على هامش قضيّة "المرأة الخارقة": عن المنع والمقاطعة
21-06-2017

 

 

كلّما أفلحتْ حملةُ مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان في الحؤول دون انتشار حفلٍ فنّيّ أو فيلمٍ أو منتوجٍ إسرائيليّ، أو داعمٍ لـ"إسرائيل،" أو مطبّعٍ معها، أو أفلحتْ في إفشال مهرجانٍ أو مؤتمرٍ تطبيعيّ في الخارج (النمسا، ألمانيا،...)، تعالت صيحاتُ التأييد، وتعالت معها صيحاتُ الانتقاد. هنا نحاول أن نعالجَ بعضَ هذه الانتقادات، وتحديدًا بعد منع عرض فيلم Wonder Woman من الصالات اللبنانيّة لكون بطلته (غال غادوت) ممثّلةً إسرائيليّة.

1) لماذا لم تتناولوا "الموضوع" قبل الآن؟

ــــ لقد تناولناه فعلًا قبل الآن. بل قدّمنا، العامَ الماضي، إلى "مكتب مقاطعة إسرائيل،" التابعِ لوزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانيّة، بيانًا شاملًا عن فيلمِ آخر (Batman vs Superman) شاركتْ فيه الممثّلةُ الإسرائيليّةُ نفسُها. وبحسب بيان هذه الوزارة،(1) فقد كان يُفترض بجميع الأفلام التي تظهر فيها غادوت، لا بالفيلم الأخيرِ وحده، أن يُحظر دخولُها إلى جميع الأقطار العربيّة، لا إلى لبنان وحده، منذ 21/4/2016، وذلك بموجب قرارٍ صادرٍ عن الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة. ولو نُفّذ القرارُ في حينه لوفّرنا على الجمهور هذه "الطوشة"، ووفّرنا على الموزِّعين المحليّين أيّةَ خسائر.

2) لماذا لم تتناولوا حالاتِ اختراقٍ وتطبيعٍ أخرى؟ ولماذا أغفلتم ذكرَ بعض الشركات الداعمة لـ "إسرائيل"؟

ــــ لا يفوتنا، قبل الإجابة المفصّلة، أن نَسأل السائلين لماذا لم يتحقّقوا من بعض مزاعمهم قبل أن يرمونا بتهمة الإغفال (بعضُهم، مثلًا، ادّعى أنّنا أغفلنا ذكرَ شركة PepsiCo من دليل المقاطعة، مع أنّ بحثًا سريعًا في تطبيقنا الهاتفيّ يُظهر بطلانَ هذه التهمة).(2) ثم إنّنا نسألهم لماذا لم يتناولوا، هم أنفسُهم، الموضوعاتِ التي غفلتْ حملةُ المقاطعة عنها، ويعلنوها عبر صفحاتهم الإلكترونيّة أو وسائلهم الإعلاميّة، أو يقدّموها إلى "مكتب مقاطعة إسرائيل" (في وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانيّة)؟ ألا يَدخل ذلك في صميم عملهم المهنيّ أو الوطنيّ؟ وإذا كانت حملةُ المقاطعة مقصِّرةً لأنها لم تستطع أن تحيط بكلّ الخروق الإسرائيليّة، فماذا يكون العالمون الذين لا يُخْبرون بما يَعْلمون؟

حملة المقاطعة في لبنان ليست دولةً أو حزبًا أو منظّمةً حكوميّةً أو غيرَ حكوميّة، و"ميزانيّتُها" طوال 15 عامًا لم تتعدّ حفنةً من الليرات. حملة المقاطعة مجموعةُ متطوّعين، لا متفرِّغَ واحدًا بينهم، يجمعهم هدفٌ أسمى: الإسهامُ في عزل الكيان الصهيونيّ على طريق زواله. وعليه، فمن المؤكّد أنّها ستسهو عن حالات اختراقٍ وتطبيعٍ كثيرة.

ثمّ إنّ أعضاء الحملة ليسوا بالطبع "خبراءَ" في مجالات الحياة كلّها (مسرح، سينما، رياضة، تقنيّات، أدب، قانون،...). وهم، شأنَ الجمهور العاديّ، لا يحصلون على قائمة المدعوّين إلى المهرجانات الفنيّة، مثلًا، قبل أن يذيعَها القيّمون عليها بأنفسهم. وهذا كلُّه يجعل عملَهم بالغَ الصعوبة، وناقصًا بالتأكيد، ولا حرجَ لديهم في الاعتراف بذلك.

المسألة، إذن، ليست "قرارًا مبيَّتًا" لدى حملة المقاطعة باستهدافِ أمرٍ دون غيره. يقول مثلٌ عربيٌّ قديم: "ما لا يُدرَكُ كلُّه لا يُترَكُ جُلُّه" (وورد الشقُّ الثاني بصيغٍ أخرى متقاربة: "...لا يُتركُ كلُّه،" أو "بعضُه،" أو "أقلُّه،" أو "أهمُّه")؛(3) ويقول مثلٌ إنكليزيٌّ شهير: "أن تأتي متأخّرًا خيرٌ من أن لا تأتي أبدًا."(4) فهل صعوبةُ بلوغ كلِّ شيء الآن تمنعنا من بلوغ أيّ شيء على الإطلاق؟ وهل استحالةُ بلوغ الهدفِ الأقصى اليوم تَحُول دون أن نعملَ على أهدافٍ "أدنى" تؤدّي، عبر التراكم الدائم، إلى الاقتراب من ذلك الهدف؟

