كاتب وشاعر سوريّ، يحمل إجازةً في الاقتصاد من جامعة دمشق. من أعماله: سيرة الانتهاك (رواية، 2011)؛ غائب عن العشاء الأخير (رواية، 2015). وله مقالات ونصوص متفرّقة، وسيناريوهات أفلام قصيرة على اليوتيوب.
... توفّي فيه أبي
مات أوديب أيضًا.
ترى مَن سأكرهُ الآن؟
في اليوم الذي توفّي فيه أبي
وفي اللحظة ذاتها
كنتُ أمارسُ الجنسَ مع عاهرة.
قبل أن يموتَ أبي بيومين
جلستُ إليه أعقدُ هدنة.
هكذا قال لي طبيبي النفسيّ.
لن أدفعَ له قرشًا مرّةً أخرى
هو كاذب.
بعد أن توفّي أبي
ذهبتُ إلى أمّي وقلتُ لها إنّه أتاني في الحلم
وكان يضحك
وكان شابًّا
وكان قويًّا، عفيًّا،
وكان يضرب أمّي.
في اليوم الذي توفّي فيه أبي...
لم أعد أذكرُ تاريخَ وفاته.
في يوم وفاته اكتشفتُ أنّه:
كان يخبّئ نساءَ خياله في قناني العطرِ الخاصّةِ به.
كان يخبّئ أفكارَه في أعقابِ سجائره.
كان يخبّئ نقودَه في جيوبِ كفنِه.
كان يخبّئ أسماءَ أطفالِه الحرام في بطاقاتِ سفره.
في يوم وفاته سمعتُ أمّي تقولُ له
إنّني لستُ مِن صُلْبه.
ليحيا أوديب مرّةً أخرى داخلي.
سوفوكل عليكَ اللعنة.
بعد أن توفّي أبي
أين لي أن أشتري لعبًا مرّةً أخرى لأكسرَها؟
توفّي أبي
مات!
أحقًّا مات، أمْ أنّني قتلتُه في ألعابي فقط؟
قالت أمّي: توفّي أبوك.
قلت لها: لقد توفّيتُ أنا قبله.
قالت أمّي: توفّي أبوك.
قلتُ لها: لقد مات مرّتيْن قبل ذلك.
قالت أمّي: لقد توفّي أبوك.
قلت لها: وهل أنت أمّي حقًّا؟
قالت أمّي...
أمٌّ لم تقُل
أمٌّ فقط كان البكاءُ هو قولها.
في يوم وفاتِه،
وعند الصلاةِ فوق جثمانِه،
تذكّرتُ أنّني لم أتوضّأْ
لم أستحمّ
لم أتطهّرْ
لم تغادرْني رائحةُ العاهرةِ بعد.
في يوم وفاته، وعندما حملنا التابوت،
كان ثقيلًا بخطاياه
كان ممتلئًا بنقوده
كان طويلًا، ممتدًّا،
وشاركَنا أربعون شخصًا في حملِه.
كان يتدلّى منه حبلُ الكذب
وكنّا لا نصدّق موتَه.
في يوم وفاته أخطأ المقرئُ مرّتين في قراءة سورة "التوبة."
سوريا
