قلبٌ غيّر نبضَه: من الاستعمار إلى المقاومة
19-03-2018

 

الروح هنا لم تعد نفسَها.

المكان الذي أقف فيه، الآن، تأسّس ذاتَ يوم بنيّةِ إعدادِ عقولٍ استعماريّةٍ تدير منطقتَنا. لكنّه أصبح، مع مرور الزمن، رأسَ حربةٍ في المعارك الفكريّة الموجَّهة ضدّ الاستعمار، هنا في قلب عقر داره التاريخيّ: في قلب بريطانيا.

هذه المفارقة وحدها كانت كفيلةً بدفعي إلى زيارة معهد SOAS في جامعة لندن. والاسم مختصر لـ"معهد الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة في جامعة لندن." فقد كانت تلك فرصتي لمراقبة تحوّلات الجامعة عن كثب، بعد أن استطلعتُ ماضيَها.

 

خلفيّة الجامعة

في خلفيّة تأسيس الجامعة، يلوح مشروعٌ استعماريٌّ مكرَّس. فقد تأسّستْ SOAS سنة 1916، خلال الحرب العالميّة الأولى، بهدف تدريب أصحاب الاختصاص على أن يكونوا ذراعًا فكريّةً وسياسيّةً واستراتيجيّةً تُعِين بريطانيا على إدارة شؤون معسكراتها في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. وعليه، فقد كانت الجامعة، باختصاصاتها وسياساتِها، امتدادًا إيديولوجيًّا وعمليًّا للإمبرياليّة البريطانيّة.

لكنّ هذه الجامعة اليوم، وللمفارقة، باتت تُعَدُّ من أولى الجامعات في لندن التي تبنّتْ حركةَ المقاطعة الاقتصاديّة والثقافيّة للاحتلال الإسرائيليّ، وتحوي أكثرَ الهيئات الطلّابيّة والتعليميّة  نشاطًا في الشأن السياسيّ المعارض، من حيث تنظيمُ الاحتجاجات والحملات المناهضة للاستعمار وإنتاج دراسات نقديّة تفكيكيّة للخطاب الكولونياليّ ومفاهيمِ السلطة. كذلك تحوي SOAS مركزًا للدراسات الفلسطينيّة (Centre for Palestinian Studies) ، وهو واحد من القلّة القليلة من المراكز الجامعيّة المخصَّصة للدراسات الفلسطينيّة في أوروبا.

لكنْ، من أين جاء هذا التحوّل؟!

يلحّ عليّ سؤالي، فأدخل الحرمَ الجامعيَّ بعين المستكشِف، متأهِّبةً لجمع كلّ التفاصيل الصغيرة ــــ الكبيرة التي تُثْبت أنّه قد باتت للجامعة اليوم هويّةٌ روحيّةٌ جديدة.

 

مشاهَدات من داخل حرم الجامعة

تأتيني المفاجأةُ الأولى على بعد خطواتٍ من المدخل: علَمُ فلسطين يرفرف في الناحية اليسرى داخل الحرم الجامعيّ الضيّق. يرتفع مزهوًّا في قلبِ بلدٍ سبق أن احتضن وعدَ بلفور المشؤوم!

أتحدّث مع مجموعةٍ من الطلاب، معظمُهم أقابلُه للمرة الأولى. يخبرني شابٌّ فلسطينيّ عن موضوع بحثه الأكاديميّ الذي سلّمه للتوّ: بحث يقدِّم تحليلًا، بالأرقام، للسياسات الاستيطانيّة التوسّعيّة التي ينتهجها العدوُّ الإسرائيليّ في عدد من القرى الفلسطينيّة المحتلّة.

الشابّة الثانية مشغولةٌ بسماع أغاني "الستّ" أمّ كلثوم على هاتفها النقّال بصوتٍ عالٍ، تدندن: "وعُمري ما اشكي من حُبّكْ مهْما غرامَكْ لَوّعْني." ثم تأتي أغاني الشيخ إمام. ننضمّ إليها. نغنّي في صرح الجامعة معًا: "شيّدْ قصورَك عالمزارع."

تشدّني اللحظةُ بتناقضاتها: ها نحن نغنّي الشيخ إمام في جامعة لندن، ابنةِ الاستعمار!

