أحد الفنون (إليزابيث بيشوب)
31-10-2018

 

لعلّ في خلفيّة هذه القصيدة، للشاعرة الأميركيّة إليزابيث بيشوب (توفّيت سنة 1979)، خسائرَ مؤلمةً مرّت بها خلال حياتها. فقد توفّي والدُها عندما كانت طفلةً، وتعرّضتْ والدتُها لانهيار عصبيّ بعد بضع سنوات، ما اضطرّ إليزابيث إلى العيش مع أقاربها. ولم تكن حياتُها العاطفيّة أفضلَ من حياتها العائليّة؛ فقد فقدتْ في شبابها شريكَها الذي قضى منتحرًا.
تُسجّل هذه القصيدة تناغمًا مرًّا بين السخرية والجدّيّة في التعامل مع مشاكل الحياة. فما قد يظهر كارثةً، لا حلّ لها، قد ينتهي ليكون كارثةً لا بدّ منها. وما بين ضياع مفاتيح الباب، وفقدانِ شخصٍ عزيز، طريقٌ طويلةٌ من الخسائر البريئة والخطيرة. ويمكن السيطرة على فقدانها، واحدًا تلو الآخر.

الآداب

 

فنُّ الفقدان ليس عصيًّا على الإتقان.

أشياءُ كثيرةٌ جدًّا تبدو مفعمةً بنيّة الفقدان

إلى حدِّ أنّ فقدانَها [فعلًا] ليس بالكارثة.

 

إخسرْ شيئًا كلَّ يوم.

تصالحْ مع الاضطرابِ الناجمِ عن ضياعِ مفاتيحِ الباب،

والزمنِ الذي أضعتَه هدرًا [في التفتيش عنها].

فنُّ الفقدان ليس عصيًّا على الإتقان.

 

ثم تمَرّنْ على خسارةٍ أكبر، خسارةٍ أسرع:

خسارةِ أماكنَ، وأسماءٍ، ومطارحَ كنتَ تنوي السفرَ إليها.

لا شيء من ذلك كلِّهِ سيَجلب الكارثة.

 

لقد أضعتُ ساعةَ أمي.

وانظرْ!

ها إنّ بيتي الأخير، أو ما قبلَ الأخير،

من ثلاثة بيوتٍ عزيزةٍ، قد ولَّى.

فنُّ الفقدان ليس عصيًّا على الإتقان.

 

ولقد فقدتُ مدينتيْن، مدينتيْن حميمتيْن.

والأعظم: أنني فقدتُ عوالمَ كنتُ أمتلكُها، ونهريْن، وقارّةً.

أشتاقُ إليها جميعِها [فعلًا]، لكنّ فقدانَها لم يكن كارثةً.

 

حتى فقدانُك أنت (الصوت المرح، اللفتة التي أحبّ)

لا يجدر بي أن أكذب: من الواضح

أنّ فنَّ الفقدان ليس عصيًّا جدًّا على الإتقان،

وإنْ بدا الأمرُ (اكتبي ذلك!) وكأنّه كارثة.

 

* لقراءة القصيدة بلغتها الأصليّة: One Art by Elizabeth Bishop

 

 

اسماء حسين

أسماء حسين: كاتبة مصرية، مواليد 1990. حائزة شهادةً في الصحافة. صدرتْ لها مجموعة قصصّية بعنوان: عذريَة.