دروس من الانتفاضة الأولى - مقدّمة ملف
28-12-2018

 

(ملفٌ من إعداد: سماح إدريس ومليحة مسلماني)

شارك فيه (ألفبائيًّا): أمين عنّابي، جبريل محمّد،"رافعة السقوف،" عامر علي، عصمت منصور، محمود الصبّاغ، مليحة مسلماني، موسى قوس، نضال العزّة.

تتقدّم الآداب ببالغ الشكر إلى الدكتورة مليحة مسلماني، ابنةِ القدس الحبيبة، وقد صرفتْ أيّامًا ولياليَ بطولها في ملاحقة كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في هذا الملفّ. كما تشكر الصديق العزيز معزّ كراجة، والفنّانين الفلسطينيين الذين وافقوا على أن ترافق أعمالُهم المقالاتِ والشهاداتِ في هذا الملفّ، إيمانًا منهم بتلاحم النضال الثقافيّ والسياسيّ والفنّيّ، وهم: جواد إبراهيم، رائد عيسى، عاهد ازحيمان (الغلاف)، محمد الحواجري، مروان نصّار، معتزّ نعيم، منذر جوابرة، ميسرة بارود، ناتاشا المعاني.

 

                 عاهد ازحيمان، "الطائرة الورقية"، أكريليك على قماش، 2016                

 

لماذا هذا الملفّ في الآداب بعد 31 عامًا على الانتفاضة الأولى؟

لا يأتي هذا الملفّ إحياءً لذكرى الانتفاضة الأولى فحسب، أو استعادةً لأجوائها ومظاهرها فقط، وإنّما الهدفُ الأساسُ هو الاستنادُ إليها من أجل مناقشةٍ أوسع وأعمق للحاضر الفلسطينيّ، بكلّ مكوّناته السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والشعبيّة، ومن أجل طرحِ سؤال التغيير الحاليّ وما يعترض طريقَه.

لم تكن الانتفاضةُ الأولى نهايةَ العام 1987 مجرّدَ فعلٍ شعبيّ ميدانيّ ضدّ الاحتلال، وإنّما مَثّلتْ نهضةً اجتماعيّةً وثقافيّةً وفنّيّةً ووطنيّة، وقدّمت الفرصةَ والمساحةَ إلى كلّ فئات الشعب الفلسطينيّ في فلسطين التاريخيّة من أجل المشاركة فيها. لقد كانت انتفاضةً انخرط فيها الطلّابُ والعمّالُ والفلّاحون و"المثقفون." وبذلك أعادت إلى الهويّة الفلسطينيّة الوطنيّة الجامعة رونقَها وألقَها، وأعادت إلى القضيّة الفلسطينيّة حضورَها العربيَّ والدوليَّ، واستقطبت المتضامنين والداعمين من أربع رياح الأرض، ولا سيّما بعد السنوات العجاف التي أعقبتْ خروجَ منظّمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان صيفَ العام 1982.

اليوم، بعد 31 عامًا من التيه في وهم "المفاوضات" و"السلام،" نقف أمام حالةٍ فلسطينيّةٍ تبدو مختلفةً تمامًا. فقد تفكّك البرنامجُ الوطنيّ الذي كان محلَّ إجماع؛ وتراجَعَ دورُ الفصائل الوطنيّة؛ وتفرّقت الحاضنةُ المؤسّساتيّة الشعبيّة، لتَظهر على أنقاضها وزاراتٌ ومنظّماتٌ غيرُ حكوميّة (NGOs)، لها منطقُها ودورُها وطريقةُ عملها المختلفة؛ وسادت ثقافةُ الاستهلاك بين قطاعٍ واسعٍ من الفلسطينيين، الذين قسّمتهم الامتيازاتُ والمحسوبيّاتُ المرتبطةُ بمنافع السلطة الشائهةِ الوليد.

لكنّ المهمّ هنا أنّ الشعب الفلسطينيّ داخل فلسطين، وبخاصّةٍ في السنوات الخمس الأخيرة، لم يكن راضيًا بواقعه هذا، بل راح يعيش جدلًا سياسيًّا واجتماعيًّا واسعًا حول هذا الواقع، مصحوبًا بفعلٍ نضاليّ، يتراوح بين المدّ والجزْر، يتصدّره الشبابُ بشكلٍ بارز. وهذا الفعلُ بلغ ذروتَه في الشهور التسعة الأخيرة، مع مسيرات العودة الكبرى على الحدود الفاصلة بين قطاع غزّة وفلسطين المحتلّة عام 48.

***

انطلاقًا من هذا التشخيص، فإنّ هذا الملفّ الخاصّ بالانتفاضة الأولى يتناول محاورَ ترتبط بالتغيير المطلوب في الواقع الفلسطينيّ المعاصر. ومن نافل القول إنّ أيّ تغييرٍ إيجابيّ وثوريّ في الواقع الفلسطينيّ اليوم لا بدّ من أن ينعكس إيجابًا على المشهد العربيّ الحاليّ، الذي لم يسبقْ أن عانى مثلَ هذا التهافتِ الذليلِ والمخزي على التطبيع مع عدوّ الأمّة العربيّة الأوّل: "إسرائيل." ولعلّه من المفيد التذكير بأنّ الآداب تؤمن بأنّ فلسطين هي "القضيّة المركزيّة العربيّة" بهذا المعنى تحديدًا: وهو أنّ كلَّ تقدّمٍ على جبهة الصراع الفلسطينيّ مع العدوّ الصهيونيّ هو، لا محالةَ، تقدّمٌ على جبهة الصراع مع الغرب الاستعماريّ وأنظمةِ الرجعيّةِ العربيّة ــ ــ  خصوصًا في زيّها التطبيعيّ القذر الراهن.

أمّا محاورُ هذا الملفّ فهي الآتية: الانتفاضة بين العفويّة والقصديّة؛ جدلُ التنظيم والجماهير في الانتفاضة؛ الشعبُ والسلطة بين الانتفاضتيْن الأولى والثانية؛ دورُ الحركة الأسيرة في الانتفاضة الأولى؛ الإشكاليّاتُ المحيطة بدور المرأة الفلسطينيّة في الانتفاضة وفي مجمل المسيرة النضاليّة. هذا بالإضافة إلى شهاداتٍ حيّةٍ يكتبها ناشطون من الانتفاضة الأولى: حول التعليم الشعبيّ، ودورِ المرأة في حماية المنتفضين، ونشاطات اللجان المختلفة، والفعّاليّات الميدانيّة.

لقراءة الملف كاملًا، أنقر هنا

 بيروت

سماح إدريس

رئيس تحرير مجلة الآداب الورقيّة (1992 ـ 2012) والإلكترونيّة (2015 ـ...). له كتابان في النقد الأدبيّ، وأربعُ رواياتٍ للناشئة، وإحدى عشرة قصّة مصوّرة للأطفال، وعشراتُ الدراسات والمقالات والكتب المترجمة. عضوٌ مؤسِّسٌ في "حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان" (2002 ـ ...). ينتهي خلال أعوام من إنجاز معجم عربيّ  ضخم صادر عن دار الآداب.