لم يُثر البيانُ المشترك لحملتَي المقاطعة في لبنان والأردن حول محاذير استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سوريا إلى لبنان ضجّةً إعلاميّةً تُذكر. ولم يؤدِّ إلى أيّ نقاشٍ جدّيّ في أوساط القوى الممانِعة أو المناوئة على حدّ سواء.
وإذا كان يَسهل لدى البعض، من كلّ الأطراف، تبريرُ منطق الاستخفاف بالمقاطعة الثقافيّة تحت حجّة "نخبويّتها" أو "رمزيّتها،" والاستخفافِ بالمقاطعة السِّلَعيّة تحت حجّة "عدم فعّاليّتها" (لأنها تتطلّب التزامَ أعدادٍ كبيرةٍ من الناس)، فإنّه يَصْعب تبريرُ التطبيع الطاقيّ بالخفّةِ ذاتِها. ويعود ذلك إلى الأسباب الآتية:
أوّلًا، إنّ حجمَ العائد الماليّ للتطبيع الطاقيّ على الكيان أضعافُ حجم عوائد التطبيع السِّلَعيّ (وطبعًا الثقافيّ).
ثانيًا، إنّ الطاقة سلعةٌ استراتيجيّة يمْكن من خلالها، كما يختبر اللبنانيّون بمرارةٍ منذ شهور، شلَّ مجتمعٍ بأكمله. الطاقة هي من أعتى أساليب التبعيّة لكونها سلعةً أوّليّةً لا يمكن الاستغناءُ عنها، وتتطلّب مقاطعتُها وإيجادُ بدائلَ لها أثمانًا اقتصاديّةً باهظة.
ثالثًا، لا تستلزم الطاقةُ تسويقًا مستمرًّا، ولا تحديدَ مصدر نشأتها، بل تصبح جزءًا لا يتجزّأ من البنية التحتيّة. بكلامٍ آخر: الطاقة لا تتطلّب تطبيعًا مستمرًّا، بل مشروعيّةً من الدول المعنيّة على شكل اتفاقيّةٍ لمرّةٍ واحدةٍ فقط. وعليه، فالمقاطعة الطاقيّة على مستوى الفرد، بل على مستوى قوًى غيرِ حكوميّة أيضًا، دونها عوائقُ جمّة.
رابعًا، لم يَعدْ خافيًا على أحد أنّ الحرب اليوم هي حربٌ ماليّةٌ واقتصاديّةٌ بامتياز (وإنْ بالغ البعضُ في عزو كلّ أزمة لبنان إلى ذلك). وهذا لا يعني أنّ الصراعَ العسكريّ المفتوح انتهى، لكنّ كلفتَه - بسبب نجاح المقاومة المسلّحة - باتت كبيرةً؛ ما يعني تفعيلَ الحرب الماليّة والاقتصاديّة التي ما زال المعسكرُ الأميركيّ، حتى اللحظة، يَمْلك مفاتيحَها.
خامسًا، يأتي اتفاقُ استجرار الكهرباء والغاز بُعيْد اتفاقات التطبيع مع دولٍ خليجيّةٍ عدّة. وهذا يزيد من أهمّيّة قَطْع الطريق على أيّ محاولةٍ لدمج شبكة الطاقة الإسرائيليّة مع المنطقة العربيّة.
سادسًا، يتزامن هذا الاتفاقُ أيضًا مع صعود الصين قوّةً اقتصاديّةً تسعى، من خلال مبادرة "الحزام والطريق،" إلى توسيع البنية التحتيّة عبر المنطقة. وهذا سيولِّد المزيدَ من التشابك بين شبكات الطاقة والنقل، ويُصعِّب من ثمّ عزلَ إسرائيل في مرحلةٍ لاحقة، خصوصًا أنّ لدى الصين اليوم علاقةً اقتصاديّةً ممتازةً بالكيان، وبالتالي لن تكون عربيّة أكثرَ من العرب.
