خطوات عمليّة في مواجهة صفقة التصفية ــ ملف
11-02-2020

 

رجلان حضاريّان أميركيّان مسالمان عزما على إنهاء "النزاع" في منطقتنا. أحدُهما قرّر أن يثقّف نفسَه قبل أن ينهيَ هذا النزاع، فقرأ كما يقول "25 كتابًا عن الصراع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ،" وكتب ملخَّصًا بائسًا لِما أعجبه في تلك الكتب، ثم تشاور مع الأميركيّ الآخر (عمِّه دونالد ترامب - - لا غريب في الدار) في هذا الملخّص. بعد ذلك، تشاور الاثنان مع بعض الرؤساء والملوك العرب (وبعضُهم لم يقرأ كتابًا واحدًا في التاريخ أو الكرامة) من أجل رشوة الفلسطينيين وسائرِ العرب للقبول بالخطّة. ثم دعَا الأميركيّان الحضاريّان رئيسَ حكومةٍ حضاريّةٍ أخرى منذ 72 سنةً. جاء الحضاريُّ الثالث هذا، و"تَصافقَ" مع الحضارييْن الأوّليْن. 

جاء في تاج العروس: "الصفقُ هو  الضربُ الذي يُسمعُ له صوت... والصفْقُ هو الردُّ والصرْف... وصفَق ماشيتَه صفقًا: صرفها... والصفق: الناحيةُ والجانب...". لكنّ أطرفَ ما ذكره الزبيدي في التاج العظيم: "وإنّما قيل للبيعة صَفْقةٌ لأنّهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأيدي."

هكذا جرى "صفْقُ" الشعب الفلسطينيّ بكلّ المعاني الواردة في تاج العروس: لقد قرّر الحضاريّون الثلاثة أن يضربوا هذا الشعبَ بشكلٍ مسموع، وأن يصرفوه ويُبعدوه إلى الدول المحيطة وغيرِ المحيطة بموطنه الأصليّ. وجاء ذلك بعد أن "صفق" ترامب لنتنياهو وكاشنر بالبيع، أو "صفق على يدهما،" أيْ ضرب يدَه على يدهما عند إتمام البيعة. ولا حاجة هذه المرة إلى شريك فلسطينيّ.

ربّما علينا هنا أن لا ننسى مفردةً أخرى واردةً في معاني الجذر نفسه (ص ف ق) لدى الزبيدي، عنيْنا كلمة "صفيق،" أيْ وقح. وهي لا تنطبق على ترامب ونتنياهو قدْرَ انطباقها على ممثّلي الأنظمة العربيّة الجالسين في حفل التوقيع، و"المصفِّقين" لإتمام البيْع، أو المخطّطين لهذه الصفقة بالهاتف واللقاءات السرّيّة والعلنيّة.

***

لكنْ هل نردّ على صفقة القرن... بملفّ ثقافيّ؟!

السؤال يستبطن سخريةً من دور الثقافة في مواجهة الصفقة أو الصفاقة (أي الوقاحة). وهذه السخرية محقّةٌ، بالنظر إلى تخلّي أعدادٍ كبيرةٍ من المثقّفين العرب عن أدوارهم المفروضة في التغيير والمقاومة. لكنّ المواجهة الحقيقيّة لا يمكن، ولا ينبغي، أن تستبعدَ الثقافةَ، خصوصًا متى انجدلتْ هذه الأخيرةُ مع السياسة الأخلاقيّة والمقاومة الميدانيّة والمسلّحة. بل يمكن القول إنّ أحدَ أبرز عوامل الهزيمة العربيّة هو استبعادُ الثقافة من المواجهة، وعدمُ إتمام "صفقةٍ" نبيلةٍ بينها وبين السياسة والأخلاق والقوّة (الشعبيّة والمسلّحة).

***

هذا الملفّ جزءٌ أوّل من ملفٍّ متدحرج، يتناول الخطواتِ العمليّةَ التي يمكن أن نتّخذَها، فلسطينيين وعربًا، في وجه "صفقة القرن،" التي أُعلن عنها مؤخّرًا لكنّها تُطبخ منذ عقود، بل منذ وعد بلفور 1917.

شارك في الملفّ (ألفبائيًا): أحمد ويحمان (حاوره: عبد الحقّ لبيض)، أميرة سلمي، أمين قمّوريّة، حيدر عيد، خالد بركات، خالد عايد، دانا فرّاج، رانية لصوي، سامر منّاع، عبد الرحمن أبو نحل، عبد الرحيم الشيخ، علي خليفة، علي القادري (حاوره: بشّار اللقّيس)، منير شفيق (المُحاور نفسه)، نضال العزّة، وسام الرفيدي.

لقراءة الملفّ كاملًا، انقر هنا

 بيروت

سماح إدريس

رئيس تحرير مجلة الآداب الورقيّة (1992 ـ 2012) والإلكترونيّة (2015 ـ...). له كتابان في النقد الأدبيّ، وأربعُ رواياتٍ للناشئة، وإحدى عشرة قصّة مصوّرة للأطفال، وعشراتُ الدراسات والمقالات والكتب المترجمة. عضوٌ مؤسِّسٌ في "حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان" (2002 ـ ...). ينتهي خلال أعوام من إنجاز معجم عربيّ  ضخم صادر عن دار الآداب.

كلمات مفتاحية