لعلّ المسألة تتّضح بتشبيهٍ بسيط: قد لا يستطيع المقاومُ برشّاشٍ وحيدٍ مهاجمةَ ترسانةٍ مدجّجةٍ بالسلاح والجنود، فهل يمتنع عن قنص جنودٍ أمام حاجزٍ لجيش الاحتلال؟

في دليل المقاطعة، الذي أصدرتْه حملةُ المقاطعة في لبنان،(5) حديثٌ عن حوالي 40 شركةً كبرى قد يصعب التأثيرُ فيها جميعِها اليوم، ولذلك يجري التركيزُ على شركاتٍ تعمل على مقاطعتها حركةُ BDS العالميّة(6) (مثل G4S وHP وCAT)؛ ذلك لأنّ دفعَها إلى التخلّي عن دعم العدوّ سيكون أكثرَ احتمالًا بسبب تضامن ناشطي العالم ضدّها ـ ـ وهذا ما تحقّق فعلًا في حالG4S إلى حدٍّ كبير.

وفي هذا الصدد كتب الأستاذُ الجامعيّ اللبنانيّ خريستو المرّ: "إنّ مجموعة المقاطعة في بلدٍ ما ليست لامتناهيةَ الجهد، أو لامتناهيةَ العدد، أو لامتناهيةَ الموارد... وبالتالي، فإنّ من الحكمة والذكاء عدمَ هدر الجهود المحدودة على حملةٍ قد تكون ــــ باجتهاد المعنيّين ــــ غيرَ نافعةٍ حاليًّا، ولا تَخدم جهودَ التحرير في الأوضاع والظروف القائمة في تلك اللحظة."(7)

بمعنًى آخر، حين تواجه حملةُ المقاطعة عدّةَ خروقٍ إسرائيليّةٍ أو تطبيعيّةٍ في وقتٍ واحد، وحين تعْلم بها فعلًا (إذ يمكن أنْ لا تَعلم بها بسبب محدوديّة مواردها كما سبق الذكر)، وفي وقتٍ مناسب (إذ يمكن أن تَعْلم بها ولكنْ بعد عرض الفيلم أو بدء المهرجان...)،(8) فإنّها ستشير إليها، لكنّها ستركِّز على "أسوإها" أوّلًا، وعلى أكثرِها قابليّةً للهَزْم في ذلك الوقت ثانيًا.

ولهذا الخيار الواقعيّ والعمليّ فضيلةٌ إضافيّة، وهي أنّه سيُشْعر أصحابَ الخروق الأخرى، التي قد تكون " أقلّ سوءًا،" بأنّهم لن يكونوا في منأًى عن ملاحقة حملات المقاطعة في ظروفٍ أخرى "أكثرَ ملاءمةً" إذا جاز التعبير.

أما تمييز "الأسوأ" من "السيّئ" فهو مدارُ سطورٍ لاحقة.

3) ما أهمّيّة منع فيلم تمثّل فيه إسرائيليّة؟ أليست هناك قضايا "أهمّ"؟

ــــ بغضّ النظر عن أنّ غال غادوت، تحديدًا، ليست محضَ "ممثّلة" بل هي بطلةُ الفيلم الممنوع، فإنّها ليست كذلك مجرّدَ "ممثّلة" (actress) بالمعنى التقنيّ المهنيّ فحسب، بل هي كذلك بالمعنى "التمثيليّ" (representative) الأعمقِ أيضًا. طالعوا ما تكتبُه عنها صحافةُ العدوّ: إنّها رمزٌ "للجمال" الإسرائيليّ (فهي ملكةُ جمال الكيان سنة 2004)، ورمزٌ للقوّة الخارقة، ورمزٌ للإنسانيّة، وللنسويّة، وللتحرّرِ الجنسانيّ أيضًا. وعليه، فإنّ النجاحَ في حظر أفلام هذه الممثِّلة (بالمعنييْن) تطبيقًا لقرارات جامعة الدول العربيّة، خصوصًا إذا تَرافقَ مع احتجاجاتٍ أو مناشداتٍ أو دعاوٍ قضائيّةٍ صادرةٍ عن هيئات المجتمع الأهليّ (كما حصل فعلًا في لبنان وتونس والكويت...)، سيكون ضربةً رمزيّةً مهمّةً لافتخاراتِ العدوّ وتبجّحاتِه.

وفي هذا الصدد ينبغي التشديدُ على أنّ معركتنا مع العدوّ، في جزءٍ كبيرٍ منها، هي معركةُ رموزٍ وقيم. وإلّا فكيف نفسِّر الدعمَ الإسرائيليّ الرسميّ للفنّانين الإسرائيليين من أجل محاربة حركة المقاطعة العالميّة؟(9) وما مغزى قول نائب مدير عامّ الشؤون الثقافيّة في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة سنة 2009، آريي ميكيل، "سنبعث إلى الخارج روائيين وكتّابًا مشهورين، وشركاتٍ مسرحيّةً، ومعارضَ [فنيّةً]؛ فبهذه الطريقة سنُظهر وجهَ إسرائيل الأجملَ، كي لا يفكَّر بنا في سياق الحرب فقط"؟(10) وكيف نؤوِّل دعوةَ الكيان، سنة 2016، 26 نجمًا من نجوم الإوسكار إلى جولاتٍ عبر فلسطين المحتلّة (كلفةُ كلّ منها تصل إلى 55 ألف دولار)؟ ولنفترضْ أنّنا لم نفهم تلك الدعواتِ محاولةً لتلميع صورة الكيان المجرم، فكيف نفسِّر عدمَ استجابة أيٍّ من هؤلاء النجوم إليها؟(11)

