عن المتاريس التلفزيونيّة في ذكرى الحرب الأهليّة اللبنانيّة (ملفّ)
13-04-2016

 

يقولون إنّ الحرب الأهليّة اللبنانيّة انتهت، تحديدًا في العام 1990، وإنّها دامت 15 عامًا، ابتداءً من 13 نيسان 1975. لكنّ ميْلنا الطبيعيّ إلى طمس المآسي ودفنِها غالبًا ما ينسينا حقيقةً مُرّةً، وهي أنّ للزمن حلقاتٍ تتعدّى البداياتِ والنهايات، وهي تبدأ قبل أن "تبدأ" وتحيا بعد أن "تنتهي."

 

لعلّ في الكلمات السابقة إفراطًا في السلبيّة والتشاؤم، ولا سيّما أنّنا على أبوابِ ذكرى الحرب الأهليّة. لكنّنا سنترك لكم الحُكْمَ بعد جولةٍ سريعةٍ على القنوات التلفزيونيّة المحلّيّة، وتحديدًا أثناء نشرات الأخبار المسائيّة وبرامجِ الحوار السياسيّة. والهدف: رصدُ تجلّيات الحرب وانقساماتِها مِن على شاشات الحاضر، أيْ مِن تلفزيونِ ما بعد "اتفاق الطائف،" مرورًا بمنعطف أحداث العام 2005.

 

مشاهدات تلفزيونيّة

تلفزيون المستقبل حانقٌ على حزب الله: هذا ما تشي به لغةُ المذيع/ ـة وتعابيرُ وجهه/ ـا عند تكرار اسم الحزب أكثرَ من عشر مرّات في النشرة الواحدة. أنت، أيّها المُشاهدُ اللبنانيّ الكريم، والسنّيّ بشكلٍ خاصّ، في خطرٍ داهم، من مشروعٍ شيعيٍّ صفويٍّ إيرانيّ، أداتُه في لبنان حزبُ الله. ثمّ إنّ حزبَ الله هو المسؤولُ الأوّلُ عن معظم مصائب الأمّة: المذهبيّة، ومصادرة القرار الوطنيّ، والتبعيّة للخارج (ولاية الفقيه)، وإدخال الناس في دوّامة الحروب الدائمة. وفي مواجهة هذا "المثال" المشيطَن، ثمة مثالٌ يرمز إلى الخير والاعتدال والعطاء اللامحدود: إنّه المملكةُ العربيّة السعوديّة.

قناة المنار: الخطاب هنا عقائديّ، ويتوجّه ـ في الأساس ـ إلى فئةٍ معيّنةٍ من المشاهدين الذين ينتمون إلى "جمهور المقاومة." الوجوه والأسماء العاملة في غالبيّتها تنتمي إلى المذهب الشيعيّ. أنت، أيّها المُشاهد المعارض لسياسة الحزب، جزء من مشروع أمريكيّ ـــ صهيونيّ إمبرياليّ هدفُه ضربُ المقاومة. أمّا أنت، أيّها السياسي أو الناشط الشيعيّ المعارض للحزب، فخائن؛ من "شيعة السفارة [الأميركيّة]." هنا، الجمهورية الإسلاميّة في إيران هي مثالُ الخير والمقاومة والانتخابات الحرّة والعطاء.

قناة NBN: هذه هي قناةُ نبيه برّي، رئيسِ مجلس النوّاب منذ أربعٍ وعشرين سنة. لا داعي أصلًا لتفكيك خطاب هذه القناة وبذلِ الجهد في توصيفه؛ فهو يكاد يتلخّص في 4 كلمات: "برّي قال وبرّي فعل." إنّه خطابُ رؤية "الزعيم" الأحاديّ الكليِّ المعرفة.

