خمسة...
28-05-2016

 

كانوا أربعة

وأنا كنتُ خامسَهم،

وكان الثلجُ ــــ بدون حسابٍ ــــ يجْلدُنا

كذئابٍ جائعةٍ تهاجمُ السناجيبَ،

فتجْمد البسمةُ يذبحُها العطشُ،

ويجمد الحلمُ بين الغيوم؛

يجتّثُه الكابوسُ من رحِمِ الوردةِ النافرة.

            ***

فجأةً أنارتِ الليلَ أشكالٌ ناريّةٌ تتراقص

لم أرَ حولها سوى نجومٍ مقرورةٍ تتدفّأُ

وهي تمضغُ فاكهةَ المجالس نكايةً بقسوة الشتاء...

ولم ير صديقي فينس

سوى فرحةٍ في سماء الكابتول تهلّلُ

لسنةٍ جديدة بعدَ غدٍ يطالُها النسيان.

 

بينما تذكّرت الظبيةُ العاشقة ــــ

وهي تلفُّ جيدَها بشالها ــــ

كيف اشتعلَ الوجدُ في القلبِ سريعًا

ذاتَ بركانٍ هادئٍ

أذكتهُ الخزامى والقرنفلُ والريحان.

 

قال الرابعُ بعد تنهيدةٍ طويلة:

إنْ صحّ أنّ الكراهيةَ حطبُ النار،

والقهرَ وقود،

فطوبى لحساسينَ تزرعُ النارَ داليةً

وتعمِّدُ الجمرَ نبيذًا في عشٍّ من الزعتر

تهدهدهُ النسائمُ بين الأغصان.

 

بعد الفرقعة الخامسة

انتفض روبرت فروست في الزاوية المعتمة:

يا ربيعًا ماكرًا

أسقط الشعبَ وأَعلى كراسي الأنظمة،

ألم تعدْ لرشدكَ بعدُ

لتعرفَ الفرقَ بين الثلج وبين النار؟

 

سيّان أن يجلدَ الصلاةَ عراءٌ في آذارَ،

وأن تقصفَ البراميلُ المعابدَ ملتهبة،

أولئك أهلي،

حين يصعدونَ حفاةً على الإبرِ

تحت طوفانٍ من الفرقعات

باحثين عن شُعلة الحبّ في قمّة الجبل.

وأولئك أهلي حين يسقطون واقفين

تحت ظلّ صنوبرةٍ ميّتة،

أو في المتاريس، أو تحتَ الأنقاض في حلبِ.

بعضُهم يترمّدُ بعد أن تهدأَ ثرثرةُ الحربِ

كي يستطيلَ جناحا عصفورِ الجنّة

في ذروة الجدْبِ والنصَبِ.

وبعضُهم يتبخّرُ فيعودُ إلى الربواتِ غيومًا.

وبعضُهم يذوبُ في التراب فتغزو الفيافي

غابةٌ يربّي أغانيَها السنديان.

أتلانتا

علّال الحجام

شاعر مغربيّ. حائز شهادة الدكتوراه من كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس. يعمل حاليًّا أستاذًا في قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا بجامعة إيموري بأتلانتا. من دواوينه: ما لم ينقشه الوشمُ على الشفق (2014)، اليوم الثامن في الأسبوع (2013)، مَن يعيد لعينيك كحلَ الندى؟ (2010)، في الساعة العاشقة مساءً (2001).