تمرّ تلميذتان منقَّبتان أمامنا. مشهدٌ يُشعل بيننا النقاشَ: أمع النقابِ أمْ ضدّه؟ تنقسم الآراءُ بين مَن يدافع عن نقابهما ويتّهم معارضيه بـ"إعادة إنتاج رؤيةٍ استشراقيّةٍ تجاه المرأة العربيّة،" وبين مَن يرفضه ويعتبره "رداءً قمعيًّا ذكوريًّا." ينتهي النقاش بـ: "خلصْ، اصطفلوا، كلّ واحد حرّ برأيه." هنا، شأنَ أيّ جامعةٍ حيويّةٍ أخرى، يتحوّل كلُّ مشهد إلى مادّةٍ لنقاشٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ حادّ. ولكثيرٍ من الطلّاب هنا وعيٌ سياسيٌّ نقديٌّ عالٍ، مدعَّمٌ بالنظريّات على أنواعها، المشتقّةِ من الماركسيّة في أغلبها.

 

معهد الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة في جامعة لندن

 

عناصر قوّة الاتّحاد الطلّابيّ

أستفيدُ من حماسهم في النقاش. أسألُهم: كيف أصبحت الجامعة على هذا الشكل؟

يُجْمعون على أنّ الفضلَ الأكبر يعود إلى "الاتّحاد الطلّابيّ،" الذي تأسّس سنة 1927، أيْ بعد عشر سنوات على تأسيس SOAS. فقد انتَخب الطلّابُ قياداتِه بشكلٍ ديموقراطي، وذلك بعد طرح المرشَّحين برامجَهم الانتخابيّة، وبعد إخضاعهم لمناظرةٍ أمام الناخبين، مستفيدين في ذلك من مُناخ الحريّة في التعبيرعن آرائهم وتكوين تجمّعاتهم.

الجدير ذكرُه أنّ هذا المناخ فَرضه في جامعات الغرب، عمومًا، تراكمُ النضال الطلّابيّ على مدى عقود من الزمن.

إذن، أسّس طلّابُ SOAS اتحادَهم ليكون معقلًا لهم ولمواقفهم. وبات يقف في وجه هيمنة "الرجل الأبيض" على منابر المعارضة السياسيّة في لندن، مُشْهِرًا أصواتَ "غير البِيض" في التصدّي للكولونياليّة. وقد أحسن الطلّابُ الناشطون تنظيمَ أنفسهم في أطرٍ عمليّة، متَحدّين صعوباتٍ واجهتْهم على مرّ السنين (كنقص التمويل، ومعاكسةِ الإدارة، والانقساماتِ الداخليّة، والصراعِ ضدّ اللوبي الصهيونيّ). فاستطاعوا خرقَ التركيبة السائدة من الداخل، طارحين إيديولوجيا بديلةً.

تتأتّى قوّةُ "الاتحاد" ــــ بحسب الإجماع والمشاهدات ــــ من عدّة عناصر،  لعلّ أبرزَها أنّ الطلّاب الناشطين، الآتين من حوالي 133 دولة، وإنْ كان معظمُها يقع في خانة الدول المصنَّفة "عالمًا ثالثًا" وعانى الأمرّيْن من الاستعمار، لم يتنكّروا لمجتمعاتهم وهمومِها، ولم يتماهوْا ثقافيًّا مع الجهة الأقوى لمجرّد وجودِهم في بلدٍ أجنبيٍّ قويّ؛ بل استغلّوا، إلى أبعد مدًى، هامشَ الحريّة في هذا البلد من أجل الترويج لقضاياهم. فعلى سبيل المثال استطاعوا سنة 1959 جمعَ تبرّعاتٍ ماليّةٍ لضحايا معركة التحرير الوطنيّ في الجزائر ضدّ المستعمِر الفرنسيّ.