قناة OTV: هنا، الخطابُ "المسيحيّ" يحتلّ الصدارةَ، و"مخاوفُ المسيحيين" هي العنوانُ الأبرز في المواضيع المطروحة كافّةً. "القوات اللبنانيّة" غيرُ مرحَّبٍ بها ضيوفًا (لكنْ مؤخّرًا، بعد تقارب عون ـ جعجع، ثمّة رضًا مستجدٌّ من الطرفيْن، وتبادلٌ للزوّار)، تكريسًا لتحالف "التيّار الوطنيّ الحرّ" مع حزب الله. الإسلام السنّيّ يَظْهر هنا وهّابيًّا خطيرًا، أما الإسلام الشيعيّ فيَظهر صديقًا صدوقًا. أغلبُ الوجوه تنتمي إلى الطائفة المسيحيّة، والجنرال ميشال عون هو ـ بالطبع ـ المرشّحُ الأَوْلى برئاسة الجمهوريّة.

قناة MTV: هنا يَسْطع نجمُ لبنان "الفينيئي،" الفرنكوفونيّ، المنبهرِ بالغرب، المتفلّتِ من أيّة صلةٍ بمحيطه العربيّ. الخطاب مسيحيّ، يمينيّ، ذو لغةٍ فوقيّةٍ استعلائيّةٍ تجاه مَن لا يمتلك ثقافةً أو لغاتٍ أجنبيّة. ثمّ...إيّاكَ، أيّها المشاهدُ المسيحيّ، التفكير ببيع أرضك إلى المسلم، ذاك الغريبِ، الذي تتفوّق عليه ثقافةً ووجاهةً وحضارةً وإخلاصًا "للأمّة اللبنانيّة." أغلب الضيوف هنا مسيحيون و/أو من فريق 14 آذار.

قناة ال بي سي: ارتيابٌ. ضياعٌ بين هويتيْن. رغبةٌ في مواكبة قضايا الشارع والحَراك الشبابيّ. تبنّي المظهرالثائر "المعادي للسلطة الفاسدة." يضاف إلى ذلك حنينٌ إلى خطابٍ مسيحيٍّ يمينيّ، كان أساسَ هويّة المحطّة "القوّاتيّة" منذ النشأة، يعود ويظهر، بين الحين والآخر، رغم مساعي التخفّي. برامج ضدّ زعماء الحرب والطوائف، وبرامج أخرى تكرّس صورتَهم.

قناة الجديد: حسنًا، لا طائفيّة هنا. لكنّ الأسلوبَ كيديّ، حيث "بخُّ السّمّ" على أيّ خصمٍ سياسيّ، و"كبُّ الزيت على النار" بين الخصوم. يترافق ذلك مع تذاكٍ مزعج.

تلفزيون لبنان: هذا هو تلفزيون "الدولة." هنا، أيضًا، لا طائفيّةَ في الخطاب. لكنْ يقابِلُ هذه الميزةَ الحميدةَ إفراطٌ في نشر أخبار الرسميّين، وغرقٌ في البيروقراطيّة، وسيادةُ التقليديّة، والضجر. ومع ذلك، فإنّ هذه المحطّة تَشْهد مؤخّرًا بعضَ التحسّن الملحوظ.

وسط كلّ هذا الاحتدام الداخليّ، الطائفيّ والمذهبيّ والسياسيّ، علينا ألّا ننسى الشرخَ الإعلاميَّ الحاصلَ نتيجةً للحربيْن السورية واليمنيّة. فوفقًا لموقف المحطّة السياسيّ، تُشيطَن، مثلًا، المعارضةُ السوريّةُ في قناتَي المنار وNBN، بل تُختزَل في "داعش" و"النصرة"؛ وفي المقابل، يشيطَن نظامُ الأسد في تلفزيون المستقبل.

 

الامتدادُ العاطفيّ للحرب

قد يختلف القرّاءُ معي في بعض التفاصيل الواردة أعلاه، لكنّني لا إخالهم يعترضون على التلخيص الآتي: 1) المشهد التلفزيونيّ اللبنانيّ، عامّةً، تسودُه البروباغندا والشحنُ السياسيُّ والمذهبيّ، مع تفاوتٍ في درجة البروباغندا وحدّةِ الذكاء الموظَّفتيْن. 2) معظمُ المحطّات تضمّ وجوهًا تنتمي إلى المذاهب التي ينتمي إليها أصحابُ تلك المحطّات، وتستقبل ضيوفًا من "أهل البيت" السياسيّ، من دون مساحةٍ مقبولةٍ تخصَّصُ للرأي الآخر. 3) المنبر مفتوحٌ لتبرير المخاوف "الوجوديّة" وتكريسِها؛ ذلك لأنّ"الآخر" يَحمل مشروعًا لن يرضى بأقلّ من إلغائـ"نا."