سابعًا، يتزامن هذا الاتفاقُ أيضًا مع بدء عصر إنتاج الغاز في شرق المتوسّط وما تلاه من تكتّلاتٍ جيو-اقتصاديّة، كمنتدى الغاز لشرق المتوسّط، بعضويّة فرنسا وقبرص ومصر و"إسرائيل" واليونان وإيطاليا (وسلطة رام الله تحت مسمّى "فلسطين") - وهو منتدًى مناهضٌ لتركيا.
في ظلّ هذه المعطيات، لا يقلّ موضوعُ استجرار الكهرباء والغاز إلى لبنان أهمّيّةً عن موضوع ترسيم الحدود اللبنانيّة مع فلسطين المحتلّة، وكلاهما أصلًا وجهان لعملةٍ واحدةٍ، عنوانُها: تحوّلاتٌ في خريطة استخراج الطاقة وتوزيعِها في المنطقة. فقد حدث تحوّلٌ نوعيٌّ في العقد الأخير في ما يخصّ طبيعةَ الصراع الاقتصاديّ مع الكيان الإسرائيليّ إثر أربعة مستجدّاتٍ رئيسة: خلقُ توازن ردعٍ عسكريّ في وجه هذا الكيان، واكتشافُ الطاقة في شرق المتوسّط، والانتفاضاتُ العربيّة (2010 -...)، والتوسّعُ الاقتصاديّ الصينيّ. لا يمكن فهمُ التحوّل هذا وتداعياتِه من دون وضعه أوّلًا في سياق التطبيع الاقتصاديّ بين الكيان الصهيونيّ ودولِ الطوْق إثر اتفاق أوسلو المشؤوم.
التطبيع الاقتصاديّ ما بعد أوسلو وما قبل الطاقة
بعد اتفاقيْ أوسلو (1993) ووادي عربة (1994)، سعت الولاياتُ المتحدة إلى تفعيل التطبيع الاقتصاديّ بين "إسرائيل" والقوى العربيّة المجاورة لها (سلطة رام الله والأردن ومصر). وإذا كان التطبيعُ مع قيادة منظّمة التحرير قد أدّى إلى تبعيّة الضفّة الغربيّة تبعيّةً اقتصاديّةً كارثيّةً لكيان العدوّ، نتيجةً لعوامل الجغرافيا والخلل الكبير في موازين القوى، فإنّ مسارَ التطبيع مع الأردن ومصر، بحسب مركز (المتصهين) طوني بلير للتغيير العالميّ، لم يلقَ النجاحَ نفسَه.
حاولت الولاياتُ المتحدة تفعيلَ التطبيع الاقتصاديّ بين الأردن والكيان عبر ثلاث قنوات:
- الأولى هي قناةُ الدعم الماليّ المباشر للنظام الأردنيّ، إذ مَنحتْ تسهيلاتٍ ماليّةً بقيمة 3 مليارات دولار لإعادة هيكلة ديون المملكة الهاشميّة، وزادت من دعمها السنويّ للمملكة حتى بلغ اليوم حوالي 1.3 مليار دولار.
- الثانية هي دمجُ الاقتصاد الأردنيّ بالاقتصاد الرأسماليّ العالميّ عمومًا، والغربيّ تحديدًا، وذلك من خلال دعم عضويّة الأردن في منظّمة التجارة العالميّة، والسعي إلى إبرام اتفاقات تجارة حرّة. أوّلُ هذه الاتفاقات اتفاقٌ أردنيّ-إسرائيليّ (1995)، ومن ثمّ اتفاقٌ أردنيّ-إسرائيليّ-أوروبيّ (2006) يقدّم أفضليّةً تبادليّةً مع الاتحاد الأوروبيّ إلى السلع التي تحوي موادَّ مشتركةَ الصنع بين الأردن والكيان. وقد تزامن ذلك مع حثّ الأنظمة الخليجيّة (الجاهزة دومًا) على زيادة دعمها للأردن، ماليًّا وتجاريًّا، من خلال فتح أسواق الخليج بشكلٍ أكبر للصادرات الأردنيّة.
