الرسالة التي لا تصلُ أبدًا
17-09-2016

 

   
يقول المحرِّرُ إنّه نصٌّ سريع ...
نصٌّ لاهث.

"كيف نكتب نصًّا لا يلهثُ على بابِ القيامة؟"
ساعي البريد يقولُ إنّه يُثقلُ حركتَه،
ويجعله هدفًا سهلًا لشهوةِ القنّاصة.
الطيورُ المهاجرة تخشى أن تثيرَ الأغنيةُ في الرسالة
حفيظةَ رجال أمن الحدود.
وكلُّ العالم... كلُّ العالم...
لديه ما يقوله
بشأن رسالةٍ صغيرة.
كلُّ العالم يفتّش فيها عن شيءٍ ما.
ثرثاراتُ الحيّ يُردنَ نصًّا لا يكون "شائكًا" بهذا القدر؛
من حقّهنَّ أن يثرثرنَ بسلاسة.
رجال الحرب يريدون ما يتفاوضون حياله.
المُخبِرون يفتّشون عن وشاية دسمة.
المحقّق يفتّش عن "مؤامرة" كُتبتْ بالحبر السرّيّ،
والفيلسوفُ عن التأويل.
اللصوص ينقّبون جيوبَها بحثًا عنِ النقود،
والثكالى عن أسماء أبنائهنّ،
والعشيقاتُ عن الليالي الدافئة،
والحزانى عن العزاء،
والمسوخُ عن سببٍ للبكاء،
والأبديةُ عن ثقبٍ لتفرَّ منه،
والجدرانُ عن المدى،
والقانطون عن المعجزات.
والذين يبحثون ولا يعرفون عمّا يبحثون
وأنا...
أريد عنوانًا أكتبُه على ظهر الرسالة...
هذه الرسالة، التي لا تصلُ أبدًا!

دمشق

غيداء عساف

من فلسطين. محاضِرة في جامعة دمشق، ومترجمة.