للحرب "امتدادٌ عاطفيٌّ" حتى يومنا هذا. فما زالت الطائفيّةُ، ومشاعرُ الخوف من الآخر، مستعرةً في القلوب والنفوس، كأنّها ابنةُ اليوم. وما زالت خطوطُ التماس حاضرة، وإنْ غابت. وفيما يخصّ الإعلامَ تحديدًا، فلا تمْكن الاستهانةُ بالدلالات التي يحملها خطابٌ إعلاميٌّ منقسمٌ على هذا النحو: فهو لا يَعكس طبيعةَ النظام الطائفيّ المهيمِنِ على مجتمعنا، والمولِّد للحروبِ المستدامة، فحسب، وإنّما يكرّسها ويؤبِّدُها أيضًا.

فإذا كانت الحرب قد "انتهت" سنة 1990، فإنّ شعلتها محفوظةٌ، مثلَ بركانٍ عتيقٍ، خمد ظاهرُه لفترةٍ لكنّه احتفظ بناره. التلفزيون اللبنانيّ، عامّةً، يعمل على حفظ شعلة الحرب الأهليّة جاهزةً للاضطرام والتأجّج، خدمةً لمصالح نظامٍ قائمٍ على تكريس الكنتونات الطائفيّة. ويستمدّ "شرعيّتَه" من تعزيز روحيّة الانقسام ورُهابِ الآخر.

 

التلفزيون اللبنانيّ: محطّاتٌ تكرِّسُ الانقسام

لكي تتّضح صلةُ الرحم المتينة بين الحاضر والماضي، وكيف أنّ الخطابَ التلفزيونيّ الذي نشهده اليوم يكرّس انقساماتِ الأمس، لا بدّ من العودة إلى السياق التاريخيّ الذي واكب نشأةَ التلفزيون اللبنانيّ منذ خمسينيّات القرن الماضي.

أ ـ ما قبل الحرب الأهليّة: أتت البداية مغايرةً لنشأة التلفزيونات العربيّة الأخرى؛ ففي حين بدأتْ هذه مشاريعَ حكوميّةً، بدأ التلفزيونُ اللبنانيُّ مشروعًا تجاريًّا، بل كان أوّلَ تلفزيونٍ تجاريٍّ تابعٍ للقطاع الخاصّ في العالم العربيّ. أسّسه رجلا أعمال، وسام عزّ الدين وجو عريضة، وباشر بثّه سنة 1959 تحت اسم "شركة التلفزيون اللبنانيّة" (CLT). وكان يضمّ قناتين: قناة 7 للبرامج العربيّة، وقناة 9 للفرنسيّة. تبعه سنة 1962 تلفزيونُ لبنان والمشرق (Tele Orient) في الحازميّة، بقناتيْه 5 و 11.

والحال أنّ نشأة التلفزيون اللبنانيّ كمشروعٍ تجاريٍّ لا حكوميّ عَزّزتْ، منذ البداية، المقاربةَ المادّيّةَ في إعلامه. واستمرّت هذه النزعةُ إلى يومنا هذا، إذ تُعطى الأولويةَ المادّةُ التجاريّةُ التي "تبيع،"بمعزلٍ عن مستواها الثقافيّ.

ب ـ مرحلة الحرب الأهليّة: كانت سنواتُ الحرب كفيلةً بتحويل التلفزيون اللبنانيّ من مشروع تجاريّ إلى أداةٍ حربيّة. ففي السنتين الأولييْن من الحرب، مُنيتْ CLT و Tele Orient بخسائرَ مادّيّة، مع تضاؤل حجم مدخولهما الإعلانيّ. وانقسم التلفزيونان حينها وفقًا لمحاور انقسام البلد: فقد سيطرتْ على محطّة CLT في بيروت الغربيّة أحزابُ "الحركةُالوطنيّة،" بينما سيطرتْ على Tele Orient في بيروت الشرقيّة أحزابُ "الجبهةِ اللبنانيّة،" واستُخدمت المحطّتان لتبادل التهديدات.

