فايروس كورونا COVID – 19: بإمكانك أن تكون الداءَ أو تكونَ الدواء
27-03-2020

 

ترجمة: سماح إدريس وعُبادة كسر

ما هو COVID – 19؟

فايروسات الكورونا عائلةٌ كبيرةٌ من الفايروسات التي يمكن أن تسبِّب أمراضًا قد تكون حادّةً. المرض الحادّ المعروف الأوّل الذي سبّبه أحدُ فايروسات الكورونا بدأ مع وباء (SARS (Severe Acute Respiratory Syndrome، أي المتلازمة التنفّسيّة الحادّة الوخيمة في الصين سنة 2003. تلاه مرضٌ حادٌّ ثانٍ سنة 2012 في المملكة العربيّة السعوديّة، ويُعرف باسم (MERS (Middle East Respiratory Syndrome أي المتلازمة التنفّسية الشرق أوسطيّة.
في 31 كانون الأوّل (ديسمبر) من العام الماضي، أنذرت السلطاتُ الصينيّةُ منظّمةَ الصحّة العالميّة بانبثاق نوع جديد من فايروسات الكورونا يتسبّب في مرضٍ حادّ أيضًا، وقد سُمّي هذا الفايروس لاحقًا SARS – COV – 2. بحلول 26 آذار (مارس) 2020، جرى توثيقُ حوالى 500 ألف حالة من COVID – 19، مع ترجيح وجود حالات أكثر بكثير لم يَجْرِِ تشخيصُها ولكنّها ليست حادّةً. هذا، وقد قتل الفايروس حتى الآن أكثر من 23 آلاف شخص.

 

ماذا نعرف عن هذا الوباء؟

وباء COVID – 19 الحاليّ بدأ في ووهان (الصين) في كانون الأوّل (ديسمبر) 2019. وفي غضون أسابيع قليلة، أدرك الأطبّاءُ والسلطاتُ الصحّيّةُ في الصين أنّ ثمّة فيروسًا جديدًا يسبِّب مرضًا تنفّسيًّا حادًّا يؤدّي إلى الالتهاب الرئويّ (pneumonia) وإلى فشلٍ تنفّسيّ في الحالات الأكثر حدّةً. ومع أنّ عوارضَ COVID – 19، بما في ذلك الحرارةُ والسعال، غالبًا ما تشبه الإنفلونزا، فإنّه يبدو أنّ COVID – 19 أشدُّ عدوى من الإنفلونزا بكثير، وأنّه ذو "معدّل إماتة"[1] قد يصل إلى عشرة أضعاف معدّل الإماتة الخاصّ بالانفلونزا. وفي حين يبدو معدّلُ الإماتة الخام، أيِ المستندُ فقط إلى عدد حالات الإصابة والوفَيات المسجَّلة، 3.96%، فإنّ خطرَ الموت الفعليّ الناجم عن COVID – 19 غيرُ واضح، لأنّ فحصَ التهاب SARS – COV – 2 والعنايةَ بـ COVID – 19 يختلفان اختلافًا كبيرًا بين بلدٍ وآخر. معدّلات الوفَيات الفعليّةُ تختلف بشكلٍ هائلٍ في العالم: من 7.3% في إيطاليا إلى 0.9% في كوريا الجنوبيّة. ومع أنّ أسبابَ هذا الاختلاف الكبير في "معدّلات الإماتة" غيرُ واضحة، فإنّ الواضح هو أنّ العمرَ الأعلى (وتحديدًا المرضى الذين يتجاوزون السبعين عامًا) والظروفَ الطبّيّة التي ترافقه (مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض شرايين القلب، وأمراض الرئة) تُفاقِم من خطر الموت بشكلٍ كبير. وخلافًا لوباء  (H1N1 (Swine Flue أو إنفلونزا الخنازير للعام 2009، فإنّ معدّلات العدوى ذاتِ الأعراض (symptomatic infection) والمرضِ الجدّيّ أقلُّ بكثيرٍ لدى الأطفال والناشئة ممّا هي عليه لدى البالغين مع COVID – 19. أن تكونَ أصغرَ سنًّا فذلك لا يحميكَ من COVID19، بل أنتَ ما تزال معرَّضًا جدّيًّا لأن تلتقطَ العدوى، ولأن تموتَ ربّما من جرّائها.

