يشبهُ أنّني أكتب البلاد...
19-06-2016

 

يشبه سوسنةً مدهوسة،

ويشبه نومًا بأغطيةٍ مبلّلةٍ بأمطارٍ تسقطُ في شارعٍ ليس قريبًا.
يشبه مقهًى مزدحمًا بالقشّ والحجارة

وبمُعدّاتِ البناء التي لا تلزم، 
ومزدحِمًا بأصواتٍ مستعارة،

وتنهّداتٍ مستعارة،

وأصابعَ مستعارة،
وببشرٍ حقيقيين وعراةٍ حتّى العظم...
إنّهم ـــــــــ يا لَلْهول ـــــــ يضحكون مثلَ قنافذ في قصّة أطفالٍ قديمة 
لم أعد أذكرُ اسمَها؛
أذكرُ فيها أنّ البردَ كان يقتلُهم،

بينما تمنعُهم مسافةُ الشوكِ الناشبِ من الالتصاق.

               ***

يشْبهٌ سنونوةً عادت في غيرِ موسمِها 
لتجرّب حركةً فاتنةً نسيتْ أن تنفّذَها الربيعَ الفائت.
يشْبهُ حطبًا محروقًا في مركبةٍ فضائيّة 
حمله رجلٌ مهووسٌ بالحنين

وبرائحة الكرةِ الأرضيّة .
ويشْبه عاشقةً تمرّ في شارعٍ مريب،

حيث لمحتْ قدّيسِين بجدائل

يقضمون سجائرَ مُطفأة 
ويستندون إلى حلمات زوجاتهن.
يشبه أنّني أكتب البلادَ من أوّلها إلى أوّلها،

حيث تقفز سمكةٌ صغيرةٌ ملوّنة من الحوض المنزليّ

تدّعي أنّها ستخبرني أمرًا مهولًا؛

الحوضِ الذي ألِفْناه مغْبرًّا وجافًّا

مذ كُسِر السنةَ الماضية...

وكان خربةَ المفاتيح والأقلامِ المعضوضة بقسوة!

سوريا

ماهر راعي

شاعر من سوريا. يحضّر لشهادة الماجستير في علم الاجتماع. صدر له ديوان مرميّة هكذا في الهواء (2014)