نتيجةً لما تمَ نشرُه على مواقع التواصل ومن خلال وسائل الإعلام الإسرائيليّة، بعد الحصول على عددٍ كافٍ من المستندات التي تصلح لتقديم دعوى ولملاحقة البطريرك عن تلك البيوعات التي تمسّ الأوقافَ الأرثوذكسيّة في مختلف أنحاء فلسطين التاريخيّة، بما فيها وعلى رأسها في القدس؛
فقد تقدّم 309 أشخاص اعتباريين ومعنويين وأفراد بدعوى سُجّلتْ أمام عطوفة النائب العامّ لدولة فلسطين تحت رقم 4585/2017. وقد مثلّ هؤلاء المشتكين نقيبُ المحامين الأستاذ جواد عبيدات، ونائبُ النقيب الأستاذ نائل الحوح، وباقي أعضاء مجلس النقابة الأساتذة: داود درعاوي، لؤي أبو جابر، راوية أبو زهيري، أمجد الشلة، محمد جرار، محمد سهيل عاشور، جهاد الزعبي، والمحامون الأساتذة: نبيل مشحور، شكري العابودي، وليد العارضة، توفيق قفيشة، جمال شديد، أحمد الصيّاد، ماهر زحايكه، ناصر دبواني، فضل نجاجرة، هشام أبو حلو، يوسف علقم، وعيسى قاحوش.
وقد قُدّمتْ هذه الشكوى ضد كلّ من: 1. بطريركيّة الروم الأرثوذكس المقدسيّة. 2. بطريرك القدس للروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث (ايليا بن بنايوتس وافانجيليا يانوبولس) والمعرَّف أيضًا بـ إيليا جيانوبولس. 3. كلّ مَن يَثبت أنّه وقّع وشارك وساهم وتدخّل وساعد في التهم المنسوبة، على النحو التالي:
- إساءة الائتمان، خلافًا لأحكام المادة 422 و423 من قانون العقوبات.
- الخيانة وبيع أراضٍ للعدوّ، خلافًا لأحكام المادّة 114 و127 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960.
- الخيانة والإجرام، خلافًا لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2008 والمتعلّق ببيع الأوقاف والعقارات في القدس.
- نقض التعهّدات الخطّيّة والموقّعة بالحفاظ على الأوقاف الأرثوذكسيّة.
- مخالفة أحكام القانون الأردنيّ رقم 27 لسنة 1958.
- التضليل الإعلاميّ والافتراءات.
- إثارة النعرات والتخوين.
- تهويد الأوقاف وأراضي الكنيسة.
- الإضرار بالاقتصاد الوطنيّ.
- غسل الأموال وتهريبها إلى الخارج.
- التواطؤ في الدفاع عن قضيّة عقارات باب الخليل.
- التستّر عن صفقتين إضافيتين كان قد عقدهما المدعوّ باباديمس بالتزامن مع صفقة باب الخليل مع جمعيّة عتيرت كوهانيم الاستيطانيّة (دير مار يوحنّا، وأرض في سلوان) والإقرار بهما.
- بيع الوقف العربيّ الأرثوذكسيّ بيعًا كاملًا بدوائر الطابو (لا حكرًا ولا تأجيرًا) والتنازل عن ملكيّتها لصالح حكومة الاحتلال بشكل مباشر و/أو عبر شركات استيطانيّة و/أو إلى شركات وهميّة مسجّلة في جزر العذراء وسانت فينسنت في الكاريبي.
- إيذاء الحسّ الوطنيّ للرعيّة العربيّة الأرثوذكسيّة، وإثارة الفتن الطائفيّة.
علمًا أنّ ثمّة على الأقلّ تهمتين تصل عقوبتُهما إلى الإعدام.