 

من أين جاء COVID – 19؟

تبيِّن دراساتٌ حديثةٌ أنّ لهذا الفايروس أصلًا طبيعيًّا [لا مفتعَلًا]. وهذا يعني أنّه لم ينشأ في مختبر، أو بسبب تدخّلِ حكومةٍ ما، على ما تُروِّج بعضُ المزاعم الخاطئة. يُعتقد أنّ هذا الفايروس جاء من سوقٍ للحيوانات في ووهان (الصين)، غير أنّ الحيوان الذي أدّى إلى انتشار المرض لا يمكن إثباتُه 100%. ويبيّن الاختبارُ الجينيّ الحديث الذي أُخضع له هذا الفايروس، وبنسبة 95%، أنّه يشبه أحدَ فايروسات الكورونا التي تصيب آكلَ النمل (البانغولين). والبانغولين (Pangolin) من عائلة الأرماديلو (Armadillo) أي المدرَّع وأكَلَةِ النمل (Anteaters)، وهي ثديّياتٌ حَرشفيّة (scaly mammals) تقتات على الحشرات الناقبة أو المحتفِرة (burrowing insects) مثل النمل والأَرَض (جمع أرَضَة = termites). والبانغلوين كائناتٌ مهدَّدةٌ بالانقراض. وقد أظهر بحثٌ سابقٌ أنّ فايروس الكورونا يرجَّح أن يكونَ مسؤولًا عن قتل عدد كبير من البانغولين الماليزيّ (Malayan Pangolins).

في الصين، يحمي القانونُ الحيوانات، وقد يؤدّي بيعُ البانغولين إلى عشر سنوات سجن. غير أنّ هذا الحيوان ضحيّةٌ للاتّجارغير الشرعيّ؛ بل إنّ الباحثين يصفونه بأنّه "أكثرُ الثدييّات عرضةً للسَّلْق والاتّجار في العالم."

 

يبيّن اختبارٌ أُخضع له COVID – 19 أنّه يشبه أحدَ فايروسات الكورونا التي تصيب البانغولين

 

الصينيون يستخدمون حراشفَ هذا الحيوان لمعالجة حالاتٍ مثل التهاب المفاصل وآلام الدورة الشهريّة والأمراض الجلديّة. والناس أيضًا يبيعون لحمَ هذا الحيوان ويعتبرونه طعامًا شهيًّا. وسعيًا إلى استقصاء مصدر فايروس الكورونا الجديد هذا، فقد رأى بعضُ الباحثين أنّ العدوى جاءت من سوقٍ لبيع ثمار البحر والحيوانات البرّيّة في ووهان (الصين). ومع أنّ هذه السوق لم تَبِع البانغولين بشكلٍ رسميّ، فإنّ الناس ربّما باعوه بشكلٍ غير شرعيّ.

 

كيف ينتشر COVID – 19؟

من الواضح الآن أنّ COVID – 19 ينتقل من البشر إلى البشر. الانتشار المجتمعيّ (community spread)، بمعنى أنّ الناس يصابون بعدوى الفايروس ولا يعلمون كيف ومِن أين جاءهم، قد أصبح سائدًا اليومَ بدرجةٍ أكبر. وهذا الانتشار هو الأخطر لأنّه يصيب مجموعةً ضخمةً من الناس. انتقالُ العدوى قد تحصل من شخصٍ إلى آخر من خلال العطس أو السعال أو الإفرازات؛ ولكنّه قد يحصل أيضًا من خلال لمس الأسطح التي قد تحمل هذا الفايروس، مثل الطاولات والرفوف والأكياس وغيرها.

