يوم الأرض: شهداء فلسطين في الجامعة الأمريكيّة في بيروت
24-04-2018

أحيت مجموعةٌ من طلّاب الجامعة الأمريكيّة في بيروت "يومَ الأرض،" وذلك بمبادرة من النادي الثقافيّ الفلسطينيّ هناك، تخليدًا لذكرى الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في الأعوام الثلاثة الماضية.
 

وهذه المناسبة لا تغيب ذكراها عن أيّ فلسطينيّ وداعم للقضية الفلسطينيّة منذ العام 1976، حين صادرت السلطاتُ الإسرائيليّة آلافَ الدونمات من الأراضي الفلسطينيّة، فوقع صدام بين أصحاب الأرض العزّل ومغتصبيها المدجّجين بالسلاح، ما أدّى الى وقوع عدد من الشهداء الفلسطينيين.

في  باحة الجامعة في بيروت، اجتمع الطلّابُ خلف طاولةٍ لُفّت بالعلم الفلسطينيّ، وزُيّنتْ بالورود. اتّخذ هذا الشكل طابعًا رمزيًّا أعمقَ ممّا تراه العينُ للوهلة الأولى: فالطاولة بدت كأنّها نعشٌ مكفَّنٌ بعَلَم. ولاستكمال دراميّة المشهد فقد كتب الطلّابُ على لوحٍ مسيَّجٍ بالكوفيّة الفلسطينيّة كلماتِ محمود درويش الشهيرة:

"وعلينا نحن أن نحرسَ وردَ الشهداء

وعلينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء."

كانت الورودُ، بالأوراق التي عُلّقتْ عليها، ناطقةً بأسماء الشهداء ومسيرتهم، وعابقةً برائحة الفداء الذي يُعبّد الطريقَ إلى فلسطين، ويُجدّد نَفَسَ النضال في صدور المشاركين والمشاركات.


 

 

لم يكن العمل على إحياء هذا النشاط سهلًا. ويعود ذلك أساسًا إلى إجراءات الجامعة التي تُضيِّق على نشاط هذا النادي. يقول أحدُ المنظَّمين:

"الفكرة جاءت بعد مفاوضات طويلة مع إدارة الجامعة، التى ما انفكّت تطرح الأسئلة، غير أنّ إصرار الطلّاب على حقهم في التعبير عن رأيهم، بتوجيه تحيّة إلى هؤلاء الشهداء فردًا فردًا وبالاسم، أجبر الجامعةَ على الموافقة."

ليست هذه المرّة الأولى التي يَختبر فيها الطلّابُ هذا النوعَ من التضييق على حرياتهم. فعادةً ما تلقى نشاطاتُهم المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة، وعلى الرغم من تأييد شريحة كبيرة من الطلّاب المشاركةَ فيها، رفضًا قاسيًا من إدارة الجامعة. وفي بعض الأحيان، "يُضطرّ النادي إلى تأجيل نشاط معيّن بانتظار ردّ من إدارة الجامعة، التي قد يستغرقها البتُّ في الموضوع عدّة أسابيع، وقد يكون الرفض هو الجواب القاطع، ما قد لا يسمح لنا بمواكبة كلّ مناسبةٍ أو ذكرى." هذا ما يقوله عضو في النادي المذكور. ويضيف: "لقد وصلت المضايقاتُ في إحدى المرات حدَّ منع أحد الناشطين من المشاركة في ندوة سياسيّة في الجامعة باعتبار أنه إيرانيّ الجنسيّة وناشط في مجال دعم القضيّة الفلسطينيّة!"

***

إنّ تغلغل الإعلام المعادي في شاشاتنا، وإعلامنا عامّةً، يحتّم وجودَ نوادٍ طلابيّة ومراكز تثقيفيّة تقدّم ثقافةً بديلةً وإعلامًا بديلًا. ولعلّ هذه النوادي والمراكز أن تكون أكثرَ قدرةً على التواصل المباشر، والحوار العميق، من النقاش على وسائل التواصل الاجتماعيّ. ثم إنه لا يمكن الركون إلى هذه الوسائل الأخيرة في الحشد والتعبئة، لأنها كثيرًا ما تحولتْ إلى محض "فشّة خلق" تنتهي "فاعليّتُها" بمرور الحدث أو بعد كبسة "لايك" أو رسم "وجه غاضب."
إنّ ما تشهده بعضُ الجامعات العربيّة، مثل الجامعة الأميركيّة في بيروت، من تحرّكات من هذا النوع يبشّر بإحياء حَراك جامعيّ طلّابيّ مُعادٍ للاحتلال والعنصريّة؛ حراكٍ يستأنف تاريخًا جليلًا للحركات الطلّابية الجامعية منذ الستينيّات وما قبلها.

 

بيروت

 

 

روان البتلوني

ناشط اجتماعيّ من لبنان. مسؤول تحرير قسم اللغة العربيّة في الجريدة الطلّابيّة الصادرة عن الجامعة الأمريكيّة في بيروت.