ثمّ إنّ نجاحَنا في توجيه ضربةٍ إلى رمزٍ فنّيٍّ إسرائيليّ شهيرٍ واحدٍ في عددٍ من البلدان العربيّة قد يكون بمثابة تنبيهٍ موجَّهٍ إلى هوليوود نفسِها (أو إلى أيّ شركةٍ عالميّةٍ أخرى): أَنْ فكّري مليًّا في اختيارك المقبل لمن سيؤدّي دورَ البطولة في أعمالٍ مماثلة. وهذا ليس تفكيرًا رغبويًّا، بدليل حرص المعلنين الأميركيين عن فيلم غادوت على إخفاء هويّتها الإسرائيليّة وإخفاءِ منعِ فيلمها من لبنان!(12)

وأخيرًا، فإنّ مَن يودُّ "التصدّي لأمورٍ أهمّ من مجرّد منع فيلم" أن يفعلَ ذلك على الرحب والسعة! المهمّ ألّا يكون تقليلُه من أهمّيّة التصدّي لفيلمٍ ما ذريعةً لعدم التصدّي لأيّ خرقٍ تطبيعيٍّ آخر. إنّ منطق "شو وقفتْ على ممثلة؟" قد يستشري ويتفاقم ليتساهلَ مع سائر مظاهر الاحتلال.

4) أليس المنتِجُ حرًّا في أن يُنتج ما يشاء، والمستهلكُ حرًّا في قبولِه أو رفضِه؟

ــــ على مَن يروِّج منتوجًا ما، استهلاكيًّا أو فنّيًّا أو ثقافيًّا، أن يراعي هواجسَ "المستهلِك" وحساسيّاتِه وقناعاتِه، وإلّا حُقّ لهذا المستهلك أن يقاطِعَ هذا المنتوجَ. وبالمثل، فإنّ على مَن يروِّج ذلك المنتوجَ أن يراعي قوانينَ الدولة التي يطمح إلى الانتشار فيها، وإلّا حُقّ للدولة أن تحظرَه بقرارٍ رسميّ.

وهذا الأمر ليس مقصورًا على دولنا "النامية" أو أنظمتِنا غيرِ الديمقراطيّة. ففي كلّ دول العالم "المتحضّر" حملاتٌ تقاطع مهرجاناتٍ أو أفلامًا لأنها تروِّج لـ "رُهاب المثليّة" أو بسبب "عدائها للساميّة" مثلًا. بل هناك أفلامٌ مُنعتْ في تلك الدول بقرارٍ قضائيّ بسبب الاعتراض على مضمونها (الذي عُدّ حضًّا على القتلِ أو الاغتصاب...)؛(13) كما أنّ هناك كتبًا حُظرتْ بسبب اتّهامها بـ"إنكار المحرقة اليهوديّة."(14)

والأمر نفسُه ينطبق على مقاطعة العالم "المتحضِّر" لشركاتٍ محدّدةٍ بسبب إساءة معاملة موظّفيها، أو تشغيلها الأطفالَ، أو الإضرار بالبيئة والصحّة العامّة، أو بسبب ارتكابها الجرائمَ أو العنفَ المفرِط.(15)

في كلّ هذه الحالات تكون المقاطعةُ أو الحظرُ شكلًا من أشكال المحاسبة المجتمعيّة أو القانونيّة، وقد تدفع بالشركات أحيانًا إلى تغيير سياساتها. فـ Veolia الفرنسيّة غادرت السوقَ الإسرائيليّة إثرَ تعرّضها لحملةِ مقاطعةٍ عظمى في العالم بسبب عملها داخل المستوطنات الصهيونيّة (خلافًا للقانون الدوليّ) وبسبب سعيِها إلى ربط هذه المستوطنات بالقدس عبر سككٍ حديديّة؛ ومن ضمن هذه الحملة استثناءُ بلديّة الكويت لهذه الشركة من عقدٍ ضخمٍ (قيمتُه 750 مليون دولار) لمعالجة النفايات الصلبة.(16) وشركة G4S توقّفتْ عن تقديم الخدمات إلى السجون الإسرائيليّة بعد حملة مقاطعةٍ كبرى، شاركتْ فيها حملةُ المقاطعة في لبنان بكثافة.(17) وثمّة مؤسّساتٌ أخرى كثيرة استجابت لمشاعر المستهلكين، ولو جزئيًّا.(18)

5) من حقّكم أن تقاطعوا، لا أن تَمنعوا!

ــــ أوّلًا، لا قدرةَ لحملة المقاطعة في لبنان أو أيّ مكانٍ من العالم على منع أيّ شيء، ولا صلاحيّات تمكّنها من ذلك أصلًا. وفي حالة فيلم غادوت تحديدًا، فإنّ المنعَ في لبنان جاء من وزارة الداخليّة والأمنِ العامّ اللبنانيّ، وإنِ استندَ إلى مذكّرةٍ رفعتْها وزارةُ الاقتصاد، بناءً على تقريرٍ موثّقٍ صادرٍ عن حملة المقاطعة.