 

ما سرعة انتشار COVID – 19؟

هذا فايروس يعدي بشكلٍ كبير. عادةً، نفحص "معدّل العدوى" (infectivity rate) لدى فايروسٍ ما بـ"معدّل انتقاله" (Rate of transmission = RO). فإذا أصيب أحدٌ بفايروسٍ اليومَ، فكم عددُ الأشخاص سيعدي من الآن حتى يَشفى منه؟ معدّلُ انتقال COVID – 19 هو 2.5؛ وهذا يعني أنّ كلّ شخصٍ مصابٍ بهذا الفايروس قد يعدي حوالى ٣ أشخاص إنْ لم يَتّخذ الاحتياطات. فإنْ واصلنا حياتَنا كأنّ شيئًا لم يكن، فإنّ الملايين، بحسب هذا التقدير، سيصابون بالفايروس خلال أسابيع قليلة.

 

ما هي عوارضُ COVID – 19؟

يُعتقد أنّ فترة "حضانة الفايروس" (incubation period) تقع ضمن 14 يومًا من إصابة المريض به [2] . ومعظمُ الحالات تحصل تقريبًا بعد أربعة أو خمسة أيّام من تاريخ الإصابة. وهذا يعني أنّ 14 يومًا قد تمضي على المصاب بالفايروس قبل أن تظهرَ عليه أيُّ عوارض. بكلامٍ آخر، فإنّ شخصًا قد يبدو لكَ سليمًا تمامًا، ولكنّه يحمل الفايروسَ، وقد يعديك!

يتراوح "طيفُ العدوى ذاتِ الأعراض" (spectrum of symptomatic infection) من "معتدل" إلى "حرِج"؛ فحالاتُ العدوى في معظمها غيرُ حادّة. وفي تقريرٍ صادرٍ عن "المركز الصينيّ للسيطرة على الأمراض وتفاديها،" ويتضمّن 44.500 حالة عدوى ثابتة مع تقدير مرض حادّ، جاء ما يأتي:

- سُجّل حصولُ التهابٍ رئويٍّ خفيف، أو لم يًسجَّلْ أيُّ التهابٍ من هذا النوع على الإطلاق، في 81% من تلك الحالات.

- سُجّل حدوثُ مرضٍ حادّ (مثلًا: مع ضيق تنفّس، أو نقص أكسجة، أو أكثر من 50% من الانتشار في الرئتيْن خلال 24 - 48 ساعة) في 14% من الحالات.

- سُجّل حصولُ مرضٍ حرِج (مثلًا: مع فشلٍ تنفّسيّ، أو صدمةٍ، أو اختلالٍ وظيفيّ متعدّد الأعضاء = multi organ dysfunction) في 5% من الحالات.

أمّا العوارض الأكثر شيوعًا فهي: ارتفاعُ الحرارة، والتعب، والسعالُ الجافّ، والقَهَم (Anorexia)، وآلامُ العضلات (myalgias)، وضيقُ التنفّس، وإفرازُ البلغم.

عوارضُ أخرى لكنّها أقلّ شيوعًا تضمّنت الصداعَ، والتهابَ الحلق، وسيلانَ الأنف (الثرّ الأنفيّ rhinorrhea). وبالإضافة إلى العوارض التنفّسيّة، فقد سُجّلتْ لدى بعض المرضى عوارضُ مَعِدِيّة - مِعَوِيّة (كالغثيان والإسهال)، لكنّ هذه العوارض ليست شائعةً نسبيًّا. فإنْ أحسستم بأيٍّ من هذه العوارض، فما عليكم إلّا أن تتصلوا بطبيبكم.

 

هل هناك علاجات متوفّرة؟

خلافاً لعدوى الانفلونزا، ليست هناك علاجاتٌ فعّالةٌ ثابتة مضادّة لفايروس COVID – 19. تقترح البياناتُ المستندة إلى اختبارات الأنابيب (in vitro data) والنماذج الحيوانيّة (المستندة إلى المتلازمة التنفّسية الشرق أوسطيّة MERS) أن يكون الدواءُ المُعَدُّ لعلاج فايروس إيبولا، أيْ Remdesivir، ذا أثرٍ في علاج SARS – COV – 2 ويمنع اشتراكاتٍ رئويّةً خطيرة؛ وهناك تجاربُ عياديّةٌ متعدّدة تجري حاليًّا في هذا المجال.

