إلى هرّة..
09-07-2019

 

هل أكونُ شاعرًا إذا هجرتُ النِّساءَ والفقراء، وكَتَبتُ شِعرًا في عَيني هِرّة؟ 

أيَّتُها الوحيدة... 

مَنْ وَشَّحَ عَينيكِ بالحِداد، مَن سَلَبَ مِنكِ أُنوثةَ الهرَّة، شَراسَةَ المَرأة، فصارَ دَلالُك نعيبًا صامتًا كوجهِ أمي؟

 

 

أيَّتُها الصّامتة..

لا مخالبَ في يديكِ، وفي عينيك أظافرُ فَتَّقَتْ في قلبيَ كُلَّ ذَنبٍ وخَيبة!

 

"كانتِ السّاعة الواحدة ظهرًا...

الشَّمس تتوسَّطُ السَّماء،

وأختي تسيرُ على حافَّة الشّرفة... 

رأيتُها تهوي.. مَنحتُها يدي... لم استطعْ هذهِ المرة أن أَرفعَها نَحوي...

كان جسدُها ثقيلًا.. وعيناها فارغتين... لم تنظرْ إليَّ، لم تَطلُبِ النَّجدة.. 

ويدي حبلٌ رفيعٌ تَدلّى منَ الأعلى .. 

كانتِ السَّاعة الواحدة، الشّمسُ تتوسّطُ السّماء لحظةَ فتحتُ كفّي، وتركتُها تَسقطُ...".

 

أيَّتُها الهرّة الفارغة من كُلِّ رجلٍ وشَهوة...

مثل مومسٍ عجوز، تخافُ أن تموتَ على فراشِها وحيدة... مثل مومسٍ عجوز، خرجَتْ إلى الشَّارع، لم تُنادِ على أحد، لم تُبالِ...

 

أمس، فتحتُ نافذةَ بيتي، في الطّابقِ الرّابع. كانتِ السّماءُ شاحبة مثلَ عينيكِ، والأرضُ ألصقُ بي من جلدي...

قلتُ: هذا الجسد لم يَعُد لي! وقبلَ أن أقفز، تراخى جسدي كقطعة قماشٍ ألقتْها أمّي على حافَّةِ النّافذة... 

 

أيَّتُها الغريبة...

أراكِ تقتربين من حافَّة الفراش، ولا تَقفزين؟ 

أيتها الصّامتة...

لَيتك تَموئين!

بيروت

ادهم الدمشقي

شاعر مسرحيّ، وفنّان تشكيليّ.