قبل أيّام من انطلاق السباق الانتخابيّ للبرلمان الجديد، شاركتُ فى مؤتمرٍ جماهيريّ في ميدان محطّة مصر، بمدينة الإسكندريّة، من أجل التعريف بمجموعةٍ من الشباب المرشّحين الوطنيين المتميّزين، والدعايةِ لبرامجهم الانتخابيّة المنحازة إلى الملايين من أبناء شعب مصر ومصالحِهم. أحدُ المرشّحين ندّد بالتأثيرات السلبيّة للمال السياسيّ الذي يُغرق الساحة ويُستخدم لشراء الذمم والأصوات في الانتخابات، وطالب أبناءَ الشعب من الفقراء والمحتاجين بأن يأخذوا ما يُعطوْنه على سبيل الرشوة السياسيّة من دون أن يمنحوا أصواتَهم إلّا للعناصر الشريفة التى يثقون فيها وفى مواقفها.
وكانت المفاجأة حينما شقَّ صوتُ سيّدةٍ من عامّة الشعب، تغطّي شعرَها بمنديلٍ بسيط ، كُتلَ الجموع المحتشدة المشاركة في المؤتمر، وهى تصيح، موجِّهةً كلامَها إلى المرشّح المتحدث: "لقد جئنا لمساندتكَ إكرامًا لذكرى والدك العظيم، الذى طالما دافع عن الغلّابة وانحاز إلى صفّهم. وما تشير علينا به، من أن نأخذ فلوسَ المرشّحين الآخرين الأغنياء ونعطيكم أصواتنا، أمرٌ غيرُ مقبول، لأنّه عمليّةُ نصبٍ صريح. كان الأجدرَ بك أن تعلّمنا ألّا نأخذ مليمًا ممّن يريد شراءَ ذمّتنا وكرامتنا بفلوسه." ثم غادرت المؤتمرَ غاضبةً، وهى تعلن أنها لن تصوِّت لمن يفكّر بهذه الطريقة!
بعض الأوساط الصحفيّة الأجنبيّة وصفت المشهدَ بأنّه نوع من "الانتفاضة الصامتة" ضدّ سياسات السلطة. |
هزّني هذا الموقفُ الذى كان يُعلن، بوضوح، أنّ الثورة التى يريد أعداؤها أن يقنعوا شعبَنا بأنّها ماتت وشُيّع جثمانُها إلى مثواه الأخير، ما زالت حيّةً تسعى، وأنّ أبرزَ ملامح هذه الحياة هو ذلك المستوى الراقي من الإدراك الذي يستشعره المرءُ وقد انتشر في أوساط قطاعاتٍ واسعةٍ من المصريين، في كلّ أنحاء البلاد، وبالذات وسط النساء المصريّات، اللواتي ضَربْن، بمختلف مستوياتهنّ ومواقعهنّ، أمثلةً عديدةً على وعيهنّ وصلابتهنّ. ولعلّ ما تمخّضتْ عنه المرحلةُ الأولى من الانتخابات البرلمانيّة هو أحدُ تجلّيات هذا الوعي، التي لايمكن أن يُخطِئها مُتابع.
ما لا يختلف عليه اثنان هو أنّ نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كانت ضعيفةً بشكلٍ ملحوظ، قياسًا إلى نسبة المشاركين في الانتخابات والاستفتاءات السابقة، رغم كلّ المحاولات المستميتة التي بذلتها الدولةُ لرفع هذه النسبة. بل إنّ بعض الأوساط الصحفيّة الأجنبيّة وصفت المشهدَ بأنّه نوع من "الانتفاضة الصامتة" ضدّ سياسات السلطة.
لماذا حدث ما حدث، وأحجمتْ نسبةٌ كبيرةٌ من المواطنين، لا داخل مصر وحسب، وإنّما خارجها من المصريين المغتربين أيضًا، عن المشاركة الفاعلة في هذا الاستحقاق المهمّ، رغم إدراكها خطورةَ هذا البرلمان وتأثيراتِه المباشرةَ على مصيرهم ومستقبلهم؟ هذا السؤال ينبغي أن يكون محلَّ انتباهٍ بالغٍ منّا جميعًا ــــ معارضة وحكمًا ــــ لأنّ الإجابة عنه سيكون لها انعكاسٌ خطيرٌ ومباشرٌ على مستقبل البلاد.
لماذا أعرض الشبابُ عن المشاركة؟
على عكس العديد من المرّات السابقة، خلت لجانُ الانتخابات من الشباب. هذه الظاهرة واضحة ولا يحتاج إثباتُها إلى أيّ جهد، وبداياتُها كانت مع الاستفتاء السابق على الدستور. يومَها نبّهْنا، شأنَ العديد من المتابعين الآخرين، إلى خطورة هذا الأمر، الذي يعكس وجودَ شرخٍ كبيرٍ في العلاقة بين الدولة والشباب.