ــــ ثانيًا، في ما يخصّ الفنّانين العالميين والفِرقَ العالميّةَ الداعمةَ للعدوّ (ولكنّها غير إسرائيليّة)، فإنّ حركة المقاطعة في لبنان (وحركة BDS العالميّة و"الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة لإسرائيل" PACBI) تتوسّل الإقناعَ، ولا تتوسّل المنعَ عبر القضاء أو غيرِه. فالإقناعُ، في هذه الحالة، أجدى، وأكثرُ استمراريّةً، وأعمقُ رسوخًا في وعي الناس، وأشدُّ قبولًا لديهم (ولاسيّما مع نجاح "الليبراليّة" في ترويج "الحوار" سبيلًا إلى حلّ أيِّ "خلافٍ" مهما عظُم أو تجذّرَ تاريخيًّا). وحملاتُ المقاطعة تتّبع في ذلك أسلوبًا متدرّجًا: فتُعْلم الجهاتِ المعنيّةَ (الفِرقَ الفنّيّة مثلًا)، عبر الرسائل الإلكترونيّة، بجرائم "إسرائيل،" مفترضةً أنّها لا تعلم بها، وتدعوها من ثمّ إلى رفض إحياء أيّ حفلٍ هناك لأنّ ذلك سيكون بمثابة "تلميعٍ" لصورة الكيان الاحتلاليّة العنصريّة و"طمسٍ" لجرائمه أو "حرفٍ للأنظار" عنها؛(19) فإذا استجابت تلك الجهاتُ للرسائل (وهو ما حصل مرارًا) كان ذلك خيرًا؛ أمّا إذا ضَربتْ بالرسائل عرضَ الحائط، دعت الحركةُ إلى مقاطعة تلك الفِرق إلى حين استجابتها. وهذا يعني أيضًا، بالمناسبة، أنّ المقاطعة ليست أبديّةً، بل مشروطة: فإذا زالت أسبابُ المقاطعة، زالت الدعوةُ إليها.

ــــ ثالثًا، في ما يتعلّق بالمنتوجات والشركات الإسرائيليّة، والممثّلين والمنتجين الإسرائيليّين، فما المانع من الاستفادة من القانون الصادر سنة 1955 عن جامعة الدول العربيّة؟ هذا القانون، على عيوبه (راجعْ أدناه)، من أفضلِ ما أنتجتْه هذه الجامعة. وفي ظلّ انحسار الحركة الوطنيّة والقوميّة والتقدّميّة العربيّة بشكلٍ عامّ، فلا بأس من الاستفادة من قانونٍ يتميّز (على علّاته) بأنّه يَمنع التعاملَ مع "إسرائيل،" خصوصًا إذا ترافقتْ هذه الاستفادةُ مع توعيةٍ شعبيّةٍ بأهميّة مناهضة التطبيع. معركتُنا مع "إسرائيل" ليست حذلقةً فكريّةً وتشدّقًا بالديمقراطيّة، بل تتعلّق ببقائنا وبقاءِ بلادنا من بعدنا، ومن حقّنا أن نستخدمَ كلَّ أسلحتنا في مواجهتها، وعلى رأسها هذا القانون ـ ـ تمامًا كما يمنع بعضُ العالم "الحرّ" ما يخالف قوانينَه وقناعاتِه الراسخة.

6) ولكنْ، ألا يُسهم منعُ فيلمٍ لممثّلةٍ إسرائيليّةٍ في تعزيز القانون الذي يضمّ موادَّ تُطاوِل حريّاتِنا الاجتماعيّةَ والفكريّة؟

ــــ إنّ العمل على تطبيق القانون القاضي بمقاطعة إسرائيل (1955) ينبغي ألّا يَحُولَ دون أن يعمل ناشطو المقاطعة وناشطاتُها، والناشطون والناشطات السياسيّون والاجتماعيّون الآخرون، وبالتوازي والتكامل، ضدّ القوانين (والأعراف) الجائرة في بلادهم، كتلك التي تتعلّق بالطائفيّة والمرأة وجرائمِ الشرف و"القدح والذمّ" والرقابةِ على الأعمال الفكريّة والإبداعيّة. الاستفادة من القانون في بعض موادّه لا يَحُول دون نقدِ موادّه الأخرى، والعملِ على تعديلِها أو إلغائها. بكلامٍ آخر: أنْ نَمنع "إسرائيلَ" من الدخول إلى أسواقنا وبيوتنا وصالاتنا لا يعني مطلقًا أن نشْهر سيفَ الرقابة والقمع على المجتمع بأكمله.

وهنا علينا التذكير بأنّ عددًا وازنًا من أعضاء حملات المقاطعة (في لبنان وخارجه) ناشطون في نشر الأدب والثقافات العالميّة ومواجهة الرقابات. وهم يروْن أن معركةَ الخلاص من الصهيونيّة ومعركةَ التحرر الداخليّ متكاملتان.

7) ما معاييركم للمنع؟

ــــ "المنع" غيرُ "المقاطعة،" وإنْ تكاملا أحيانًا كما رأينا. فالأوّل يَصدر عن جهةٍ رسميّةٍ/قضائيّة، تحظّر دخولَ منتوج (سلعيّ أو ثقافيّ أو غير ذلك) بسبب مخالفته قوانينَ الدولة (أو قراراتِ جامعة الدول العربيّة في حالتنا). أمّا الثانية فتتمّ من خلال ضغطٍ أخلاقيّ وثقافيّ وإعلاميّ، يقوم به ناشطون وناشطات، على بقيّة أفراد مجتمعهم، كي يمتنعوا، من تلقاء ذاتهم، عن استهلاك ذلك المنتوج إذا خالف المبادئَ التي يتمسّكون بها، بما يُشعر الشركةَ المنتِجةَ بوجوب تغيير سياستها كي ترضيَهم و/أو تستعيدَهم.

