ضباب (ملفّ)
18-03-2016

 

استيقظتْ بعد منتصف الليل بسبع دقائق. أغمضتْ عينيها بقوّة كي تعودَ إلى النوم. سمعتْ صوتَ ارتطام شيءٍبالنافذة. قفزت من الفراش. امتدّت ذراعٌ ناحيةالنافذة واقتربتْ. صرختْ. هربتْ إلى غرفة أمّها. جاءت الأمّ وأرتهاغصنَ الشجرة بقرب النافذة، ثمّ عادت إلى النوم.

سحبت اللحاف. سرت قشعريرةٌ في جسدها. أحسّت بيد تتسلّل تحته. ركلت اللحاف فوقع أرضًا. فتّشته بحذر. لاشيء!

"يكفي تفاهات، عودي إلى النوم." حدّثت نفسها.

تقلّبتْ يمنةً ويسرةً لساعة. ملَّت. غادرت الغرفة. انقطع التيّار الكهربائيّ. ألصقتْ يديهابالجدار. مشت إلى نافذةالصالة. ألقت نظرةً: البيوت مخيفة مسكونةٌ بأشباح الليل. عيونٌ تتلصّص من كلّ نافذة تراقبها. أغلقت الستارة .

شيءٌ ما لمس قدمها. صرختْ. ركضتْ. أشياء زاحفة تخرج من أمكنة كثيرة. ركضت بعينين مغلقتين. توقّفتْ. فتحتْ عينيها. نفضتْ ملابسها بقوّة. كانت تقف في شارع ما.

جرت باحثةً عن المنزل. دخلت يمينًا هنا، ويسارًا هناك، لكن لا شيء. الشارع خالٍ إلّا من أشجارٍ صفراء مرضت من مصباح في آخر الشارع، وريحٍ غاضبة تعميها بترابها. مطر قطراتُه أكبر من المعتاد تدقّ رأسها العاري. "نسيت حجابي،" قالت وهي تتحسّس رأسها، "أين أنا؟"

بكت، صرخت.ناداها والدها من خلفها. التفتت، كان المنزل خلفها!

ركضتْ إلى حضنه. حملها إلى الفراش. نام والداها بقربها.

علت أصواتُ الانفجارات. انحشر جسدُها الصغير في الرداء. ضاق تنفّسُها تحت القماش الأبيض، وأصبح لحافها ثقيلًا تحت أكوام الحجارة.

اليمن

سيرين حسن

قاصّة وكاتبة وطبيبة أسنان من اليمن. صدر لها: في تابوت امرأة (رواية) - فنجان قهوة (قصص).