- أمّا القناة الثالثة، فهي التحفيزات الاقتصاديّة المباشرة للتعاون الصناعيّ بين الأردن و"إسرائيل،" وركيزتُها إنشاءُ "مناطق صناعيّة مؤهّلة" (QIZ) في الأردن (ولاحقًا مصر) عبر اتفاقيّةٍ ثلاثيّةٍ بين الولايات المتحدة والأردن و"إسرائيل" (1998). بموجب الاتفاقيّة، تخضع منتجاتُ هذه المناطق المؤهَّلة، وهي منتَجاتٌ تُصنَّع عبر شراكة رؤوس أموالٍ إسرائيليّةٍ وأردنيّة، لاتفاقيّة التجارة الحرّة بين الكيان والولايات المتحدة؛ أيْ إنّها لا تخضع للجمرك أثناء تصديرها إلى الولايات المتحدة.
غير أنّ اتفاقيّات التبادل الحرّ لم تؤدِّ إلى النتائج المَرجُوّة. فالتبادل التجاريّ بين الأردن وكيان الاحتلال بقي محدودًا جدًّا، إذ لم تتجاوزْ صادراتُ كلٍّ من الدولتين الواحدة إلى الأخرى أكثرَ من 2% من مجمل صادرات كلٍّ منهما إلى العالم على حِدة. أمّا على صعيد المناطق الصناعيّة المؤهَّلة، حيث نشطتْ صناعةُ النسيج لتصدير الألبسة إلى الأسواق الأميركيّة، فقد تضاعف التبادلُ التجاريّ بين الأردن والكيان الصهيوني بحوالي عشر مرات في العقد الأوّل من توقيع اتفاقيّة QIZ، لكنّ هذا النموّ ما لبث أن تلاشى في النصف الثاني من العقد الأوّل للألفيّة الثانية. ويعود هذا التلاشي إلى سببيْن: الأوّل هو إلغاءُ الكوتا الأميركيّة المفروضة على واردات النسيج الصينيّة عام 2005، ما أوجد سوقًا منافسةً للمناطق الصناعيّة المؤهَّلة؛ والثاني هو توقيع اتفاق تجارة حرّة مباشر بين الأردن والولايات المتحدة، ما سمح للأردن بتفادي وجوب إنتاج السلع في المناطق المؤهّلة.
وكانت مصر أيضًا قد صادقتْ على بروتوكولات QIZ عام 2004. لكنْ في الحالة المصريّة جرى تعريفُ هذه المناطق بشكلٍ فضفاض لتضمّ القاهرةَ الكبرى والإسكندريّة والدلتا الوسطى والسويس. وعليه، فقد باتت مئاتُ شركات النسيج المصريّة واقعةً ضمن نطاق المناطق الصناعيّة المؤهَّلة، وبات نصفُ صادرات مصر النسيجيّة متّجهًا إلى الأسواق الأميركيّة. ومع ذلك فإنّ اتفاقيّة إلغاء الكوتا الصينيّة الآنفة الذكر عام 2005 جعل الصادراتِ المصريّةَ عُرضةً للمنافسة العالميّة.
ومن جديد، لم تؤدِّ اتفاقيّةُ التعاون بين مصر وإسرائيل، شأن نظيرتها مع الأردن، إلى نموٍّ يُذكر في التبادل التجاريّ، إذ بقيتْ نسبةُ الصادرات أقلَّ من 1% من مجمل صادرات الدولتيْن. وإذا كان من مساهمةٍ مصريّةٍ في الاقتصاد الإسرائيليّ بشكل غير مباشر لكنْ مؤثِّر، فهي سابقةٌ على أوسلو، وتمثّلتْ في انسحاب مصر من الصراع العسكريّ منذ كامب ديفيد؛ فهذا الانسحاب سمح للكيان الصهيونيّ بتخفيضٍ كبيرٍ في نسبة ميزانية التسلّح من مجمل الدخل القوميّ، فأسهم في استقرار الاقتصاد الإسرائيليّ على المدى الطويل.