ولهذا الشرخ أسبابُه الموضوعيّة. فقطاعاتٌ كبيرةٌ من الشباب تشعر أنّ أحلامَها في الثورة والتغيير قد سُرقتْ منها في وضح النهار، بل هي ترى مظاهرَ هذه السرقة واضحةً للعيان. فالوجوه الكئيبة التي ثار عليها الشعبُ في 25 يناير2011 تعود بقوةٍ وعدوانيّةٍ إلى صدارة المشهد. والمالُ السياسيّ الذي راكمه هؤلاء من نهبٍ واسعٍ لثروات البلاد وممتلكاتها، في ظلّ استبداد نظام حسني مبارك وفسادِه، يَدعم سيطرتَهم على المشهد. ويترافق ذلك مع إعلامٍ مبتذلٍ، فجٍّ ومُسِفٍّ، لا يتورّعُ عن تشويه ثورةِ يناير وأهدافِها والمشاركين فيها، وقد كانوا بالملايين، رغم أنّ الدستور في ديباجته يؤكّد انتماءَ النظام الراهن إلى ثورتيْ يناير ويونيو، ورغم تجريم الإساءة إلى الثورتين في وقتٍ سابق!
وقد وسّع الشرخَ بين الطرفيْن القبضُ على شبابٍ اعترضوا على قانون تنظيم حقّ "التظاهر" بشكلٍ سلميّ لأنّهم اعتبروه ــــ شأن عددٍ كبيرٍ من الأحزاب والهيئات المدنيّة ــــ قانونًا يُصادر هذا الحقّ ولا ينظّمه. ولم يفرَجْ عن بعض الشباب إلّا بعد نحو سنتيْن، بل ما زال بعضُهم قيْد محبسه!
أما اللغط الكبير عن "تمكين الشباب،" فلم يخرجْ عن حدود الشعارات المستهلَكة التي تلوكها ألسنُ المسؤولين وأجهزةُ الإعلام، ولم تتمخّضْ عن شيءٍ ملموسٍ على أرض الواقع المرير الذى يعانيه الشباب ــــ من تهميشٍ، وبطالةٍ، وتردٍّ في تعليم، وانهيارِ فرصٍ في الحياة الكريمة، ومن هنا قولُ أحد الشباب، مُفسِّرًا رفضَه المشاركةَ في الانتخابات البرلمانيّة: "معادتش تفْرق"!
استمرارُ مسيرة التعدّديّة المشوّهة
لكنّ المشكلة لم تكن في الشباب وحدهم. فهناك أعدادٌ أخرى لا يمكن تجاهلُها من "الكبار" اتّخذتْ هذا الموقفَ لأسبابٍ أخرى، وإنْ لم تكن بعيدة. فأحزابٌ سياسيّةٌ عديدة تعرّضتْ لحملة هجومٍ مروِّعةٍ وممنهجةٍ بحجّة أنّها أحزابٌ ضعيفة وكرتونيّة ومنعزلة عن الشعب. وهذا أمرٌ صحيحٌ ومعروف، وله أسبابُه الموضوعيّة، ويمكن علاجُه إنْ كنّا نريد حياةً ديمقراطيّةً حقيقيّة. لكنْ لا ينبغي عزلُه عن السياق التاريخيّ لمسيرة التعدديّة الحزبيّة المُقيّدة والمشوَّهة، التي شهدتْ "تأميمَ" العمل الحزبيّ لعقود، ثم تَحَكُّمَ الدولة الأمنيّة في رقاب هذا العمل لعقودٍ أخرى، في ظلّ ترسانةٍ من القوانين القمعيّة الموروثة التي تحاصر العملَ السياسيّ من كلّ جانب وتضرب قدرةَ الأحزاب على التواصل مع الناس. والأحزاب، في أحد الجوانب، مسؤولة عن استسلامها لنتائج هذا الوضع، غير أنّ الدولة مسؤولة بدرجةٍ أكبر، وخصوصًا بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي كان يُفترض أن تكون بدايةً لعصرٍ جديدٍ ينفتح فيه المجالُ السياسيُّ أمام ملايين الناس بمسارٍ جديدٍ يُطلق مبادراتِهم ولا يُحاصرها. بيْد أنّ ما جرى كان إعادةَ استنساخٍ للنظام السياسيّ البائس في عصرِ ما قبل الهبّاتِ الثوريّة، وإعادةَ إنتاجٍ لمقوِّماتِ عصر "مبارك" بالذات، حيث سيطرت المحسوبيّةُ والرشوةُ، وساد القهرُ والفساد. وما يجري اليوم هو إحياءٌ لطقوس هذا النظام الفاشل ومواريثِه، وهو أمرٌ ــــ لو تعلمون ــــ عظيم. ونتيجةً لذلك يحدث تآكلٌ مستمرٌّ في سمعة النظام الجديد وشعبيّتِه.
