الصحافة المكتوبة في موريتانيا: ملامح في مرآةٍ متصدّعة (ملفّ)
24-04-2017

 

 

أثناء تأريخ إرهاصاتِ الصحافة الأولى ما قبل الدولة الوطنيّة في موريتانيا، يعطي المؤرِّخُ الموريتانيّ سيدي أحمد ولد الأمير آلةَ الطبل أكثرَ من "وظيفةٍ إعلاميّة،" تتمثّل في إرشاد الضالّ، والإعلام بالشيء الطارئ، وغيرِ ذلك. ويمْكن قولُ الأمر ذاته مع عبارة "شطاري؟" التي ترسّختْ عند الموريتانيين مُستهَلًّا ضروريًّا للحديث اليوميّ، وفسّرها بعضُ الأكاديمييّن أصلًا للممارسة الصحفيّة الموريتانيّة الحديثة. لكنّ الصحافة في موريتانيا بعد الاستعمار تقتضي نشأةً مؤسّسيّةً غيرَ عفويّة، وقواعدَ تنتمي إلى العصر الحديث. وحسبُ العبارة الأخيرة، التي تعني بالفصحى "ما الطارئ؟،" أن تعبِّرَ عن استعداد المواطنين العاديّين للتلقّي والاستعلام. أمّا اعتبارُ الصحافة في البلاد محضَ امتدادٍ لممارساتٍ اجتماعيّة وأسلوبيّة قديمة، فقاصرٌ عن استيعاب الشروط الماديّة للواقع الجديد.

تأسسّت الصحافةُ المكتوبة في موريتانيا بعد محاولاتٍ أوّليّة ظهرتْ منتصفَ الأربعينات من القرن الماضي، أيْ قبل الاستقلال، وكانت كلُّها برعاية الإدارة الفرنسيّة في مدينة سان لويس السنيغاليّة، وجاءت تحت عناوينَ مختلفة توضّح مجالَ اهتمامها الحصريّ، كـ الحياة الموريتانيّة. وكانت هذه الجرائد قد اتَّخذتْ من الفرنسيّة لغةً لها، داخل ذلك السياق المتصارع في تغطية الأخبار السياسيّة وعمليّات التسيير التي تقوم بها الإدارةُ الاستعماريّةُ للشؤون الموريتانيّة. كما حظيتْ صفحاتُ هذه الجرائد بمشاركاتٍ متعدّدةٍ من نُخب البلاد، التي أسسّت الوعيَ السياسيَّ الوطنيَّ آنذاك، لكنّها مَنحتْ تلك الجرائدَ شرعيّةً. وهو ما يدفعُ إلى التساؤل: هل استُعيدت الصحافة كما استُعيد الوطن مع الاستقلال؟

إنّ رعاية فرنسا للصحافة الموريتانيّة الأولى كانت رعايةً كولونياليّةً، بما ينطوي عليه التعبيرُ الأخير من معاني الفوقيّة والوصاية اللتين تسعيان إلى خلق صوتٍ للضحيّة/المُستعمَر بالنيابة عنه. وكانت سنواتُ الأربعينات مناسِبةً لإطلاق صحفٍ تتعلّق بالشأن الموريتانيّ، خصوصًا أنّها كانت مرحلةَ نضالٍ سياسيّ من أجل الاستقلال بعد كفاح مسلّح انتهى سنة 1934. وهذا ما يتجلّى في سياسات التحرير والنشر في هذه الجرائد، إذْ كان موقفُها العامّ أكثرَ تعاطيًا مع موريتانيا الحالمة من أجل مستقبلٍ مُستقلّ.
ومن سان لويس إلى نواكشوط، كانت نشأةٌ ثانيةٌ، مرتبطةٌ ببروز الدولة المباشر والمؤسّسيّ إلى مجال الفاعليّة الوطنيّة، في العام 1960 تحديدًا، وهو عام استقلال موريتانيا رسميًّا عن الاستعمار الفرنسيّ. في ذلك الوقت كانت الصحافة في حاجةٍ ماسّةٍ إلى بعض الرصانة في التجربة كي تقدِّم الدورَ التوجيهيّ والتعبويَّ المرتبطَ، آنذاك، بحاجة الدولة الوطنيّة إلى تكريس نفسها في مجتمع تقليديّ تَغْلبُ القبيلةُ على تركيباته الاجتماعيّة. ولذلك شكّلتْ حينذاك اللسانَ الآخرَ غيرَ الرسميّ للدولة، عبر التطرّق إلى مشاريعها وسياساتها وبرامجها التنمويّة.