وبالمثل، فإنّ البيانات المذكورة تقترح أن يفيدَ الكلوروكين (chloroquine) أو الهيدروكسي كلوروكين (hydroxychloroquine) [المستخدمان لعلاج بعض أنواع الملاريا] في محاربة فايروس الكورونا من خلال منع انتشار SARS – COV – 2، مثلما تَمنع أمانتادين (amantadine) انتشارَ عدوى الانفلونزا. تجاربُ هذا الفاعل من أجل إيجاد العلاج وتجنّبِ المرض تجري على قدمٍ وساق.

لكنّ الأكثرَ إثارةً للجدل أدويةُ HIV – 1 (الإيدز) مثل لوبينافير/ريتونافير (Lopinavir/Ritonavir). وهناك جدلٌ أيضًا في دور أدوية ضغط الدم (angiotensin ll receptor inhibitors)، لأنّ SARS – COV – 2 تستخدمها لدخول الخلايا. أمّا توسيليزوماب (Tocilizumab) ومضادّات IL – 6- RECEPTOR أخرى، فقد يكون لها دور في تعديل الوضع الملتهب الذي سبّبه COVID – 19، لكنّها تبقى رهنًا بالبحث والتقصّي.

 

ماذا بعد؟

الخيار الأهمّ والأوحد أمامنا الآن هو أن نمنعَ الانتشار. ليست هناك علاجاتٌ متوفّرة، وستستغرق اللقاحاتُ على الأرجح بين 12 و18 شهرًا. أكرّر: دورُنا وواجبُنا أن نمنعَ هذا الفايروس من الانتشار السريع. هناك أسباب كثيرة لذلك، لكنّ الأساس هو المساعدة في أن نعطي نظامَ الرعاية الصحّيّة الوقتَ للتكيّف مع أعداد المرضى والتمكّنِ من معالجتهم.

سآخذ لبنان مثالًا:

لدينا حوالى ستّة ملايين شخص في لبنان. إنْ لم نفعلْ شيئًا، وواصلنا الحياةَ كالمعتاد (عمل، خروج، حفلات، تجمّعات لإقامة الصلاة،...)، ففي أحسن السيناريوهات سيُصاب 20 - 30%، بل أكثر من ذلك على الأرجح. وهذا يعني مليونيْ مصاب.

من بين هذين المليونيْن، سيحتاج ما بين 15 - 20% إلى الاستشفاء. وهذا يعني أنّ ما بين 300 إلى 400 ألف شخص سيحتاجون إلى أسرّةٍ في المستشفيات.

5% من المليونيْن، أيْ حوالي 100 ألف شخص، سيحتاجون إلى عنايةٍ مركّزةٍ وإلى أجهزة تنفّس. لكنْ هناك ما بين 1000 - 1500 جهاز تنفّس في لبنان بحسب التقارير الأخيرة.

إنّ نظام الرعاية الصحّيّة في لبنان (أو في أيّ بلد آخر) ليس مجهَّزًا بأيّ حال، ولا جاهزًا للتكيّف مع الأعداد المذكورة. ببساطة، ليس هناك ما يكفي من الأسرّة وأجهزةِ التنفّس والكمّامات والممرِّضين والأطبّاء، ولا من الحاجات الضروريّة، لمواجهة سيناريو كهذا. معظمُ المرضى سيموتون لأنْ لا وسيلةَ لدينا لعلاجهم.

هذه الأرقام قد تكون مخيفةً، لكنْ يمكن أن نراها إنْ لم نفعلْ شيئًا. إيطاليا، التي تملك أحدَ أكثر الأنظمة الصحّيّة تطوّرًا في العالم، تواجه أوضاعًا شبيهةً؛ فالتسهيلاتُ الصحّيّة لديها غيرُ كافية لمعالجة المصابين بالعدوى، وكانت لديها 8000 حالة وفاة في الأسابيع القليلة الماضية.