أمام هذا الانقسام، وأمام حاجة الشركتين إلى الدعم الماليّ، صدر مرسومٌ في 30/12/1977 يعلن ولادةَ شركة مختلطة، هي تلفزيون لبنان (أو Tele Liban)، على أن تكون للدولة حصّةُ 50% منها، وتوزّع الـ 50% الباقية بين CLT وTele Orient. ومُنح تلفزيونُ لبنان حينها حقًّا حصريًّا بالبثّ لغاية العام 2012.

وسط الفوضى وضعف سلطة الدولة، استغلّت الأطرافُ المتقاتلة الفرصةَ، فأنشأتْ قنواتٍ خاصّةً بها، غيرَ شرعيّة، عكستْ حالَ الانقسام الكبير في البلد، ونافستْ تلفزيونَ لبنان بشكلٍ كبير. وكان أبرز هذه القنوات: قناة الجديد (NTV) التابعة حينها للحزب الشيوعيّ اللبنانيّ، والمؤسّسة اللبنانيّة للإرسال (LBC) التابعة "للقوّات اللبنانيّة،" وتلفزيون المشرق بإشراف النائب السابق وأمين عامّ "رابطة الشغّيلة" زاهر الخطيب.

ج ـ ما بعد الطائف: لم يكن ممكنًا العملُ على ترميم المشهد اللبنانيّ بعد الحرب من دون العمل على تنظيم الإعلام. وعليه، كان لا بدّ من اللجوء إلى سياسة منح تراخيص تلفزيونيّة مناسبة (وهذا ما تضمّنه اتفاقُ الطائف نفسُه). فمِن بين التلفزيونات الكثيرة غير الشرعيّة حينها، كان هناك، مثلًا، تلفزيونُ المنار لحزب الله، و MTVلغبريال المرّ، وSigma TV، وICN، وCVN، وتلفزيونُ لبنان العربيّ، وتلفزيون كيليكيا (للحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ)، وتلفزيون الشرق الأوسط (ومقرُّه "الشريط الحدوديّ" الذي كان تحت سلطة الاحتلال الإسرائيليّ وعملائه ويَبثّ من الكيان الصهيونيّ)؛ فضلًا عن التلفزيونات المناطقيّة متل: تلفزيون إهدن، وتلفزيون بعلبك، وتلفزيون طرابلس.

بعد سنوات من المماطلة والتأجيل، وُضع "قانونُ الإعلام المرئيِّ والمسموع" في العام 1994، وكان قانونَ محاصصةٍ بامتياز. فعند وضعه قيدَ التنفيذ، عبْر مرسوم التراخيص سنة 1996، وُزّعت التراخيصُ التلفزيونيّةُ بحسب معاييرَ طائفيّةٍ وسياسيّةٍ بحت، بحيث أصبحتْ رسميًّا لكلّ حزبٍ محطّةٌ، وأصبح لكلّ زعيمٍ سياسيّ طائفيّ كبير لسانٌ تلفزيونيٌّ ناطقٌ باسمه. فالمؤسّسات الأربع الوحيدة التي مُنحتْ رخصًا تلفزيونيّة هي: LBC، وFuture لرئيسُ الحكومة رفيق الحريري، وMTV لغابريال المرّ (شقيقِ وزير الداخليّة في حينه)، وNBN لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ـــ وكلُّها تمثِّل، على سبيل الافتراض، الطوائفَ الآتية على التوالي: المسيحيين الموارنة، والمسلمين السنّة، والمسيحيين الأرثوذوكس، والمسلمين الشيعة. المفارقة أنّ قناة NBN، ولاعتباراتٍ سياسيّةٍ بالتأكيد، نالت رخصة حتى قبل أن توجد!