موريتانيا بلدٌ يستند إلى ذاكرةٍ تاريخيّةٍ كبيرةٍ وشديدةِ التركيب. فقد عاشَ سكّانها تجاربَ ثقافيّة واجتماعيّة وسياسيّة متعدّدة، انتهتْ به إلى تنوعٍّ عرقيّ وفئويّ راسخٍ بسبب ارتباطه غالبًا بالتقاسم الوظيفيّ المُحتكِر لأنشطة الحرب والتدريس والرعي والصناعة اليدويّة والغناء والموسيقى. لذا، فإنّ أيّة محاولةٍ لتأسيس ممارسةٍ مدنيّةٍ، كالصحافة، ستكون مشروطةً بالسعي إلى تهيئة أرض الوعي الشعبيّ أولًا. وما كان ذلك ممكنًا إلّا بالانحياز إلى الدولة الوطنيّة الجديدة، والتحدّثِ بلسانها في الحياة العامّة المنخرطة في وعود المستقبل. ولهذا، كانت الصحافة في ذلك الحين المُبكّر مطبوعةً بطابع الاحتفال الوطنيّ المنبهر، الذي يصوِّر الوطنَ الوليدَ تصويرًا رومانسيًّا حارًّا، ويحرِّض بعفويّةٍ متحمّسةٍ على تشييد حاضره ومستقبله معًا، مع إحساسٍ عالٍ بمنافسةِ بعض الدول المحيطة التي تشكّكُ في حقّ وجوده المستقلّ. كما بدا ذلك الطابعُ، بالقدر ذاته أيضًا، نتيجةً لتأثّرٍ عفويّ وعميق بأجواء التحرير الإفريقية، التي كانت مفعمةً بالتفاؤل الأعمى، وبالاستعداد للعمل من أجل غدٍ أفضل للشعوب السائرة في طريق التحرّر بثقةٍ عالية. وعليه، لم يكن سهلًا العثورُ على سمات الاستقلاليّة النقديّة التي يمكن أن تُنتج ممارسةً صحافيّةً ديموقراطيّةً تعتمد المساءلةَ والتحقيقَ من دون أن تقع في عبادة أنظمة الدولة الوليدة التي أخذتْ تُسابق الزمنَ في بناء مؤسساتها الإداريّة ومراكزها الرسميّة.

وهكذا فإنّ اعتبار الصحافة الوليدة في ذلك الوقت "مؤسَّسةً من مؤسَّسات الوطن،" بالتزامن مع ظهور الرموز والمؤسّسات الوطنيّة، أمرٌ يفرضه السياقُ الجديدُ الذي ظهرتْ فيه؛ ذلك لأنّ جميع الأشياء كانت تسخَّر، ضمن حملةٍ موجَّهة، في بناء موريتانيا الوطنيّة، التي تقف حائرةً على عتبات الوجود الجديد. في ذلك السياق، مثّلتْ جريدةٌ كـ موريتانيا، لمحرِّرها محمد بن حامد، جهدًا كبيرًا في تأدية ذلك الدور التعبويّ؛ وهذا ما يتّضح من خطّها التحريريّ، ومن صفحتها الأولى التي تتصدّرها "كلمةٌ مأثورةٌ" من رئيس البلاد تدعو إلى العمل معًا من أجل بناء الوطن.