الإجراءات التي نحتاج إلى أن نتّخذَها جميعًا هي أن نُبْطئ سرعةَ انتقال العدوى لكي نستطيع كسبَ الوقت. الوقت هو حليفُنا الأفضل لمساعدة فريق العناية الصحّيّة على معالجة المرضى، وهو ضروريّ من أجل إعطائنا فرصةً لتطوير لقاحاتٍ وأدويةٍ مضادّةٍ لهذا الفايروس.

المنحنى أدناه يُظْهر لنا ما نستطيع أن نحقِّقَه. الخط المنقَّط هو ما يستطيع نظامُ الرعاية الصحّيّة أن يتكيّفَ معه. الذروة باللون الزهريّ هو السيناريو الذي ذكرتُه إنْ لم نتّخذْ إجراءاتِ حماية. أمّا المنحنى الرماديّ، فهو ما ينبغي أن نصل إليه.

 

 

ما هو واجبُنا؟

علينا جميعًا ان نمارسَ الابتعاد الاجتماعي (social distancing): إلغاء النشاطات التي يرجَّح أن تجتذب الجموعَ هو مثالٌ على الابتعاد الاجتماعيّ. الابتعاد الاجتماعيّ هو تعمّدُ زيادة المسافة بين الناس من أجل تفادي نشر المرض. البقاء ستّ أقدام (حوالى المتريْن)على الأقلّ بعيدًا عن الآخرين يقلِّل من فُرص التقاطك لـ COVID – 19.

أمثلة أخرى على الابتعاد الاجتماعيّ تساعد في تجنّب الجموع الكبرى، أو المساحاتِ المحتشدةِ بالناس، هي ما يأتي:

- العملُ من المنزل بدلًا من المكتب.

- إغلاقُ المدارس والجامعات والكلّيّات.

- زيارةُ الاحباب عبر الأجهزة الالكترونيّة، بدلًا من رؤيتهم وجهًا لوجه.

- إلغاءُ المؤتمرات والاجتماعات الكبرى أو تأجيلها.

- وقفُ التجمّعات الدينيّة مثل صلوات الجمعة والأحد.

- إلغاءُ كلّ النشاطات الاجتماعيّة.

 

ماذا أفعل إذا تعرّضتُ لشخصٍ مصابٍ بـ COVID – 19، أو زرتُ بلدًا موبوءًا؟

الأشخاص الذين تعرّضوا لفايروس الكورونا المستجدّ وهم في خطر الإصابة بـ COVID – 19 يجدر بهم أن يمارسوا الحجْرَ الذاتيّ. ويَنصح خبراءُ الصحّة بأن يستمرّ الحجْرُ الذاتيّ 14يومًا. ويشمل الحجْرُ الذاتيّ:

- استخدامَ التعقيم المتّفقِ عليه علميًّا، وغسْلَ الأيدي مرارًا.

- عدمَ مشاركة الآخرين أشياءَ كالمناشف وأدواتِ المطبخ.

- البقاءَ في البيت.

- عدمَ استقبال الزوّار.

- الابتعادَ ستَّ أقدامٍ على الأقلّ من الآخرين في بيتك.

 

ماذا يحدث إذا أصبتُ بالفايروس؟

لِمَن ثبت أنّه أصيبَ بـ COVID – 19، فإنّ العزلَ هو الإجراءُ الملائم. العزل (isolation) هو أحدُ مصطلحات الرعاية الصحّيّة، ويعني إبقاءَ المصابين بمرضٍ مُعْدٍ بعيدين عمّن لم يصابوا. العزل قد يجري في البيت أو في المستشفى أو في مؤسّسةِ رعاية. وينبغي أن تُستخدمَ أجهزةُ حمايةٍ شخصيّةٍ خاصّةٍ لرعاية هؤلاء المرضى في مواقع الرعاية الصحّيّة.