إنّ هذه الحملة الرسميّة، وبهذه الصورة، وفي هذا التوقيت، بدت وكأنّها حملة لتدمير ما تبقّى من وجودٍ لهذه الأحزاب، ولتفريغ الساحةِ من أمام نظامٍ استبداديٍّ في طور التشكّل؛ نظامٍ لا يؤْمن ــــ رغم كلّ شعاراته المرفوعة ــــ بالحريّات، ولا بصلاحيّة البلاد لحكم نفسِها بنفسها، ولا بأهليّة شعبها للحريّة وللديمقراطيّة.
حصادُ الهشيم
يضاف إلى ما تقدّم أنّ "جبل" وعودِ النظام للمواطنين تمخّض، فوَلد فأرًا. وانتهت أحلامُ الناس في الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعيّة، وهى أهمّ دواعي نزولهم إلى الشارع في 25 يناير و30 يونيو، إلى تدميرٍ منظّمٍ لقدرتهم على الاحتمال. فمع الارتفاع الهائل للأسعار، يكابد ملايينُ المصريّين الأمرّيْن من أجل توفير الحدّ الأدنى من أسباب الحياة، ولاسيّما بعد أن كفّت الدولةُ يدَها عن الوفاء بدورها الاجتماعيّ ولو في حدّه الأدنى.
وممّا يدلّ على الانحياز الاجتماعيّ للسلطة الحاكمة، وعلى غياب الوعي السياسيّ للقائمين على شؤونها، أن تختار الوزارةُ الجديدةُ فترةَ الانتخابات بالذات لكي تُبشّر المواطنين بأعباءٍ جديدةٍ قادمة، شفعتْها بزيادة أسعار الدولار لمرتيْن متتاليتيْن ــــ وهو ما يعني تخفيضَ القدرة الشرائيّة للجنيه المصريّ، أيْ مضاعفةَ معاناة عشرات الملايين من المصريين، وإلهابَ وتيرة الارتفاع الجنونيّ لأسعار كلّ المواد الضروريّة والخدمات الحيويّة التي لاغنى عنها. فكأنّ مَن اتّخذ هذا القرار ونفّذه يقول للناس: "ها نحن نَعِدُكم بالجحيم، فثقوا بنا!"
وعلى الرغم من أنّ نتيجة هذه الممارسات فى السابق، أي انسحابِ الدولة من دورها الاجتماعيّ، ترك الساحةَ خاليةً أمام جحافل "الإخوان" حتّى تغوّلوا وتحكّموا، ثم اغتصبوا السلطة وفَجَروا، ولم يُنَجِ مصرَ من خرابهم إلّا هبّةُ الشعب العظيم ومساندةُ الجيش الوطنيّ في 30 يونيو، فإنّ الدولة المتواطئة الهرمة لم تتعلّم الدرسَ القاسي، بل كرِّرت المأساة، لكنْ هذه المرّة مع السلفيين، الوجهِ الآخرِ لعملة تكفير الوطنِ والمواطنِ والديمقراطيّةِ والبرلمانِ والمسيحيين والشيعة والـ...
الأدهى أنّ الدولة، التي صدعت الأدمغة بالطنطنة للدستور، رفضتْ تطبيقَ موادّه الصريحة التي تُجرِّمُ تأسيسَ أحزاب على أساسٍ دينيّ أو طائفيّ أو عنصريّ أو مسلّح، فيما يُنبئنا الواقعُ أنّ هناك 11 حزبًا دينيًّا وإرهابيًّا، على الأقلّ، أنشئتْ في سنوات ما بعد 25 يناير وحكمِ "الإخوان،" تنطبق عليها كلُّ هذه الأوصاف، ما زالت تنشر سمومَها وتبثّ فتنتها في المجتمع، تحت حماية "الشرعيّة القانونيّة" التى اغتصبتْها في غفلةٍ من الزمن. ومن هذه الأحزاب مَن التحق، وفي العلن، بتنظيم "تحالف دعم الشرعيّة" الذي كان رديفًا إرهابيًّا داخليًّا لتنظيم "الإخوان" يُمَوَّل ويتلقّى التعليمات من قادتها في قطر وتركيا؛ ومنها حزبٌ كحزب الفضيلة، ويقوده الإرهابيُّ الهارب، إيهاب شيحه، الذي أذاع منذ بضعة شهور شريطَ فيديو يُحرِّضُ فيه قوّاتِ الجيش المصريّ على الانقلاب على شرعيّة الدولة واغتيال رئيسها؛ ومنها حزبُ البناء والتنمية (الذراع السياسيّة للجماعة الإسلاميّة)، ومن رموزه الإرهابيّان طارق الزمر وعاصم عبد الماجد، الغنيّان عن التعريف بتاريخهما الدمويّ ومواقفهما التحريضيّة.
