آثمون
17-04-2016

 

               1

الرّمادُ الذي في عُيونِ النّهارْ

قادمٌ من هُبوبٍ سحيقْ.

المدارُ، الذي صَدَّ وجهَ الكواكبِ عن مُبتغاها،

 قَديمْ.

منذُ عَصرِ السيوف

أَخذنا القرارَ بنحرِ الشّروق،

ولكنَّ أسيافنا عاجزة.

الشُّروقُ بعيدٌ علينا

لهذا نجا،

والظَّلامُ نجا من يدينا،

لأنّ الظّلامَ يُخالِلُ أرواحَنا!

 

               2              

الحكاياتُ تُروى لمنْ يرغبونَ اعتناقَ الحِكَم.

موبقاتُ العُصورِ استفاقت بنُضجِ الصِّدامْ.

يا لَخبثِ الجذورْ

تحتَ أرضٍ رُكامْ!

قاصرٌ ذِهنُ مَن لا يرى في الجديدِ القِدمْ!

 

               3

أستعيدُ المتاريسَ...

وقعَ الحوافرِ فوقَ الرِّمالِ وفوقَ الصُّدورْ...

التفافَ الجيوشِ على أَهلِها...

ارتدادَ السِّهامِ لنحرِ الرُّماةْ...

الخياناتِ مابينَ ابنٍ وأَبْ...

انحناءَ الرّؤوسِ لسيفِ الطُّغاةْ.

النّواميس هذي...

وهذي الحياةْ.

أستعيدُ الرِّواياتِ من غورِها...

الوَفياتِ حسبَ التَّسلسلِ والأبجديّةْ...

 الضّحايا سويًّا مع القاتلينْ.

أستعيدُ الشِّجاراتِ في "الاتِّجاهِ المعاكسْ".

الأُسودُ التي تأكلُ التِّبنَ من ألفِ عامٍ

تُمارسُ فعلَ الدّوابْ

تَستحثُّ الذّئابْ!

إنّ ثأْرًا قديمًا يُحرِّكُ هذي الجُموعَ الّتي

لَقّنوها تعاليمَ شُذّاذِها الغابرينْ؛

الوصايا بصَمصامِ أسيافِهم

والكوابيسُ في رأسِ شُجعانِهم من سنينْ!

والتّمائمُ تلكَ التي في لِجامِ الخيولْ

والّلفافاتُ مابينَ شِسعِ النِّعالِ وبينَ الأصابعِ

في ظِفرِ غوغائِهمْ يَزرعونَ العَداءْ!

يسفكونَ الدِّماءَ كأنَّ العهودَ...المواثيقَ

فحوى الرِّسالاتِ...والأنبياءْ...

استحالتْ حماسًا لهمْ

دعوةً للفَناءْ!

 

               4

الطّواحينُ دارت، ولمــــّا تَدورْ

يَمنحُ الوردُ أنداءَه للقبورْ!

قطرةً ثُمَّ أُخرى...

ولا تشتهي الأرضُ غَرسَ البُذورْ.

تُثمرُ الأرضُ هالوكَها

حيثُ تَصفرُّ كلُّ الغصونِ

ويَهوي إلى القعرِ وجهُ القَمرْ

كالعجُوزِ الّتي ألقَمتْ ثديَها للوليد

فما درَّ نَسغ الحياةِ

ولا بلَّ طرفَ الّلسان

ولا ذاقتِ الرّوحُ دفقَ المطرْ.

الطّواحينُ دارتْ وترفضُ إلّا الجميعَ

يكونونَ تحتَ الرّحى ميِّتينَ،

وترفضُ انْ تأتِها حبَّةٌ وحدها

دونَ طَحنِ البَشرْ!

 

               5

مَن يُبارزُني؟!

سيِّدُ القومِ، إنّي 

لِساني حَضيضٌ... وفعلي رِياءْ!

ها أَنا الآنَ أُدركُ أَنّا نُنفِّذُ بالنّارِ

ما كانَ يكفيهِ نَبْلٌ وقوس!

وأُدركُ أَنّي أُبارزُ جُثمانَ مَيْتٍ

وأَخْبطُ في التِّيهِ نَحوَ الوراءْ!

ها أَنا الآنَ أُدرِكُ أَنّ الحوادثَ مَحضُ اشتباه

وما زادَ عنها... ردودٌ عليها!

وقد كان يكفي كتابٌ صَغيرٌ،

ولكنّها ألفُ جُزءٍ وجُزء!

كُلُّها اليومَ تَسعى برأْسي لِنُطْعِ الجُناةْ

غيرَ أَنّي سَأضحَكُ منهُم...

سَأضحَكُ...

أَضحَكُ...

مثلَ السّلاطينِ لــمّا يَؤوبُ الجُباةْ!

ها أنا اليومَ أُدركُ أنّ العُطاسَ، الذي منهُ هذا الرَّذاذْ،

عابرٌ كلَّ تلكَ العصور

إلى أَنفِ صَحْبي!

وها نحنُ مرضى

ويا ليتَ نشكو الزكامْ!

ها أنا الآنَ أَسمعُ،

من قاعِ كُلِّ القُبورِ،

نشيجًا:

"كفاكُمْ!

دَعونا نَنامْ!"

أَسمعُ المـــُستغيثينَ مِنْ سَيلِ آثامِنا:

"أُتركونا...

كَفاكُمْ تَقولونَ ما لمْ نَقُلْ!

أُتركونا قليلاً نَمُتْ في سلامْ!"

 

 

مروان عدنان

شاعر عراقي