لكنْ في نهاية الستينيّات، ومع أحداث الصراع العِرقيّ (1966) وقمعِ إضربات العمّال والطلّاب (1968)، وما خلّفته مجتمعةً من جروحٍ غائرةٍ في جسم الوطن الوليد، باتت الصحافةُ في موريتانيا على موعدٍ مع تحوّلٍ جديد، سيتّخذ شكلَه الأوضح مع بداية عقد السبعينيّات، الذي تميّز بحَراكٍ سياسيّ شبابيّ وإيديولوجيّ متعدّد، ركّز على معارضة نظام الحزب الواحد، ممثَّلًا في نظام الرئيس المختار ولد داداه. وكان هدفُ ذلك الحَراك متمحورًا على كشف الرعاية الفرنسيّة الخفيّة لذلك النظام، الذي حصر حقَّ النشاط السياسيّ وتسيير الشأن العموميّ بـ"حزب الشعب" دون غيره. ولعلَّ بعض الوقائع الأخرى، كصدور قانون النشر (1963) وإنشاء المطبعة الوطنيّة (1968)، ساهم في تجهيز أرضيّة ذلك التحوّل الجديد في الممارسة الصحفيّة ــــ وهو تحوّلٌ بدا واعدًا وجذريًّا، على خلاف المحاولات السابقة التي ارتهنتْ للسلطة الاستعماريّة ولسلطة الحزب الواحد.

مثّلتْ صيحةُ المظلوم، أوائلَ السبعينيّات، تجسيدًا لذلك التحوّل في طبيعة الصحافة وآليّاتها. فهي، بمرجعيّتها الإيديولوجيّة والحركيّة، ركّزتْ في موادّها على معارضة النظام القائم، من خلال كشف تواطئه مع المستعمر الفرنسيّ، وتبيين ديكتاتوريّته الحزبيّة التي انعكستْ آثارُها الكارثيّة على الواقع العامّ. لكنّ الطبيعة السرّيّة لعمل هذه الجريدة اليساريّة، وبعضِ الجرائد الأخرى المتباينة الخلفيّات (كجريدتَي الوحدة وموريتانيا الفتاة)، جعلتْ من تلك التجهيزات المؤسّسيّة من دون مردوديّة حقيقيّة على حريّة الصحافة. في ما بعد سيتغيّر ذلك الواقع قليلًا، عندما تبرز في العام 1975 جريدةُ الشعب، التي أسّسها الصحفي محمد يحظيه ولد العاقب، وكانت ناطقةً بالعربيّة والفرنسيّة، مواصلةً لجهود جريدة الأخبار في الستينيّات (التي حلّت بدورها آنذاك محلّ َجريدة موريتانيا الجديدة الحكوميّة). هذه الجريدة، وإنْ شكّلت لسانَ حزب الشعب الحاكم في ذلك العهد، كانت أيضًا البدايةَ التأسيسيّة للصحافة المكتوبة في موريتانيا، وهي صحافةٌ عاشت تحوّلاتٍ وانقطاعاتٍ متعدّدة.

كان الانقلاب العسكريّ في العام 1978 بمثابة نسفٍ لحلم الدولة الوطنيّة. فهذا الانقلابُ، الأوّلُ في تاريخ موريتانيا، جاء في خضمّ صراعاتٍ سياسيّة وإقليميّة متعدّدة، أظهرت الوضعَ موشكًا على انفجارٍ حقيقيّ. وكانت تلك الصراعات قد هيّأت الأرضيّة لانقلاباتٍ قادمة، كان أبرزَها انقلابٌ مفصليٌّ سيدوم نظامُه السياسيّ واحدًا وعشرين عامًا، وهو انقلاب العقيد معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع على نظام العقيد محمد خونة ولد هيداله، الذي  جاء بدوره أيضًا في أعقاب انقلابٍ عسكريّ.

تسبّبتْ موجةُ الانقلابات هذه في جعل وضع الصحافة بين أواخر السبعينيّات وبداية التسعينيّات متقلّبًا بشدّة. فانقرض كثيرٌ من الجرائد لارتباطه بأنظمةٍ سياسيّة معيّنة، أو ضعف نتيجةً للحصار الفكريّ والاقتصاديّ الذي بدأت الأنظمةُ العسكريّةُ الجديدةُ بتطبيقه. بل تغيّرت الجرائدُ الرسميّة نفسُها، وبخاصّةٍ جريدةُ الشعب، عندما أصبحتْ منبرًا للأنظمة الجديدة.