أما العنصر الآخر فيعود إلى التجانس القيميّ فيما بينهم؛ ذلك لأنهم ارتكزوا على منظومةٍ أخلاقيّةٍ عابرةٍ للجنسيّات والأديان، تناهض الظلمَ والاحتلالَ والإمبرياليّةَ في كلّ مكان وزمان. ومن هنا التناغمُ في مواقفهم: فمَن يعتنق قضيّةَ فلسطين يرفض ــــ في العادة ــــ طردَ العمّال التعسفيّ من الجامعة، ويدين العنصريّةَ، ويَدعم تمكينَ النساء. وفي صلب قناعاتهم يتجذّر، على ما يبدو، مبدأٌ يذكِّر بمبدأ "المثقف المشتبك" الذي نادى به المناضلُ الفلسطينيّ الشهيد باسل الأعرج (وكان، بالمناسبة، صديقًا مقرَّبًا إلى العديد منهم): "بدّك تصير مثقّف، بدّك تصير مُشتبك؛ ما بدّك تصير مُشتبك، بلا منّك وبلا من ثقافتك!" (1) ولذلك لم يأتِ "اشتباكُهم" مع الفكر السائد والمؤسّسة السائدة حالةً تنظيريّةً محصورةً بالإيديولوجيا، بل تبلور عمليًّا بحملات مقاطعة العدوّ الإسرائيليّ وبالمظاهرات والاحتجاجات والضغط على إدارة الجامعة في اتجاه اتّخاذ قراراتٍ معيّنة تَضمن حقوقَ الطلّاب والعمّال معًا كما سنرى.

من عناصر القوّة أيضًا أنّ كثيرين في هذه الجامعة، أيًّا كان دورُهم ووظيفتُهم وطبقتُهم الاجتماعيّة، معنيّون بالمعارك ذاتِ الطابع الأخلاقيّ (رفع الظلم، مناهضة الاحتلال، مقاومة التمييز العنصريّ،...)، ولهم دورٌ بارزٌ فيها. هكذا نلحظ، مثلًا،  أنّ "مجتمع العدالة للمنظِّفين" (Justice for Cleaners)، الذي أسّسه عمّالُ التنظيفات في الجامعة سنة 2006 دفاعًا عن حقوقهم، هو من أشدّ مناصري الحملات الطلّابيّة الداعية إلى مقاطعة "إسرائيل،" وحليفٌ متينٌ للاتّحاد الطلّابيّ، الذي بدوره يناصر قضاياه.

فكيف استثمر "الاتحادُ" عناصرَ القوّة هذه؟

للاستفسار عن هذه النقطة، تواصلتُ مع مسؤولة شؤون الطلّاب الدوليين في الاتحاد الطلّابيّ في معهد SOAS، راما سبانخ.

 

الاتحاد الطلّابيّ ومقاطعة "إسرائيل"

كان "الاتحاد" في SOAS ــــ بالتنسيق مع "التجمّع الفلسطينيّ" هناك (SOAS Palestine Society) ــــ أوّلَ مَن دعم "حركة مقاطعة إسرائيل" (المعروفة باسم BDS) في لندن. وكان قد بدأ بالتشبيك معها منذ تأسيسها سنة 2005، وأعلن في أوائل سنة 2015 عن تبنّيه المقاطعةَ الثقافيّةَ التامّةَ لإسرائيل، وذلك بعد أن صوّت أكثرُ من ألفيْن من الطلّاب والطاقم الأكاديميّ والعمّاليّ (عمّال النظافة، الأمن،.. )، وبالأغلبيّة، لصالح قرار المقاطعة، بحيث بلغتْ نسبةُ مؤيّديه أكثر من 73%. وقد جاء القرار بمثابة تحدٍّ للجامعة التي تربطها علاقةٌ وثيقةٌ بالجامعة العبريّة (التي أيّدت الحربَ على غزّة بالمناسبة). وقد قدّمتْ هذه التجربةُ أيضًا منصّةً إلى التلاميذ اليهود المعارضين للاحتلال الإسرائيليّ.

يضاف إلى ذلك التزامُ "الاتحاد" و"التجمّع الفلسطينيّ" بالمقاطعة الاقتصاديّة لدولة الاحتلال، وضغطُهما على إدارة الجامعة للعزوف عن شراء أجهزة الكترونيّة من شركة HP (كان ردُّ الجامعة أنّها ستبحث الخياراتِ البديلة المتاحة فور انتهاء عقدها مع الشركة). كما أنّ "الاتحاد" عادةً ما يعتصم ضدّ قرارات الجامعة دعوةَ أكاديميين صهاينة إلى إلقاء محاضرات؛ وهو ما حصل مثلًا عند دعوة السفير الإسرائيليّ في بريطانيا، مارك ريغيف، إلى الجامعة.