 

ماذا عن المصابين بالسرطان؟

مرضى السرطان معرّضون بشدّة لالتقاط COVID – 19 بسبب ضعف جهاز مناعتهم جرّاء السرطان والعلاج الكيماويّ. وتُظهر أبحاثٌ جديدةٌ من الصين أنّهم أكثرُ عرضةً - بضعفيْن - لالتقاط COVID – 19 من بقيّة السكّان، وأنّ معدّل الوفَيات في صفوفهم أعلى من هؤلاء. معظمُ حالات العدوى التي أصابت مرضى السرطان حصلتْ في المستشفيات والعيادات. لذا نقوم اليوم بالحدّ، قدرَ الإمكان، من زيارة مرضى السرطان تلك الأماكنَ. وننصحهم أيضًا باتخاذ إجراءات عزلٍ و"ابتعادٍ اجتماعيّ" صارمةٍ من أجل تجنّب الإصابة بهذه العدوى. وهذا ينطبق كذلك على كلّ مَن يعيش مع مريض السرطان في البيت نفسه لأنّ أفراد الأسرة يمكن أن يشكّلوا الخطرَ الأكبرَ عليه.

 

بيت القصيد

سنة 1920، حصد وباءٌ ذو فايروسٍ تنفّسيٍّ مُعْدٍ، ومعروفٌ باسم "الانفلونزا الإسبانيّة،" أرواحَ ما بين 50 إلى 100 مليون شخص. العالم ونظامُ الرعاية الصحّيّة، اللذان كانا يتعافيان من حربٍ وحشيّة، أصيبا بالذهول، لأنّ هذا الفايروس أصاب 5% من سكّان العالم تقريبًا. ينبغي ألّا نسمح بأن يحدثَ ذلك لعالَمِنا من جديد.

نحن جميعًا جزء من هذه المشكلة، وعلينا جميعًا أن نتحرّك، وبمقدورنا جميعًا أن نكون جزءًا من الحلّ. الابتعاد الاجتماعيّ هو الخطوة الأولى من أجل كسب الوقت وإبطاء المرض. ولنتذكّر:

- نحن لسنا أمام إنفلونزا عاديّة. COVID – 19 فايروسٌ قاتل.

- كلّنا معرّضون للخطر، بصرف النظر عن العمر والوضع الصحّيّ.

- كلُّ مَن يصاب بالفايروس قد يصبح مريضًا جدًّا، وقد يفقد حياتَه.

- المسنّون والأشخاص ذوو السوابق الصحّيّة هم الأكثر عرضةً للموت بسبب COVID – 19.

- كلُّنا جزء من الحل. الابتعاد الاجتماعيّ والحَجْر الذاتيّ سيؤثّران إيجابًا بشكلٍ كبير.

 

آتلانتا (جورجيا)، الولايات المتحدة

 


[1]معدّل الإماتة (case fatality rate): نسبة الوفيات جرّاء مرض محدّد إلى مجموع المشخَّصين بالإصابة به، وذلك خلال فترةٍ محدّدةٍ من الزمن. (الآداب)

[2]الفترة الممتدّة بين الإصابة بالمرض وظهور العوارض. (الآداب)

ملحم صلح

طبيب متخصّص في علاج المناعة، وأمراضِ الدم، وعلمِ الأورام، وزرعِ نخاع العظم. تخرّج من الجامعة الأميركيّة في بيروت سنة 2003، وتابع تدريبَه في اختصاصه الفرعيّ في جامعة مينيسوتا في الولايات المتحدة. عمل مديرًا عياديًّا لبرنامج زرع نخاع العظم في مستشفى فلوريدا، ومديرًا للمختبر. وكان أستاذَ الخلايا الجذعيّة في كلّيّة الطبّ في جامعة سنترال فلوريدا. حاليًّا، يعمل مديرًا لعلاج المناعة وبرنامج زرع نخاع العظم في مستشفى نورثسايد في أتلانتا، جورجيا. انتُخب ضمن أبرز الأطبّاء في الولايات المتحدة للعامين 2019 و2020. ألّف عدّة فصولٍ من كتب، وأكثرَ من 250 ورقةً بحثيّةً في علاج المناعة وزرع النخاع.