قصائد
طعم البراءة
للبراءاتِ طعمٌ يذوبُ في أفواهِنا
كلّما حنّ وقتُ رجوعكَ
للذكرياتِ القديمةِ؟
وجهُكَ
ما عادَ يحملها،
والبراءاتُ مثل الطّفولةِ
تهربُ حين نحاولُ
أن نستبقي رسمَها
ثمّ تجلسُ خلف التباسِ ملامحها.
كلّنا كان ينظرُ مرتقبًا...
لو كنتَ تعرفُ السنبلةَ لأمطرتَ.
لو كنتَ تعرفُ القِفارَ لمضيتَ.
أيُّ صمتٍ يدفقُ من لياليكَ؟
وأيُّ طنينٍ يتركُ صدًى في أذنيْك؟
أخبِرْني:
متى خبّأتَ في كلّ السكاكين جراحَك؟!
يلسعُكَ الحُبُّ في قلبكَ
مُذ كنتَ صغيرًا
تحبو على صدرِ الغيمِ...
أعتادُكَ:
قهوةَ صباحٍ،
بسمةً في لحظاتِ الشرود،
طيفًا يوقظني لصلاةِ السحَر،
عصفورًا يشربُ الماءَ من كفّي في الظهيرة...
ويأوي إلى غصن قلبي في الغسق،
نسمةً تداعب خصلاتِ شعري
مرآةً تُخبرني بما لا أعي من جمال،
ذكرياتٍ قضمَتْ أصابعَها الحربُ،
أملًا في...
إلهي.. في هذا العالم الملوّث بالخطايا والإشعاعات! (أرنستو كاردينال)
على الحافّة
أعتني بجيادٍ عُمْي ٍفي رواية تردُ للوركا
أنا الرجل الذي يسير على الحافّة؛
لا ذكريات لي عند هذا الحجَر،
أقيسُ الزمنَ بالظلال،
وأتعقّبُ صورةَ القمر في المياه.
لم...
- 1 -
ظلّ الطائرُ يعْبر الزقاقَ مترنّمًا؛
ترى؟
بماذا يفكّر القطُّ المتربّص؟!
- 2 -
في بيتنا
ــــ الريفيِّ ربّما ــــ
أشجارٌ جمّةٌ
وما مِن طائر...
مُذ شجرةُ الكرزِ الوحيدةُ تيبّستْ.
- 3 -
قُبيلَ...
1...
لا تقلْ كلَّ شيءٍ
في نافذةِ القصيدة.
دعها تفتحِ الشرفةَ
نيابةً عنك.
2. بريد
(إلى خالد الجيزاني)
الحياة تُنفق الرحلةَ،
والسخاءُ أعمى.
ساعي البريدِ لا يقرأُ المكان.
الموتُ آخرُ البخلاء،
وأوّلُ الورثةِ الكبار:
يقرأ الرسائلَ بخفّةٍ،
يَطرق...
لسقفِ غرفتِنا جناحانِ أبيضان،
جناحانِ أزرقان،
ثلاثةُ أجنحةٍ حمرٍ،
وجسمُ فراشة.
***
لسقفِ غرفتِنا
جسمُ سنونوةٍ مالحةِ اللونِ،
خضراءِ المَذاق.
ولوجهي ملامحُ أفعى
تحتضنُ عصفورتَها المعشوقةَ
وتبكي.
***
لوجهي منقارٌ...
أغدقتْ علينا المفخَّخةُ وريْقاتِها
إذ كشفتْنا ــــ على غير العادة ــــ
متمازجين بالدماء.
***
رَكبَتْ جسدي رصاصاتٌ باردةٌ
أخشى أنّها صُنِعتْ لأجلِ السلام.
***
دخلتْ عليَّ ابنةُ أخي وأنا أقرأ؛
كانت ترتدي خلخالًا شديدَ...
هاربًا من ملثّمينَ بالموت
ذَبَحوا للتوّ حارسَه المجنّحَ القديم،
سار خفيةً بين أحراشٍ من أرجلٍ ورؤوسٍ،
يتحسّسُ خَتمًا برقبتِه من حجرِ اللازَوْرد
ظنّه كابوسًا آخر حين تخفّى ذاتَ موجةِ فؤوسٍ
في بيتٍ للألواح،
أو لمّا غيّبَ في موجةٍ أخرى مدينةَ...
أسرابُ الطيور تندفع في تشكيلاتٍ هندسيّةٍ
تَستعرض جمالَ التكوين،
تقرأ جيّدًا ما سُطِّر أزلًا في لوحِها المحفوظ.
هل جئتَ تسألُني عن لوحي؟
لَم تسألِ الريحُ الطيورَ السماويّةَ هذا السؤال.
***
الليل يَمسحُ ألوانَ الزهور،
الصبحُ يُشرق،...
لمديحِ ظلِّ البحرِ يَلْزمُني:
ارتحالٌ في أغاني الماءِ
حتّى أقتفي لغةً تُشابهُه،
وأنثرَ من لآلئِها انهمارَ الضوءِ
والذهبِ المصفّى عابرًا لغتي.
ويلزمني:
مِن النسيانِ أوّلُهُ
ليهجرَني كلامُ الآخرينَ،
وأخرجَ من رؤاهم نحوَ قافيتي.
لهذا البحر ما قالت...
الهواءُ هنا ساخنٌ يا عوّاشة،
يهشُّ قطيعَ الغيومِ من خلفِ بلّورِ نافذة.
أروحُ... أجيء حَمَلًا
يحاول ــــ عبثًا ــــ لمسَ غيمة
من ضرعِها.
***
لا تتركي حمّالةَ صدركِ
تحت شمسِ الظهيرة!
علّقيها مع حبالِ البامياء
في غرفةِ المؤونة....
سربُ أيائلَ مذعورةٍ يفرُّ من قلبي
إلى عينيّ؛
وهذا الأفقُ فاتر
مثلَ قهوةٍ باردةٍ لا تغري أحدًا بشربها!
وأسألُ نفسي بحيادٍ،
يشْبه حيادَ الشاطئ المنسيّ ذي الجَزْر الطويل:
أتراكَ كنتَ تحاولُ سردَ الحكاية،
أمْ كنتَ منذ الأزل تمحو ــــ دون قصدٍ ربّما...
بائعةُ الكبريت لم تمُت بردًا.
لكلّ شارعٍ في حمص مئذنةٌ تنادي اسمَها؛
عاشقانِ يخبّئانِ دفًّا خلف الهلال؛
جدّةٌ تنتظر اللّهَ على عتبةِ الليل،
وتوصي النجومَ بإرثِ الحكايات.
بائعةُ الكبريت لم تمت بردًا؛
اغتصبوها في نيسان.
سالت دماءُ بكارتِها في...
مُلوحةُ بحورِ الشعر:
سرُّ تعطّشي الدّائمِ إليك.
***
أيّتها القصيدة:
بصدرِكِ المكشوف،
غادري شواطئَ العُراةِ والغُزاة!
دعينا نكتشف بحورًا جديدة.
***
قبلَ أن أتفرّغَ لكتابةِ الشعر،
عملتُ بحّارًا.
لذلك،
كلّما كتبتُ عن...