معيارُ المنع لدى حملة المقاطعة في لبنان هو "قانون مقاطعة إسرائيل" الذي أشرنا إليه سابقًا، وقد صدر عن جامعة الدول العربيّة سنة 1955 قبل أن يتبنّاه لبنان، ويُفترض من ثمّ بسائر الأقطار العربيّة أن تطبّقَه. وهو ينصّ بشكلٍ صريحٍ على الآتي:

"يحظّر على كلّ شخصٍ، طبيعيٍّ أو معنويّ، أن يَعْقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقًا مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ، مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً أو عمليّاتٍ ماليّةً أو أيَّ تعاملٍ آخرَ مهما كانت طبيعتُه."

ويقول أستاذُ القانون في الجامعة اللبنانيّة د. عصام نعمة إسماعيل، إنّ "اسرائيل" في نظر القانون اللبنانيّ عدوّ، وبحسب قانون العقوبات اللبنانيّ "فإنّ الصلاتِ محظورةٌ مع هذا العدوّ أو مع أحد رعاياه."(20)

غير أنّ هذا القانون، على ما يبدو، مقتصرٌ على التعامل التجاريّ وحده. والسبب، كما يقول إسماعيل، هو أنّه لم يكن "في وارد أيّ لبنانيّ أو عربيّ" في ذلك التاريخ (1955) "أن يَقبل بإسرائيل أو يقيمَ أيَّ تعاونٍ ثقافيٍّ أو حضاريٍّ أو فكريٍّ" معها، وإنّما كانت الخشية محصورةً في أن يَعمد بعضُ "محبّي جمع الأموال" إلى إبرام "صفقاتٍ تجاريّة مع أشخاصٍ أو شركاتٍ تحمل الجنسيّةَ الإسرائيليّةَ، أو أجانب يتعاملون مع إسرائيليين أو مع الكيان الإسرائيليّ." ولو كان المقصودُ من "مقاطعة إسرائيل" حظرَ التعامل الاقتصاديّ فقط، لَما كان ثمّة مبرِّرٌ "لأن يُسنِد المشترِعُ اختصاصَ الفصل بهذا الجُرم إلى المحكمة العسكريّة ويُدرجَه ضمن مصاف الجرائم الماسّة بأمن الدولة!"
على أنّ هذا القانون لم يعدَّلْ منذ تاريخ صدوره. ونحن نشاطر رأيَ مَن يستحسن تعديلَه (أو توضيحَه)، لجهة الأخذ في الاعتبار التطبيعَ الذي يجري عبر "الأفلام، أو الأعمالِ الفنيّة، أو المؤتمراتِ العلميّة والأكاديميّة والثقافيّة... وعبر الوسائل التكنولوجيّة والإلكترونيّة التواصليّة الجديدة."(21)

كما نقترح إضافة تعديل يفيد استثناءَ فلسطينيّي 1948 من المقاطعة ما داموا لا يعملون جسرًا للتطبيع مع العدوّ أو الترويج له. لكنّ هذه المسألة تبقى شائكةً جدًّا، وتحتاج إلى تشاورٍ أكبر بين الناشطين في فلسطين والبلدان العربيّة، وداخل كلّ بلد عربيّ على حدة. ولقد أدلت حملةُ المقاطعة في لبنان بدلوها غيرَ مرة في هذا المجال:(22) فهي ترفض، مثلًا، أن تُعرضَ أفلامٌ لفلسطينيّي 1948 في لبنان إذا سبق أن عُرضتْ في مهرجاناتٍ دوليّةٍ تحت اسم "إسرائيل،" وأن يَظهر اسمُ وزارة الثقافة الإسرائيليّة (أو أيّ مموّل إسرائيلي آخر) أثناء العرض.

ومع ذلك تبقى أمام مكاتب المقاطعة الرسميّة مزالقُ عدّة، أهمُّها: كيف تحصي، ومن ثمّ تقوِّم، كلَّ الأفلام أو الكتب أو المنتوجات التي تدخل هذا البلدَ العربيَّ أو ذاك، كي تتيقّنَ من أنّها لا تحتوي "مكوّناتٍ" إسرائيليّة: إنتاجًا، وبطولةً، وتمثيلًا، وتمويلًا، وتصويرًا، وتوزيعًا، ونشرًا، وترجمةً، ومواقفَ مناصرةً للاحتلال، وانتماءً إلى مؤسّسات إسرائيليّة،...؟

إنّ هذا التيقّن سيكون من سابع المستحيلات، وخصوصًا بسبب عولمة الشركات الكبرى المتعدّدةِ الجنسيّات، وتشابكِ مصالح التجّار والفاعلين والمستفيدين في عالمِ اليوم.