 

كان "الاتحاد" في SOAS بالتنسيق مع "التجمّع الفلسطينيّ" هناك أوّلَ مَن دعم "حركة مقاطعة إسرائيل"

 

لكنّ تصويتَ الأغلبيّة لصالح قرارٍ ما لا يُعدّ ملزِمًا لإدارة الجامعة، خصوصًا مع انتشار دعوات طلّابيّة إسرائيليّة، وحكوميّة بريطانيّة، تطالب بتحريم مقاطعة إسرائيل بتهمة "العداء للساميّة" ــ ــ وهي التهمة الجاهزة لأن تُكال لكلِّ مَن يتحدّى الممارساتِ الصهيونيّةَ الإرهابيّة. ومع ذلك فإنّ إعلان الطلاب تبنّي المقاطعة الثقافيّة لـ"إسرائيل" يُعدّ إنجازًا، بل خرقًا، بارزًا على مستوى الوعي، بانتظار أن يتحقّق الأمرُ بشكل عمليّ.

كما أنّ تصاعد خطاب "الاتحاد" دفع قُدُمًا بسرديّةٍ مضادّةٍ  لسرديّة اللوبي الصهيونيّ ــــ التي لطالما هيمنتْ على المنابر الغربيّة ــــ لتخرج إلى واجهة الاتحاد الطلّابي العامّ في بريطانيا  (National Union of Students).

 

تحرير المنهج التعليميّ من الاستعمار

أقرأُ على أحد جدران الجامعة لافتةً كُتب عليها: Decolonize SOAS (حرِّروا SOAS من الكولونياليّة). وكان الطلّاب قد أطلقوا حملةً تطالب بإعادة النظر في المناهج الأكاديميّة بهدف تنقيتها من رواسب الاستعمار التي ما تزال حاضرةً في هندسة برامجها.

فالحملة تعترض على هيمنة "الرجل الأبيض" أو "المثقف الأبيض" على المحتوى الأكاديميّ المعتمد، وتحتجّ على إهمال دراسات الأكاديميين العرب أو الأفارقة أو الآسيويين.  فلِمَ الاكتفاءُ بالاطّلاع على فلسفة كانط وهيغل؟ ومَن يَعلم، في المقابل، شيئًا عن أفكار أبي العلّاء المعرّي وابن خلدون وابن رشد مثلًا؟! وقد لاقت الحملة تجاوبًا ملموسًا لدى العديد من أكاديميي الجامعة، وازداد حرصُهم على اعتماد مراجع بحثيّة متنوّعة ثقافيًّا وغير منحازة للغرب.

المفارقة أنّ مناهجَنا التعليميّة في العالم العربيّ تقع في فخّ الكولوناليّة، فـ"تذوِّت" بذلك نظرةً دونيّةً إلى بلادنا وثقافتنا، وترسِّخ هيمنةَ الاستعمار "الناعم."

 

حقوق العمّال و"لائحة العار"

 يسألني الطلّاب إنْ شاهدتُ "لائحةَ العار" التي وزّعها الاتحادُ الطلّابيّ على جدران الجامعة؟

يبدو أنّني أتيتُ إلى الجامعة في خضمّ حملةٍ أطلقها طلّابٌ ناشطون في تجمّع "العدالة للعمّال" (Justice for Workers) تحت شعار "Occupy SOAS" (احتلّوا SOAS)، احتجاجًا على قرار الجامعة إغلاقَ مطعمها الحاليّ وطردِ عددٍ من العمّال. الطلّاب المعتصِمون "احتلّوا" عددًا من المكاتب والمساحات في الجامعة، مطالبين الجامعةَ بحلّ قضيّة العمّال المستقدَمين عن طريق متعهِّدين من خارج الجامعة (outsourced) (عمّال النظافة، الحرس، عمّال الكافيتيريا،...)، لكون الجامعة لا تضمن لهم حقوقَهم كسائر الموظّفين ولا تعالج وضعَهم القانونيّ.