غير أنّ مرسومَ التراخيص عاد ومنح قناةَ المنار رخصةً خاصّةً، على أن تمثّل الإعلامَ الملتزمَ بقضيّة المقاومة حتى انتهاء احتلال العدوّ الإسرائيليّ للأراضي اللبنانية. وسُمح لقناة Tele Lumiere الدينيّة المسيحيّة بأن تبثّ من دون نيل رخصة، وقيل إنّ ذلك حصل من أجل خلق نوعٍ من "التوازن" أمام قناة المنار المسلمة (أو ما يُسمّى في الاصطلاح اللبناني الشائع "منطق 6 و 6 مكرّر"). والنتيجة أنّ معظمَ القوى السياسيّة التي حَكمتْ خلال الحرب الأهليّة عادت وحكمتْ بعدها... لكنْ بشرعيّةٍ إعلاميّة.

أمّا تلفزيون لبنان، الذي عاد ملْكًا للدولة سنة 1996، فله قصّةٌ منفردةٌ، تُظهر كيف تواطأتْ مختلفُ الأطراف السياسيّة عليه بغية إضعافه وتهميشِه، صونًا لتلفزيوناتهم الخاصة. كما أنّ قانون الإعلام جرّده من حقّه في إقامة دعوى على القنوات غير الشرعيّة لمطالبتها بتعويضٍ ماليّ، وأبطل حقَّه في حصريّة البثّ حتى نهاية العام 2012!

 

زواجُ الليبرالية والميليشيا

يَطرح تفكيكُ الهيكليّة الداخليّة للتلفزيون اللبنانيّ مفارقةً فاقعةً، وهي أنّ واجهتَه ليبراليّة، مقارنةً بالتلفزيونات العربيّة الأخرى التي تتبع في أغلبها النهجَ الحكوميّ، فيما خلفيّتُه ميليشياويّة. فخلف الوجه الليبراليّ وحريّةِ الرأي (النسبيّة)، تقبع في أعلى الهرميّة الداخليّة القوى التقليديّةُ نفسُها، من زعماءَ وأمراءِ حربٍ وطوائف، وهي التي تسيطر على سياسات المحطّات، وتحدِّد خطابَها. لقد "فُصّلتْ" تركيبةُ القطاع التلفزيونيّ اللبنانيّ وفقًا لتشريعاتٍ إعلاميّةٍ تَخدم السياسيين وحلفاءَهم من رجال الأعمال وأصحابِ النفوذ.

الانقسام الإعلاميّ متوقّع في مجتمعٍ منقسمٍ كلبنان؛ فالبلد، منذ نشأته، يعاني مشكلةَ هويّة: إذ ما يزال غيرَ قادر على تحديد إنْ كان فينيقيًّا أو عربيَّ الوجه أو عربيَّ الهويّة والانتماء، وهو ما زال عاجزًا عن الإجماع على حليفٍ أو عدوّ مشترك، كما أنّ الولاء الحزبيّ والمذهبيّ يتفوّق بأشواط على أيّ ولاء وطنيّ. في سياقٍ ثقافيٍّ كهذا، يصبح اللعبُ الدائمُ على العصبيّات المذهبيّة نهجًا تلفزيونيًّا متوقّعًا، لا سيّما إبّان الأزمات السياسيّة، ويصبح التلفزيون أداةً إيديولوجيّةً تكرّس الانقسامَ السياسيّ ـ المذهبيّ ـ السلطويّ، بل تعيد إنتاجَه أيضًا.

هكذا تستمرّ الحربُ من هنا، من على شاشاتنا.

بيروت

مايا مجذوب

إعلاميّة، وأستاذة جامعيّة في الجامعة اللبنانيّة الأمريكيّة (LAU)، ومؤسِسَة مبادرة "التجمّع المناهض للفصل العنصري: مقاومة الاحتلال في الفضاء الإلكترونيّ." حازت الماجستير في الدراسات الإعلاميّة من الجامعة الأمريكيّة في بيروت. منحتْها هذه الجامعة جائزةَ "كامل مروّة للدراسات الإعلاميّة" للتفوّق الأكاديميّ. صدر لها الفيلمُ الوثائقيّ: تلفزيون وائع (2015). عملت مذيعةً في تلفزيون دبي. أَعدّت وقَدّمتْ موسميْن من البرنامج الحواريّ الاجتماعيّ، شارعنا، على تلفزيون لبنان.