وتتفاقم المشكلةُ حين نعلم أنّ جامعةَ الدول العربيّة، المولَجةَ (عبر مكاتب المقاطعة التابعة لها) بالتقويم وإصدار قرارات الحظر و"إعطاء المهَل" لبعض الشركات من أجل "تسوية أوضاعها،" تزداد ضعفًا وشرذمةً وخضوعًا لإملاءات المال النفطيّ (وجزءٌ منه مطبِّعٌ مع العدوّ منذ أعوام). ثمّ إنّ مكاتبَها قد لا تجتمع إلّا مرةً كلَّ سنتين! فهل نترك الحبْلَ الإسرائيليَّ على غاربِه بذرائعَ من قبيل: "كلُّ شيء أو لا شيء،" أو "كلُّه زيّ بعضه،" أو"اليهود في كلّ شيء"؟

الجواب من جديد: "ما لا يُدرَكُ كلُّه لا يُتركُ جلُّه" (أو كلُّه أو بعضُه أو أهمُّه أو أقلُّه). فأن تَمنعَ جامعةُ الدول العربيّة، أو مكاتبُ المقاطعة في هذا القطر أو ذاك، 3 شركاتٍ إسرائيليّةً "متسلّلةً،" من أصل كذا شركةً إسرائيليّةً متسلّلةً أخرى، أفضلُ من أن لا تَمنع أيًّا منها على الإطلاق؛(23) وأن تَمنعَ فيلمًا بطلتُه جنديّةٌ إسرائيليّةٌ داعمةٌ لجيش الاحتلال أفضلُ من أن لا تمنعَه بذريعةِ أنّها لم تستطع حصرَ كلّ الأفلام ذاتِ المكوِّنات الإسرائيليّة. إنّ "التعجيز،" عبر المطالبة بكلّ شيءٍ أو لا شيء، وصفةٌ للاستسلام، في حين أنّ أيَّ إنجازٍ ــــ ولو بدا ضئيلًا اليوم ــــ سيُبنى عليه لاحقًا، وسيكون دعامةً لسقوفٍ أعلى مقبلة.

ومع ذلك، ومن أجل التخفيف من العبء الملقى على عاتق مكاتب المقاطعة العربيّة، على الأقلّ في البلدان التي ماتزال تَعتبر "إسرائيلَ" عدوًّا رسميًّا لها، وعلى رأسها لبنان، فإنّنا نقترح تعزيزَ صلاحيّاتها، ومدَّها بالخبرات والموظّفين والدعم الماليّ والتقنيّ.(24) ونقترح أيضًا تمتينَ أواصر التعاون بين حملات المقاطعة الشعبيّة والمكاتبِ المذكورة؛ وهذه كُبرى مسؤوليّات القوى الوطنيّة والقوميّة والتقدّميّة والهيئات الثقافيّة والشبابيّة في العالم العربيّ. فالمقاطعة هي الوجهُ الأبرز اليوم لـ"ثقافة المقاومة،" وعلى كلّ هذه القوى والهيئات المذكورة أن تُدرجَ "مقاطعة العدوّ الصهيونيّ" في رأس برامجها الاستراتيجيّة ونشاطاتها اليوميّة. ولقد أثبتتْ "قضيّةُ الجنديّة الإسرائيليّة" أنّ الفيلم ما كان ليُمنع رسميًّا لولا تحرّكُ ناشطات المقاطعة وناشطيها، أيْ لولا الضغط "من تحت."

8) ولكنْ كيف نَعرف عدوّنا وأنتم تمارسون الإرهابَ الثقافيَّ علينا؟

ـــ بعضُ مُطْلقي شعار "اعرفْ عدوَّك" لم يتفطّنْ إلى هذا "العدوّ" وإلى ضرورةِ معرفته إلّا حين تعلّق الأمرُ بمنع فيلم من بطولة جنديّة إسرائيليّة (وهو فيلم لا يعلّمنا شيئًا عن هذا "العدوّ" أصلًا)! لكنّنا سنتجاهل ذلك الآن لنقول إنّ مَن يَحرص على التعرّف إلى إنتاج "العدوّ" يستطيع ذلك من دون فرضِه على الناسِ والدولةِ والفضاءِ العامّ.

وبالمناسبة، أوَليس إرهابًا ثقافيًّا أن يَفرضَ دعاةُ "حريّة التعبير،" وباسم هذه الحريّة (لا غير!)، على دولةٍ (قانونُها ينصّ على معاداة "إسرائيل" منذ 62 عامًا)، وعلى شعبٍ (عانى ويعاني الموتَ والتهجيرَ والدمارَ جرّاء حروب "إسرائيل" عليه طوال عقود)، فيلمًا من بطولة جنديّةٍ كانت في صفوف الجيش الإسرائيليّ سنة 2006، أيْ حين كان اللبنانيون يُقتلون ويُقصَفون ويُهجّرون؟!(25)

نعم، في مقدور مَن يَحرص على معرفة العدوّ أن يفعلَ ذلك من دون الدوْس على قانونٍ قديمٍ (ولكنّه أفضلُ ما في قوانينِ هذه الأمّة) ، وعلى أهالي الشهداءِ والجرحى والأسرى والمعوَّقين والمهجَّرين واللاجئين. يستطيع أن يقرأ عدوَّه أو يشاهدَه من خلال نُسخٍ مقرصنة، أو على اليوتيوب (ولو متأخّرًا)؛ أو يستطيع أن يستعيرَه من إحدى المكتبات العامّة (في الغرب)؛ أو غير ذلك.

ثمّ إنّ غسان كنفاني مثلًا نشر سنة 1966 دراسةً كاملةً عنوانُها في الأدب الصهيونيّ (ويشمل الإسرائيليَّ وغيرَ الإسرائيليّ) من دون الحاجة إلى المطالبة بدخول كتبٍ إسرائيليّة إلى الأسواق العربيّة.

