متفاديًا أيَّ ارتطامٍ بالسحابْ،
مسَّت يداهُ الشمسَ:
لوَّح من بعيدٍ ثُمّ آب.
مِن غدرِ مَن غدروا بهِ،
يشكو.
ولكنْ ــــ مرغمًا ــــ
حَضرَ الوليمةَ.
صافحَ القتلى جميعًا
وانتهى زَمنُ العزاءْ!
مَرِنٌ،
ولكنْ ــــ عندما غَدَروا به ــــ
جعلوهُ يصلحُ للظلامِ وللضياءْ!
قتلوهُ؟
لا.
بل إنّهم رفعوهُ
حتّى صارَ مِهمازُ الحذاء بمستوى رأسِ الجُـناة.
هو لم يمُتْ أبدًا،
ولكنِ المُـــسجّى في صلاةْ!
هو ليس أعمى العين
أو من لا يَضيق
ولا توسَّعَ لاتّساعٍ بؤبؤُ العينِ العقيقْ...
هوَ مبصرٌ كالمبصرين
يرى،
ويَزفرُ ما تنفَّسَ مِن هواءْ.
هو ذلك الصوفيُّ
مُذ سئمَ الغناءْ!
هو ذلك الظمآنُ إذ يحشو مسدّسَ جُرحِه
بأصابع أخذتْ من الدسمِ القليلْ!
شَظفُ المعيشةِ لا يَهُمُّ:
فما يَهُمُّ هوَ الوصُول؛
فالمجدُ سُلَّمُهُ طويل.
***
الثائرُ العربيُّ مستلقٍ
يُراقبُ ــــ من سَريرِ العافية ــــ
قطراتِ أكياس المُغذّي الحُلوِ تنزلُ؛
لا مسافة بينها،
ومُنظّمُ الإعطاء يفتحُ في الوريدِ لها الطريقْ
ويراقبُ الزمنَ القديمَ مقارنًا:
ما بينهُ
قبلَ اشتعالِ الدم تحريرًا،
وما بعد الحريقْ.
***
قصرُ الطغاةِ الآن مُتحف:
أزياؤُهُ ساعاتُ معصمهِ الكثيرة.
لوحةُ النسبِ النبيل،
ووسائلُ التعذيب،
تدخلُ معْلمًا في جدولِ السيّاح.
لكنَّ الجِراح ــــ للآن ــــ
تأكلُ في حُشاشاتِ القتيلْ.
الثائرُ العربيُّ يرفضُ عودةَ القصرِ المُــنيفِ كمُتحفٍ؛
الثائرُ العربيُّ يرفضُ عودةَ السيَرِ القبيحةِ في كتاب؛
ويقولُ "لا" في وجهِ مَن قالوا "نعم"!
ويقولُ:
"ماذا تَطلبونْ؟
معكم جنائزكُم؛ فخلُّوا دورتي الدمويّةْ.
لن تمَّحي في لحظةٍ أوهامُكمْ؛
فخذوا مقدَّسَكُم،
وخلُّوا سيرتي:
سَتشقُّ دربًا في المجرَّة
ستصيرُ ضوءًا منهُ تُبعَثُ أمّة
لِتنيرَ صمتَ المقبرةْ!"
***
للنومةِ الكبرى يُسلّم حاله للارتياحْ،
ومُنبّهُ الجوّالِ يَعزف.
ماعساهُ الآنَ يَصنعُ للّذي ــــ متبسمًا ــــ
رحلَ الصَّباحْ؟!
العراق