 

 

هذا الخناق المطبق على المشهد الثقافيّ السياسيّ العامّ في تلك الفترة أتاح فرصةً لمراجعة آليّات العمل الصحفيّ المكتوب. كما أنّ "جفافَ السبعينيّات" أدّى إلى هجرة أعداد كبيرة من الريف البدويّ إلى المناطق الحضريّة كوانكشوط، أملًا في ظروف عيشٍ أفضل، ما ساهم كثيرًا في تشكيل قاعدة شعبيّة مدينيّة. ومع نهاية الثمانينيّات كانت هذه التطوّرات قد بلغتْ درجةً لا بأس بها من حيث المستوى التحديثيّ العامّ: فكانت هنالك برجوازيّة حضريّة، إلى جانب التشكّل الواعد للطبقة الوسطى؛ كما كانت هنالك أيضًا نسبةٌ كبيرة ٌمن الطلّاب ذوي المستوى العالي لأوّل مرةٍ في تاريخ البلد، وذلك بعد تأسيس الجامعة الأولى في تاريخ الجمهورية سنة 1981. وهذا ما فسح المجالَ لظهور صُحفٍ جديدة، كـ موريتانيا الغد (1988) التي ساهمتْ إسهامًا كبيرًا في تشكيل الرأي العامّ الوطنيّ. وبعد المذابح العنصريّة في العامين 1989-1990 اضطرّت الصحفُ الناطقة بالعربيّة والفرنسيّة إلى مواجهة الواقع المأساويّ الذي تعيشه البلادُ تحت مظّلة النظام العسكريّ الحاكم المُهدِّد لوجودها. لكنّ تلك المواجهة لم تكن ممكنةً إلاّ بعد تشريع قانونيّ لحقوق النشر والتعبير ضدّ وصاية أيّ مفوضيّةٍ بوليسيّة كان القانونُ القديم يُلزم بتمرير أيّ نشرة صحفيّة عليها قبل الطباعة.

وقد تحقّق ذلك التشريعُ لأوّل مرّة في تاريخ موريتانيا الحديث مع دستور يوليو 1991، الذي فتح البابَ أمام تعدّديّةٍ سياسيّة وإعلاميّة مكنّتْ من ظهور صحافةٍ مستقلّة. هكذا استطاعت عشراتُ الصحف حيازةَ رخصةٍ قانونيّة للعمل الإعلاميّ. وتخبرنا الإحصائيّاتُ المتوفّرة أنّه جرى ترخيص187 جريدة ومجلة حتّى أغسطس 1994، صدر منها 84 بالفعل. وفي العام 1993 كانت هناك 23 جريدة ومجلّة منتظمة الصدور، ثمّ تقلّص العدد إلى 15 في العام التالي. لكنْ، على الرغم من أنّ تلك الصحف كان تَسحب في المعدّل 1500 نسخة من كلّ عدد، فإنّ حجم التوزيع لم يتجاوز 100 نسخة كلّ مرّة. ويعود ذلك أساسًا إلى مركزة التوزيع على العاصمة دون غيرها من المناطق، نظرًا إلى غياب القدرة على التوزيع المُواكب والسريع؛ إضافة إلى أنّ المطابع موجودة في نواكشوط فقط، ولا صندوقَ وطنيًّا لدعم الصحافة دعمًا منتظمًا من شأنه أن يساعدها في تجاوز العقبات الماليّة.

هذه الظرفيّة، التي شهدتْ تزايدًا ملحوظًا في الجرائد والمطابع، تصنَّفُ اليوم عصرًا ذهبيًّا للصحافة الموريتانيّة، وبخاصّة الصحافة المستقلّة، التي يُعدُّ الصحفيُّ الراحل حبيب ولد محفوظ، من خلال جريدته القلم (1993)، الأبَ الفعليّ المؤسِّس لها؛ كما أنّه يُعدّ الاستثناءَ الأعمّ، إذ أكّدت المصادرةُ الأمنيّة لأعداد جريدته المناوئة للسلطة العسكريّة والقبليّة أنّ القانون المنظِّم كان شكليًّا في غالب الأحيان، ويتوقّف العملُ به عندما تتوغّل الصحافةُ الجدّيّة في المناطق المُعتمة لممارسات السلطة الفاسدة والمستبدّة.