وفي رأينا أنّ غضّ النظر عن دخول الإنتاج الفنّيّ والثقافيّ الإسرائيليّ، بما في ذلك رموزُه "التمثيليّة" (بالمعنييْن السابق ذكرُهما في الإجابة عن السؤال 3)، يتخطّى مسألةَ زيادة المردود الماليّ في جيب المنتِج الإسرائيليّ و/أو الناشر/المروِّج العالميّ، ليبثّ الرسالةَ الآتية الأهمّ: أنّ الدول التي تعادي الكيانَ الصهيونيّ، قانونًا وحكومةً وجيشًا ومقاومةً، تتسامح مع إنتاجِه الفنّيّ والثقافيّ. وحقيقةُ الأمر أنّ الكيان الصهيونيّ كلٌّ واحدٌ متكاملٌ، قوّتُه السياسيّة والعسكريّة مرتبطةٌ بـ"سمعته" الثقافيّة والأكاديميّة والفنّيّة في العالم، في وصفه "واحةً" حضاريّةً متقدّمةً وسط "صحراءَ" إسلاميّةٍ قاحلة.

9) ما هي معايير المقاطعة؟

ـــ المنع، كما سبق الذكر، غيرُ المقاطعة (وإنْ تماشيا في بعض الحالات). فالأول موجَّهٌ ضدّ "إسرائيل" والإسرائيليين بموجب القانون (وإن كنّا نفضّل إدراجَ التعديليْن المقترحيْن في الإجابة عن السؤال 7)، في حين أنّ الثانية موجّهة إلى داعمي "إسرائيل" والصهيونيّة. ونعيد هنا تلخيصًا بمعايير حملة المقاطعة في لبنان.

أ ـ في ما يخصّ الإنتاجَ السلعيّ غيرَ الإسرائيليّ الداعم للعدوّ. أبرز معايير دعم الشركات الاستهلاكيّة للعدوّ:(26)

* بناءُ مصانع ومراكز بحثٍ وتنمية (R&D) في أراضٍ "طُهّرتْ" عرقيًّا من الفلسطينيين (كوكاكولا، نسله،...).

* شراءُ شركاتٍ إسرائيليّة أو أسهمٍ فيها أو توقيع عقودٍ معها (جنرال إلكتريك، جونسون آند جونسون، نسله، هاسبرو، بيبسيكو،...).

* تقديمُ دعمٍ ماليٍّ مباشر إلى جمعيّات "خيريّة" وصهيونيّة (كوكاكولا،...).

* الإسهامُ في آلة الحرب والعدوان الإسرائيليّة (كاتربيلر، جي4أس، هوليت باكارد،...).

* رعايةُ نشاطاتٍ فنيّة ورياضيّة وثقافيّة وتربويّة إسرائيليّة (فيليب موريس،...).

ب ـ في ما يخصّ الفنّانين والأكاديميين غير الإسرائيليين. أبرزُ معايير دعمهم للكيان الصهيونيّ:

* مشاركتهم في مؤتمرات ومهرجانات داخل هذا الكيان بعد رفضهم الاستجابةَ لرسائل من حملات المقاطعة تحثّهم فيها على الامتناع عن تلك المشاركة، لِما فيها من "تلميعٍ" و"طمسٍ" لصورة الإجرام والعنصريّة الإسرائيليّة (وهذا من معايير حملة المقاطعة العالميّة BDS في الأساس).

* جهرُهم بتأييد إسرائيل، والتغنّي بها، وإعلانهم الوقوف معها ضدّ "الإرهاب."

* إحياؤهم حفلاتٍ في مناسبات إسرائيليّة "وطنيّة" (مثل ذكرى النكبة)، وإنشاد قصائد صهيونيّة.

* مشاركتهم في جمع التبرّعات لهيئات إسرائيليّة.

ج ـ في ما يخصّ الرياضيين غير الإسرائيليين. المعياران الأبرزان هما مشاركتُهم في الدوري الإسرائيليّ، والترويجُ لسياساتهم وسياسيّيهم.

10) كيف تَستخدمون وسائلَ التواصل الاجتماعيّ، وبعضُها يدعم "إسرائيل،" من أجل نشر رسالتكم المعادية للصهيونيّة؟

ــــ ليس بين أيدي ناشطي المقاطعة وناشطاتها لائحةٌ أو "دفترُ شروط" بكافّة أنواع الوسائل التي يُسمح باستخدامها في مواجهة العدوّ، على طريقة: "معلّم، واحد فيسبوك مع تحرير كامل فلسطين، رجاءً!" ولذلك يُضطرّون إلى استخدام وسائل ليست جميعُها على هواهم السياسيّ.

لكنْ، ألا يُضطرّ المقاومون أحيانًا إلى استخدام بندقية "عوزي" إسرائيليّة إذا لم يتوفّر البديلُ في لحظات المواجهة؟

في كلّ الأحوال، فإنّ حملات المقاطعة ترحِّب بأيّ وسيلةٍ يقدّمها المنتقِدون لتكون بديلًا من وسائل التواصل الاجتماعيّ الحاليّة.

