف أهاجر، قال:
لا تعُدْ أبدًا مرّةً أخرى، مهما كانت الأسباب.
عندما مات أبي، قلت له:
لا تعُد أبدًا مرّةً أخرى، مهما كانت الأسباب.
***
في مثل هذا اليوم، أتى أبي إلى الحياة.
في مثل هذا اليوم، ماتت الحياة.
***
مات أبي اليوم
بعد أن قتلتُه وأنا صغير.
مات أبي اليوم
بعد أن قتلَني وأنا صغير.
***
قال لي أبي: لا تنظرْ وراءك أبدًا،
ثمّ مات.
ومازلتُ أنظر حولي،
وأمامي،
وتحت قدميّ،
وفوق سمائي،
ولا أذهبُ إلى قبره.
سوريا
* هذا الجزء الثاني من قصيدة للشاعر نُشرت سابقًا بعنوان في اليوم الذي...