مدينة السلام
15-10-2016

 

 

بائعةُ الكبريت لم تمُت بردًا.
لكلّ شارعٍ في حمص مئذنةٌ تنادي اسمَها؛
عاشقانِ يخبّئانِ دفًّا خلف الهلال؛
جدّةٌ تنتظر اللّهَ على عتبةِ الليل،
وتوصي النجومَ بإرثِ الحكايات.

بائعةُ الكبريت لم تمت بردًا؛
اغتصبوها في نيسان.
سالت دماءُ بكارتِها في ساحةِ المدينة،
وسَرَقَ ظلَّها الحمام.

               ***

في المدينة أبوابٌ متينة.
نفتحُها يومَ الأربعاء.
نزيّنُ ما لدينا من سكاكينِ المطابخ بأغصانِ الزيتون.
نسدُّ الشوارعَ بضحكاتِنا.
ونرقصُ أمام أعدائنا قبلَ رحيلِهم بسلام.

               ***

في المدينة ساعةٌ قديمة؛
نقيس نبضَنا على توقيتِها.
نجمعُ دماءنا والسكّرَ يومَ الخميس؛
نصنع حلاوةً حمراءَ وبيضاءَ

حتّى آخرِ قطرةِ دمٍ ونطفة.
ونعيدُ ترتيبَ أشلائنا، وابتساماتِ أطفالِنا، ولحافِ التراب.

               ***

في المدينةِ عذراءُ،
تمسحُ بثوبها آثارَ الطباشير من أيدي المعلّمين.
تخفي في طرحتِها سيفَ خالد،
وتربط بمعصمِه الياسمين.

               ***

في المدينة نهرٌ يجري كما يشاء؛
تجري معه قواربُ اللاجئين، ورسائلُ المعتقلين، ودعواتُ الأمّهات، ونُكَتُ المجانين.
يحملُنا إلى البحر:
نغسلُ أرجلَ الغرقى؛
نرسمُ وطنًا بين الشمسِ والزبَدِ،
ونطفو واقفين.

السويد

عاصي كاسوحة

شاعر سوريّ مقيم في السويد