ثلاث سنوات من البرد!
17-04-2016

 

ثلاث سنوات على وجودي في السويد،

وأنا أبحثُ عن أدنى معايير الحبّ،

عن ثغرةٍ في نظامٍ قد تربطني

بهذه البلاد الباردة.

أبحث عن حصًى مبعثرةٍ في الطرقات

بفعل الصدفة.

عن غبارٍ أو بُخار

على زجاج سيّارات المدينة،

لأكتبَ اسمَكِ،

وأرسمَ قلبًا وسهمًا أو بصمةً

في السّراب.

عن جسد امرأةٍ خارج خمار "كندا كروس"

الثقيلِ الأسودِ المحشوِّ

بفرو شيخٍ قطبيّ.

عن نهديْن يخرجان من ثباتهما الطويل

بحرقةٍ، يتعرّقان، يلمعان، ويحمرّان تحت

الشمس، أمام خشوع المارّة...

لا في غرف السولاريوم.

          ***

ثلاث سنوات وأنا أبحث عن عاشقيْن فقط،

عن قبلةٍ واحدةٍ في شوارع المدينة.

عن بداية اضطرابٍ عاطفيّ،

عن كذبةٍ تكسر سذاجةَ الحلم...

وسكونَ الشمال.

عن شيءٍ لامنطقيّ:

كلبٍ يعوي في منتصف الليل؛

رضيعٍ يبكي في ساعات العمل؛

مواطنٍ يمارس الجنسَ يوم الإثنين.

أبحث عن شغفِ مزارعٍ يحمل معولًا

ويحرث ذكرياتِ المشمش والتفاح،

يلوّن الليلَ بسواد الجوز،

ويكتب آيةً من ترابٍ ينقّطها بالزيتون.

أبحث عن صديقي، صيّادِ السمك وعالِمِ الفلك،

يَعدُّ الأمواجَ والنجومَ،

ويطلق الشّهب؛

يحصي ذرّاتِ الملح،

ويفصلها عن الرمال برغيفِ خبزٍ،

وكأسِ نبيذٍ،

في انتظار العشاء السرّيّ.

ها هو الآن يدفع غرامةً

لتطفّلِ القدر على صنّارته،

يشتري فيليه السمكِ المثلّج،

ويفشل في جعله طعمًا

لكبريائِهِ العنيد.

أكره "النظام" والمنظّمين.

          ***

ثلاث سنوات وأنا أرتّب نفسي

وجيناتي الفوضويّة،

أبحثُ في البحر عن مساحاتٍ تكفي لعينين

تائهتين.

السويد

عاصي كاسوحة

شاعر سوريّ مقيم في السويد