وقد أُرفقتْ مع تلك الشكوى المستنداتُ الخطيّةُ التي تُثبت وقوعَ البيوعات و/أو التواطؤ، وأيضًا على سبيل المثال وتدليلًا على صحّة الشكوى وقيام البطريرك ببيع 570 دونمًا من أراضي القدس، بما عُرف بصفقة رحافيا بتاريخ 2/8/2016 وقيامه ببيوعات أخرى في الرملة ويافا وقيساريا وطبريا.
وإنّ هذه البيوعات هي بيعُ مالٍ لا يملكه، وهو لملكيّة أبناء هذا الشعب، وخلافًا لقانون الوقف الذي يحرم البيعَ.
كما تطرّقت الشكوى إلى تقصير البطريرك في الدفاع عن قضيّة باب الخليل، وتقصيرِه في إدارة الملفّ، وعدم اتّخاذ أيّ إجراء قانونيّ قبل حصوله على الاعتراف الإسرائيليّ به؛ فضلًا عن التفاهمات التي نُشرتْ بينه وبين الوزير رافي إينان، رئيسِ اللجنة الوزرايّة الإسرائيليّة في حينه، وإقراره بأنّ القانون الإسرائيليّ هو الذي يحكم العلاقةَ بينه وبين سلطات الاحتلال وليس القانون رقم 27 لسنة 1958 الساري المفعول، وذلك خلافًا لتعهّداته أنّ القانون الأردنيّ المذكور هو ساري المفعول.
فضلًا عن مخالفته لأحكام القانون المرقوم أعلاه والتي منها على سبيل المثال: عدمُ تخصيصه ثلثَ ما يتبقّى من الإيرادات العامّة ليوضع تحت تصرّف المجلس المختلط.
وفضلًا عن تضليله في ما عُرف بصفقة مار الياس، على الطريق الواصلة بين بيت لحم والقدس، وهي محتلّة منذ العام 1967، وتبلغ مساحتُها حوالي 71 دونمًا، وسُلّمتْ إلى شركات استيطانيّة سمّاها "يسارية." هذه الأرض ستقام عليها وحداتٌ استيطانيّة وفنادقُ سياحيّة، الأمر الذي من شأنه ــــ إضافةً إلى تأثيراته السياسيّة ــــ أن يضرب السياحة في بيت لحم وفنادقها.
[يضاف إلى ذلك] ما نُشر حول مخالفته للقانون عن طريق قيامه بتهريب 172 مليون دولار أمريكيّ وإيداعها في بنوك أجنبيّة؛ الأمر المخالف للقوانين السارية المفعول في فلسطين، ويُلْحق أضرارًا بالاقتصاد الفلسطينيّ.
فضلًا عن مخالفاته لتعهّداته بالحفاظ على الأوقاف وتطبيق موادّ القانون رقم 27 لسنة 1958.
إنّ النيابة العامّة قد باشرتْ تحقيقاتِها، واستمعت إلى عدد من الشهود ومن ذوي الاختصاص، وقُدّمتْ لها بيناتٌ خطّيّة تؤكّد الشكوى وتثبت وقوعَ المخالفات والجرائم. وهي ما زالت مثابرةً على التحقيق، ومن حقها أن تستدعي المتَّهمين، خصوصًا أنّ من الشروط اللازمة للاعتراف به بطريركًا أن يكون حاملًا للجنسيّة الأردنيّة.
ثم إنّ العقارات المباعة هي عقارات فلسطينيّة، والاختصاص ينحصر فقط في النيابة والقضاء الفلسطينييْن للتحقيق والمحاكمة. والقانون الساري المفعول هو قانون رقم 27 لسنة 1958 الذي ينصّ من ضمن بنوده على أنّ رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون ــــ كلٌ في مجال اختصاصه ــــ عن الحرص على تطبيق أحكام هذا القانون؛ فالاختصاص ينعقد حصرًا للنيابة، والقضاء في فلسطين للتحقيق والمحاكمة.
آملين أن يتمّ الانتهاءُ من التحقيق وإحالة المتهَمين إلى القضاء ليقول كلمته.
مع الاحترام،
المحامي شكري العابودي