عند نهاية التسعينيّات كانت الصحافة الموريتانيّة غيرَ محدّدة المعالم، وخاضعةً لتوجّهاتٍ سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة متعدّدة. كما شهدت الصحف حالة ًمن الانقطاع والتوقف؛ فمواصفاتٌ كالاستمراريّة واللامركزيّة في الصدور الورقيّ هي مواصفاتٌ لم تتمتّع بها الصحافةُ الموريتانيّةُ يومًا، على الرغم من التطوّرات التقنيّة واللوجستيّة التي يشهدها العالم.

مع السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، وعندما بدأت السلطةُ ترفع قبضتَها الاحتكاريّة عن الإنترنت، راحت الصحفُ تقلّ تدريجيًّا. ولم يرحل نظامُ ولد الطايع في العام 2005 إلّا بعد أن تحوّلتْ وفرةُ التسعينيّات إلى ندرةٍ حقيقيّة، إذ بات عددُ الصحف قليلًا جدًّا، يصارعُ اليوم من أجل البقاء، معتمدًا على دعمٍ منخضٍ جدًّا لا يؤهّله ولو للتوزيع خارج نواكشوط.

منذ الفترة المدنيّة القصيرة تحت حكم سيدي ولد الشيخ عبد الله، والصحافةُ الإلكترونيّةُ في ازديادٍ ملحوظ، على ما يشهد عددُ المواقع الإلكترونيّة، التي بدأتْ قاعدةُ قرّائها تتشكّل شيئًا فشيئًا منذ ذلك الحين داخل سكّان المدن والجاليات في الخارج. وبلغ الأمرُ مداه الأقصى منذ السنوات القليلة الماضية، وتحديدًا من العام 2010. وقد ساهم، في ذلك، الحراكُ الشبابيّ الجديد، الذي ظهر بقوةٍ منذ العام 2011، مطالبًا برحيل النظام العسكريّ الجديد وبتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. فهذا الحراك أطّرتْه منصّاتُ التواصل الاجتماعيّ الجديدة، التي تقدّم نفسها بديلًا مستقلًّا عن خطاب السلطة الرسميّ المهمين.

غير أنّ التطوّرات التقنيّة الجديدة، وإنْ حقّقتْ متنفَّسًا جديدًا يناسب الظروفَ الجديدة، خلقتْ فوضى في الممارسة الصحفيّة تصل في أحيانٍ كثيرةٍ حدّ الابتذال، وتساهم في تشتيت الرأي العامّ ونسف منظومة الحقوق التي ينبغي تأكيدُها دومًا. كما أنّها تخضعُ للسلطة العسكريّة والقبليّة في أحيانٍ كثيرة، وتنخرط في اقتصاد تصفية المعارك المعتمد على الفضائحيّة التافهة. وبذلك أصبحت غير معنيّة بتاتًا بالمعارك الحقيقيّة التي ترتبط بمصير البلاد والشعب.

داخل هذه الوضعيّة المأزومة تصبحُ الصحافةُ المكتوبة في موريتانيا خاضعةً لعنصر التقلّب الذي خضعتْ له على مدار تاريخها. فأشكالُ الصيغ المتنوّعة، التي اتّسمت بها في كلّ مرحلةٍ من مراحلها، تؤكّد أنّها أكثرُ ارتباطًا بشروطٍ واقعٍ يتمنّع دائمًا على الاستجابة الكريمة للتحقّق المكتمل.

 

نواكشوط

عالي ولد الدمين

طالب فلسفة وعلم اجتماع، مدوّن وكاتب صحفيّ مهتمٌ بقضايا الحريّة والعدالة والمساواة.