ابتدأت القصّةُ عندما أردتُ أن أبكي، فضحكتُ.
عندها، قال لي أستاذُ الرسم إنّ دالي وبيكاسو هما مَن شوّها الذوقَ البشريَّ للجمال، وجعلاه يستطيل كأفعى ميّتة.
وتذكّرتُ عندما تبعتْنا القطّةُ الصغيرةُ من أوتوستراد العدوي، مرورًا بكورنيش التجارة حتّى ساحة العباسيين، ثمّ نزولًا إلى شارع حلب.
كان صديقي قاسي القلب، وأراد أن يركلَها في مؤخّرتها، فمنعتُهُ، واقتربتُ منها.
وعندما أردتُ أن أعطيها بعضًا من الشاورما التي كانت معي، صرختُ فيها صرخةً مهولةً فهربتْ. وعندما كانت تقطع الشارع مرّت سيّارةٌ مسرعة، فدهسَتْها.
حزنتُ كثيرًا، وبدأتُ أقهقهُ كالمجنون.
عندها بدأتُ أؤمنُ أنّ الشعراء أشخاصٌ خارقون. حتّى إنّي اعتقدتُ أنّهم يصنعون المعجزات.
وعندما التقيتُ أحدَهم في ذاك المقهى على قاسيون، اقتربتُ منهُ، حتّى بدأ يشكُّ في نيّتي. لا بدّ من أنّهُ اعتقد أنّي سأقتلهُ، أو ربّما سأسألهُ حفنةً من الليرات.
في الحقيقة، كنتُ أريدُ أن أطلب منه أن يجعلني أُتقن الرسم. وعندها تذكّرتُ أنّ رغبتي تلك قتلَتها السنون، في كلمات امرأة.
وعندما درستُ في الجامعة ذيّاك الفرعَ الذي لا يمتّ إلى الفنّ بصِلة، قررتُ أن أصبح مواطنًا صالحًا. فتوقّفتُ عن ركل أبواب دورات المياه، وعن تمزيق صور قادة الوطن.
وبدأتُ، كلّما رأيت ورقةً على الرصيف، أرميها في سلّة المهملات.
كما توقّفتُ عن مغازلة زميلاتي في الجامعة. حتّى قالت لي إحداهنّ إنّني أُشبهُ الراهب الذي ظهر في فيلمٍ سينمائيّ. وعندما سمّت الفيلم، ذُبتُ خجلًا من الاسم مع أنّي لم أشاهده.
هكذا بدأت القصّة، عنما مرّت طائراتٌ إسرائيليّةٌ فوق مطار المزّة للمرّة الأولى.
وصرخنا في ساحة باب توما: "بالروح بالدم."
كنتُ هناك فقدتُ التمييز بين الحالتين، وما زلتُ أبكي لسماع أيّ فكاهة. وأضحكُ حين تعتدي الأممُ علينا.
كندا