في المحصِّلة، وعلى الرغم من كلّ الجهود التي بذلتْها الولاياتُ المتحدة والاتحادُ الأوروبيّ على مدى عقديْن من الزمن بعد أوسلو، لم يحدثْ تحوّلٌ بنيويٌّ في العلاقات الاقتصاديّة بين "إسرائيل" من جهة وكلٍّ من الأردن ومصر من جهةٍ ثانية. والعبرة أنّ هذا التعاون كان مرهونًا بقدرة الدول العربيّة على الاستفادة منه للتصدير إلى الولايات المتحدة، وهو ما انتفت الحاجةُ إليه بعد توقيع اتفاقيّات مباشرة مع واشنطن أو دخول الصين منافسًا على الخطّ. وكادت الأزمةُ الماليّةُ العالميّة (2008-2009) وما تلاها من انتفاضات عربيّة أن تقضي على ما تبقّى من تبادلٍ لولا الموجةُ المضادّةُ التي شنّتها الأنظمةُ العربيّةُ ضدّ شعوبها. وقد تزامنتْ هذه الموجةُ، بل تلازمتْ أيضًا، مع البدء في استخراج الغاز الطبيعيّ المكتشَفِ حديثًا في شرق المتوسّط. ولقد كانت هذه الاكتشافات، بالإضافة الى الدعم الماليّ ولاحقًا التطبيع الاقتصاديّ الخليجي، أحدَ حبال النجاة الذي أعاد إحياءَ التعاون الاقتصاديّ مع الكيان، وهذه المرّة من باب الطاقة الواسع.
التطبيع الطاقيّ ومستقبل المواجهة
في العام 2010، قدّرتْ وكالةُ المسح الجيولوجيّ الأميركيّة ثروةَ الوقود الأحفوريّ (Fossil Fuel) في شرق المتوسّط بحوالي 1.7 مليار برميل نفط و122 ترليون قدم مكعّبة من الغاز الطبيعيّ قابلة للاسترداد (قدّرها البعضُ بما يوازي 76 عامًا من استهلاك الاتحاد الأوروبيّ للغاز). أدّت هذه الاكتشافاتُ إلى تحوّلٍ جيوستراتيجيّ صَبَّ، بعد مرور عقد، لصالح دولة الاحتلال في المقام الأوّل. وقد لعب نظامُ عبد الفتّاح السيسي دورًا محوريًّا في ذلك. فبعد أن كانت مصر تحت حكم حسني مبارك تبيع الغازَ إلى "إسرائيل" بأسعارٍ منخفضة (وهذا تطبيعٌ أيضًا لكنّ ريعَه يعود إلى مصر وإنْ صَبَّ في جيوب الأوليغارشيّة المصريّة الفاسدة)، باتت مصرُ تحت حكم السيسي تستورد الغازَ من "إسرائيل" وبأسعارٍ مرتفعة، وأصبح ريعُه يعود أولًا إلى هذا الكيان (بقطاعيْه العامّ والخاصّ) وثانيًا إلى تحالف العسكر والمال المصريّ. فقد ادّعت الرئاسةُ المصريّة أنّ الاستيراد كان بمعيّة القطاع الخاصّ. لكنْ، بحسب تقريرٍ نشرتْه صحيفةُ مدى مصر، تمتلك المخابراتُ المصريّةُ حصصًا وازنةً في الشركات المعنيّة. أيْ إنّ تلك الشركات، المسجَّلة في لوكسمبورغ أو الجزر البريطانيّة العذراء وغيرِها من ملاذات التهرُّب الضريبيّ، هي شركاتٌ وهميّة، أو شراكاتٌ بين المخابرات المصريّة ورجالِ أعمالٍ كعلاء عرفة، الذين كانت لهم باعٌ طويلةٌ في التطبيع الاقتصاديّ مع الشركات الإسرائيليّة من خلال نشاطاتهم في قطاع النسيج ضمن المناطق الصناعيّة المؤهَّلة المذكورة آنفًا. وقد استفادت "إسرائيل" من هذه الاتفاقيّات لتصدير فائض حاجتها عبر المنصّات العائمة من أجل إعادة تسييل الغاز (شراكة مصريّة-إسبانيّة) في دمياط. وهذا ما يحيلنا على دور الشركات العابرة للدول والشراكاتِ الدوليّة، وقد نشأتْ من أجل استغلال ثروات الطاقة المُكتشَفة، وهي شركاتٌ باتت مواجهتُها أكثرَ تعقيدًا.
