أنتمي إلى جيلِ الصمت
حيثُ المتاهات تُغْري بالعدّ
وحيث الذاكرةُ تدرِّب نفسَها على الاستمناء.
لجيل الثمانينيّات شهرةُ المقتولِ برصاصٍ طائش.
على يسار الأشياء، يسير دائمًا
لا رغبةً بالتطرّف
بل مغالاةً في الدَور.
يسندُ المُحطّمَ الميؤوسَ من عَدوِهِ
ولا يجرؤ على الأحلام.
للثّمانينيّ* قهرُ المخذول ممّا لم ينتظرْه... ولم يصل.
وله حكمةُ التّخلي عمّا لا يمتلك!
جدرانُه بدهانٍ مقشّر،
لا لصاقاتٍ يكذب بها على الجيران،
لا لونَ لما يقتنيه بإلحاحِ الصدفة،
ولا ضرورة قصوى تقطعُ السهو.
الثّمانينيّ لا يُبدّلُ مكانه
لا يقيم... ولا يسافر.
يعتني بالتّفاهة
وبالقليل الباقي من الهواء.
لا عاهراتٍ يمشّطنَ خياله.
قد يُنجب، بدافع الواجب،
نطفًا لم تندفعْ ما يكفي لتموت.
الثمانينيّ يحمل خطيئةَ آدم
لا يرتقي بالشكّ ليرميَ أيقوناتٍ لا يؤمن بها.
له عينٌ مدرّبةٌ على التقاط الكَبوات،
بنبوءةِ مهزومٍ يُدرك عقمَ المجد.
يقتفي أثرَ رمالٍ متحرّكة؛
تلك لعبتُه،
يطعمها سرًّا أفرادَ العائلة، ثمّ الحيّ، ثمّ المدينة،
ثمّ الكون، ويعود ليصافحهم جميعًا بنشوة الآثم.
للثّمانينيّ صحوةُ العبث.
النذورُ التي قدّمتْها أمُّه تمنع انتحاره
والليلُ لا يؤرِّقه كأصحابِ القضايا،
الليل سفيرُ موتِه الموقّت،
والحنطةُ...
مروجُ الحنطة هاجسُه.
برأسٍ فارغ وقدمين حافيتين
يريد أن يغزوَ الحياة.
اللاذقية
* ابن فترة الثمانينيّات من القرن المنصرم.