أخطاء بالـ"زوفة"!
وعلى مستوًى آخر، فإنّ استطالة أمد الإعداد للانتخابات، والتأجيلَ المتكرّر لها بعد الإعلان عن موعد عقدها، ساهما فى إحداث البلبلة بين المواطنين، ونشرِ اللامبالاة عند الناخبين. ثم أتت الهجمةُ الغبيّةُ المنظّمة من عناصرَ محسوبةٍ على السلطة، أو "تتمحّك" فيها من دون أن يردعها رادع؛ وفيها جرى التعريضُ بالدستور والتحريضُ على تغيير بنوده بحجّة أنّه يمنح البرلمانَ حقَّ تقاسم السلطة مع الرئيس ويهدّد وضعَه وصلاحياتِه؛ فدَفع الكثيرين إلى الإعراض عن الانتخابات برمّتها لأنهم رأوْا فيها ما قد يدفع البلادَ إلى الفوضى ويُنذر بـ"عواقبَ وخيمة"!
أضيفتْ إلى ذلك كلّه حملةٌ إعلانيّةٌ ضخمةٌ كلّفت الملايينَ، من دون أن يعرف الناس "من أين للمرشّح كلُّ ذلك"؛ وهو ما عنى لدى المصريين، الذين يفهمونها وهي "طايره،" أنّ المرشّح "ناجح ناجح،" فلِمَ التعبُ والجهدُ إذا كانت النتيجة مضمونة؟! |
وساعد على ارتباك المشهد أيضًا العواملُ الآتية: غيابُ البرامج السياسيّة لأغلب المشاركين، وبروزُ دور رجال المال والأعمال والمال السياسيّ والقوى التقليديّة والمحافظة، ووجودُ أغلبيّة للمرشّحين المجهولي الهويّة، وعدمُ قيام الإعلام بشرحٍ جدّيّ ومسؤول لنظام الانتخابات الجديد المختلط (فردي/قوائم).
والأخطر من ذلك أنّ هناك مَن قدّم نفسَه، أو سمح بتقديمها، من دون نفي أو توضيح، باعتباره مدعومًا من السلطة أو مرضيًّا عنه من أجهزة الدولة، أو أنّ قائمته هي "قائمة الرئيس" لوجود شخصيّاتٍ على قمّتها كانت تنتمي إلى جهاز سياديّ أو كانت على صلةٍ بهذا المسؤول أو ذاك. ثم أضيفتْ إلى ذلك كلّه حملةٌ إعلانيّةٌ ضخمةٌ كلّفت الملايينَ، من دون أن يعرف الناس "من أين للمرشّح كلُّ ذلك"؛ وهو ما عنى لدى المصريين، الذين يفهمونها وهي "طايره،" أنّ المرشّح "ناجح ناجح،" فلِمَ التعبُ والجهدُ إذا كانت النتيجة مضمونة؟!
والنتيجة؟
نتيجةُ ما تقدّم أنّ السياسة ماتت في مصر بفعل فاعل، وأنّ البرلمان القادم سيكون نسخةً رديئةً من برلمان 2010 البائس، يسيطر عليه المالُ السياسيُّ، ويهيمن عليه تحالفٌ يضمّ فلولَ نظام مبارك من ناهبي المال العامّ والآكلين على موائد النظام القائم والمطبّلين للحكم (ولكلّ حكم). فوجودُ هؤلاء الأشياع، كما يتأكّد كلّ يوم، أهمُّ بالنسبة إلى النظام من الأحزاب، ومن الشباب، ومن ملايين الفقراء والمهمّشين الذين ساندوا الدولة بالعرق والدم، من دون أن يلمسوا ما "يبلّ ريقهم" أو يطمئنَهم إلى أنّ اختيارهم كان في محلّه!
ليست هذه "الانتخابات" آخرَ انتخابات. لكنّ هذه الانتخابات بالتحديد لم يكن ينبغي أن تأتي على هذه الشاكلة: حضر فيها الكثيرون، ولم تحْضر الثورة. وليس هذا البرلمانُ آخرَ برلمان. لكنّ هذا البرلمان بالتحديد لم يكن ينبغي أن يأتي على هذه الشاكلة: فيه المئاتُ، لكنْ يغيب عنه الشعب!
والشعبُ دقّ جرسَ الإنذار، بإعراضه الواضح عن المشاركة، لكنّه لم يقل كلمته النهائيّة حتى الآن. ولعلّه، إذا استمرّت السلطة فى تبنّي هذه السياسات المنحازة إلى الرأسماليّة الفاسدة المتوحّشة، والتي تعيد إنتاجَ النظام القديم بكلّ ممارساته، أن يقول كلمته فى يومٍ ليس ببعيد!
القاهرة