لم تكتفِ القاهرة بتعميق التبادل الطاقيّ الثنائيّ بينها وبين الكيان الصهيونيّ، بل أطلقتْ كذلك مؤتمرَ تأسيس منتدى الغاز (المذكور أعلاه) سنة 2019، وهو الذي تحوّل إلى منظمةٍ إقليميّةٍ في العام 2020. وهذا ما سهّل دمجَ كيان العدوّ في إطارٍ مؤسّسيٍّ أمميٍّ لا يحوي دولَ الجوار فقط، بل مراقبين دوليّين أيضًا، مثل البنك الدوليّ والاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة، وكبرى شركات النفط، كتوتال وبيكتيل، ومصارفَ كبنك HSBC. وكانت الأردن، وهي عضوٌ في المنتدى، قد عمّقتْ قبلها من دمج البنية التحتيّة الإسرائيليّة للغاز عبر استقدام هذا الأخير (أي الغاز) لتوليد الكهرباء. ففي العام 2016، أبرمتْ شركةُ الكهرباء الوطنيّة الأردنيّة اتفاقًا مع "إسرائيل" لاستجرار الغاز لمدّة 15 سنة وبكلفة 10 مليارات دولار أميركيّ. وقد بدأتْ شركةُ نوبل إينيرجي، ومقرُّها في هيوستن، بضخّ الغاز في أوائل العام 2020. وفي شباط من ذلك العام، توقّف مكتبُ الإحصاء المركزيّ في الكيان عن نشر داتا تصدير الغاز إلى الأردن ومصر بحجّة أنّه "سرٌّ تجاريّ." وتنصّ الاتفاقيّةُ مع الأردن، كما حذّر بيانُ حملتَي المقاطعة في لبنان والأردن، على عدم فصل إمدادات نقل الغاز من فلسطين المحتلّة إلى الأردن عن خطوط أنابيب الغاز العربيّ الممتدّة من مصر إلى الأردن فسوريا. وهو ما يعيدنا إلى بيت القصيد عن خطر استجرار الغاز والكهرباء من الأردن ومصر عبر سوريا إلى لبنان. فلقد كان يمكن تفادي هذا الخطر عبر استغلال حصّة لبنان من احتياطيّ الغاز قبالة الشواطئ اللبنانيّة البعيدة عن الحدود مع فلسطين بشكلٍ مُبكِّر وخارج المحاصصات الطائفيّة، أو عبر الاعتماد على العراق مصدرًا بديلًا للطاقة بشكلٍ أكبر (خصوصًا أنّ العراق أظهر في الفترة الأخيرة مبادراتٍ واسعةً لتوسيع التعاون مع لبنان في هذا المجال وغيره)، أو عبر إبرام اتفاقيّات طاقة مع دول نفطيّة غير مطبِّعةٍ أو متحالفةٍ مع الكيان.
في حال تنفيذ اتفاق استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سوريا إلى لبنان، وجرى تنفيذُ خطط مقلقة برعاية مصريّة وقطريّة لجرّ الغاز أيضًا إلى غزّة من الداخل الفلسطينيّ المحتلّ عام 48 عبر وساطةٍ إسرائيليّة، فستُستكمل حلقةُ التطبيع في دول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلّة – علمًا أنّ سلطة رام الله لم تتورّعْ هي الأخرى عن عقد اتفاق شراء الغاز من المحتلّ بقيمة 1.2 مليار دولار لمدّة عشرين سنة. يشكّل الأردن ومصر الحلقتيْن الأخطرَ في هذا الحزام. فهما - عبر تجارة الترانزيت في الأردن، وقناة السويس في مصر - البوّابتان الأساسيّتان للتطبيع الطاقيّ والمواصلاتيّ والتجاريّ مع دول الخليج، وما يعنيه ذلك من ربط "إسرائيل" بسوق واقتصاديّات شرق آسيا، وعلى رأسها الصين. وعليه، وبغضّ النظر عن تداعيات التطبيع مع دول الخليج، فإنّ دولَ الطوق كانت، وستبقى، خطَّ المواجهة الأوّل... والأخير.
فانكوفِر