جدران الكافيتيريا كذلك تعترض، وتصرخ برسومها وشعاراتها، حتى أمست "ميدانَ تحرير" بعد أن ازدانت برسوم غرافيتي عن نلسون مانديلا وعمر المختار وأنجيلا دايفيس. وفي الكافيتيريا تنتشر ملصقاتُ "لائحة العار،" عليها صورٌ وأسماءٌ لإداريين وأساتذة دعموا قرارَ إغلاق المطعم وتقليص عدد العمّال.

إدارة الجامعة أذعنتْ لهذا الضغط، وأعلنتْ عبر كتابٍ خطّيّ أنها ستبدأ بالعمل على توظيف كلّ العمال المستقدَمين وحفظِ حقوقهم كسائر الموظفين.

 

الفكرة تَحْكم الجغرافيا

كنتُ أعتقد أنّ للأماكن أرواحًا قائمةً بذاتها، لكنّني اكتشفتُ أنّنا نحن مَن نعير الأماكنَ أرواحَنا.

فالمجموعات المنظَّمة قادرةٌ على تحويل طاقة المكان وروحِه في الاتجاه الذي تحدده بنفسها، مثلما حدّد الثوّارُ أنّ الميادين التي حكمها العسكرُ في حقبةٍ ما صارت ساحاتٍ للشعب يناضل فيها ضدّ السلطة الفاسدة والقمع.

الفكرة هي التي تحْكم الجغرافيا، لا العكس. والثقافة المُقاوِمة، المضادّة، تُنتج نفسَها من داخل منظومةِ القمع، وتقلب المعادلة. فغاندي مثلًا درس في كلّيّة الحقوق في لندن، ثم خاض حربَه ضدّ الاستعمار البريطانيّ وعاد إلى ارتداء زيّه الهنديّ المتواضع كشكل من أشكال الافتخار بحضارته وتحدّي الاستعمار.

لكنّ ما تثْبته تجربةُ الاتحاد الطلابيّ "الحراكيّة" في SOAS هو أنّ التغيير ليس رهنًا بالرغبة الشعبيّة وحدها، وإنّما بقدرة المطالبين به على التنظيم الجمعيّ، مهما استبدّت الديكتاتوريّاتُ الحاكمة. فرُبّ ثوراتٍ خمدتْ، بل أعادت إنتاجَ الأنظمة التي ثارت ضدّها لأن الناس "أرادوا" فعلًا أن يغيّروا ولكنّهم لم يُفْلحوا في تأطير أنفسهم ببرنامج فكرٍ وعمل.

إنّ توحّد المجموعة حول أهداف نضاليّة مشتركة، ووعيَ أفرادها بأنّ المعارك الأخلاقيّة هي نفسُها، وإن تنوّعتْ، واختيارَهم ممثِّلين عنهم، ورسمَهم لمشروعهم الواضح، وتعريفَهم أدوارَهم، وتوزيعَ معاركهم: كلّ ذلك قادرٌ أن يغيّر فكرةَ المكان... قادرٌ أن يغيّر فكرةَ البلاد.

بيروت

 

[1] الجدير ذكرُه أنّه بعد استشهاد باسل الأعرج، تظاهر عددٌ من طلّاب الجامعة أمام سفارة السلطة الفلسطينيّة في لندن احتجاجًا على "التنسيق الأمنيّ" بينها وبين العدوّ الإسرائيليّ، وهو تنسيقٌ كان من بين الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى انكشاف مكان باسل أمام العدوّ ومن ثم استشهاده بعد معركة طاحنة.

مايا مجذوب

إعلاميّة، وأستاذة جامعيّة في الجامعة اللبنانيّة الأمريكيّة (LAU)، ومؤسِسَة مبادرة "التجمّع المناهض للفصل العنصري: مقاومة الاحتلال في الفضاء الإلكترونيّ." حازت الماجستير في الدراسات الإعلاميّة من الجامعة الأمريكيّة في بيروت. منحتْها هذه الجامعة جائزةَ "كامل مروّة للدراسات الإعلاميّة" للتفوّق الأكاديميّ. صدر لها الفيلمُ الوثائقيّ: تلفزيون وائع (2015). عملت مذيعةً في تلفزيون دبي. أَعدّت وقَدّمتْ موسميْن من البرنامج الحواريّ الاجتماعيّ، شارعنا، على تلفزيون لبنان.