ــــ إنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ ليست إلّا واحدةً من وسائل عمل حملات المقاطعة. فهذه الحملات ما زالت تستخدم وسائلَ التحفيز والتعبئة "التقليديّة" بكثرة: كالاعتصامات، والخطابات، والتظاهرات، وتوزيع القصاصات، وعقدِ الندوات، وكتابةِ المقالات ـ ـ وكلُّها خاليةٌ من أيّ تأثيرٍ صهيونيّ.

***

حاولتُ في هذا المقال أن أتطرّق إلى أبرز المسائل التي أثيرت أثناء المعركة التي خاضتها حملةُ المقاطعة ضدّ "المرأة الخارقة." ولا شكّ في أننا سنكون قريبًا أمام مواجهاتٍ جديدة، نحتاج فيها إلى اجتهادات كلّ العاملين في الشأنين الوطنيّ والثقافيّ. صحيحٌ أنّنا نخوض حربَنا ضدّ الصهيونيّة منذ 70 عامًا، لكنّنا نشعر في بعض المحطّات وكأنّنا نواجهها للمرّة الأولى!

بيروت

1-  https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1353516268065732&substory_index=0&id=228861463864557&pnref=story

2- http://boycottcampaign.com/boycottapp/mobile-application/index.html#index

http://www.boycottcampaign.com/index.php/ar/our-guide

3- http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=156631

4- http://www.dictionary.com/browse/better-late-than-never

5- http://www.boycottcampaign.com/index.php/ar/our-guide

6- حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.

7- http://www.al-akhbar.com/node/278152

8- أيْ بعد السماح بعرض الفيلم مثلًا، كما حصل مع فيلم Batman vs Superman ربيع العام 2016.

9- http://www.boycottcampaign.com/index.php/ar/our-guide

10- http://www.nytimes.com/2009/03/19/world/middleeast/19israel.html?_r=2

11- http://www.dailymail.co.uk/wires/afp/article-4247786/Israel-invited-26-Oscar-stars-visit-So-far-none-has.html

12- لا تفوتنا هنا الإشارةُ إلى تحذير المعلنين الأميركيين للصحافيين الإسرائيليين في 1/6/2017 من وجوب عدم سؤال غادوت أيَّ سؤالٍ باللغة العبريّة، وعدم الإشارة إلى منع لبنان لفيلمها بسبب هويّتها الإسرائيليّة؛ فذلك ــــ على ما يتّضح ــــ سيُضرّ بهوليوود! راجع:

http://www.haaretz.com/israel-news/.premium-1.793339

13- https://theculturetrip.com/europe/france/articles/the-most-controversial-films-banned-in-france/

http://screenrant.com/controversial-movies-banned-around-the-world/

14- حُظر كتابُ روجيه غارودي، الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيليّة، بأمرٍ من المحكمة الفرنسيّة في نهاية التسعينيّات من القرن الماضي.

15- هناك حملاتٌ ودعاوى تطاول شركات نسله، وجي4أس، وكوكاكولا، وعشراتِ الشركات الأخرى في العالم بسبب قضايا مماثلة. راجع:

http://www.babymilkaction.org/nestlefree

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/africaandindianocean/southafrica/11847153/G4S-accused-of-torturing-inmates-to-death-in-South-Africa.html

16- http://www.maannews.net/Content.aspx?id=729927

17- http://imemc.org/article/75227/

18- لاحظوا مثلًا سحبَ "بيتزاهات" (الشركة الأمّ) لمنشور وكيلها الإسرائيليّ المسيء للأسير الفلسطينيّ مروان البرغوثي، في أيّار2017.

19- لنموذجٍ عن عمل حملة المقاطعة في فلسطين، راجعوا رسالتها إلى ألتون جون:

http://www.pacbi.org/etemplate.php?id=1176

20- https://goo.gl/iqE2a8

21- المصدر نفسه.

22- مثلًا: http://www.boycottcampaign.com/index.php/ar/activities/letters/1076-2016-10-09-16-11-11

23- وهذا ما حصل في لبنان. فمثلًا، قدّمتْ حملة المقاطعة في لبنان تقريرًا إلى مكتب المقاطعة عن وجود عدّة شركات إسرائيليّة في لبنان، فأصدرت الجامعة العربيّة سنة 2012 قرارًا بمنع شركة "لومينوس" لتقنيّات اللايزر.

https://bdsarabic.files.wordpress.com/2013/02/4414_1841_5216.pdf

24- من مشاهداتي المتكرّرة فإنّ "مكتب مقاطعة إسرائيل" في لبنان عبارة عن غرفةٍ صغيرة، بموظّفٍ واحدٍ، وذلك بعد إحالة مديره د. هيثم البوّاب على التقاعد.

25- وُلدتْ غادوت سنة 1985، والتحقتْ بالجيش الإسرائيليّ لمدّة سنتين حين كانت في العشرين من عمرها، أيْ بين العامين 2005 و2007.

26- http://www.boycottcampaign.com/index.php/ar/wathika#w7

 

 

سماح إدريس

رئيس تحرير مجلة الآداب الورقيّة (1992 ـ 2012) والإلكترونيّة (2015 ـ...). له كتابان في النقد الأدبيّ، وأربعُ رواياتٍ للناشئة، وإحدى عشرة قصّة مصوّرة للأطفال، وعشراتُ الدراسات والمقالات والكتب المترجمة. عضوٌ مؤسِّسٌ في "حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان" (2002 ـ ...). ينتهي خلال أعوام من إنجاز معجم عربيّ  ضخم صادر عن دار الآداب.