بعد أيّام من نهاية الاجتياح الصهيونيّ للبنان صيفَ العام 1982، بدأ د. سهيل إدريس الإعدادَ للمقاومة الثقافيّة على طريقته. فبالتوازي مع المقاومة العسكريّة التي بدأتْ طلائعُها تظهر في عمليّات متفرّقة في بيروت (مقهى الويمبي، محطّة أيّوب، صيدليّة بسترس،...) وغيرها من المناطق، بدأ مؤسِّسُ الآداب يعمل على إصدار عدد كامل من مجلّته بعنوان: "المثقفون والهزيمة: استفتاءُ الآداب الكبير".
كان الاستفتاء بسيطًا، عليه أماراتُ الهزيمة، ولكنّ عليه ملامحَ التصميم على النهوض. الأهمّ أنه جاء بطموح كبير إلى دورٍ أساسٍ يؤدّيه "المثقفون،" وإلى تطلّع إلى بناء "ثقافة جديدة" تنفض الهزيمة وتواكب المقاومةَ العسكريّة الوليدة. وكان على الشكل الآتي:
"لا شكّ في أنّ الهزيمة التي لحقتْ بالأمّة العربيّة من جرّاء العدوان الصهيونيّ على الشعبين اللبنانيّ والفلسطينيّ جديرٌ بها أن تدعو المثقفين العرب، والكتّاب منهم بخاصّة، إلى مراجعة أفكارهم وإعادة تقييم دورهم في مسيرة النضال العربيّ ضدّ الاستعمار والصهيونيّة والرجعيّة والتخلّف. فكيف تروْن إلى الثقافة العربيّة الجديدة وإلى الدورالذي ينبغي أن تضطلع به للإسهام في الخروج من الهزيمة وتجنيبِ الجيل العربيّ القادم اليأسَ والاستسلام؟"
كان هاجسُ إدريس أن يأتي العددُ جامعًا لأصوات عربيّة، لا لأصواتٍ لبنانيّة وفلسطينيّة فقط؛ فقد آمن بعمقٍ أنّ العدو قوميّ، وأنّ المواجهة ينبغي ــــ من ثمّ ــــ أن تكون عربيّة شاملة. وقد شارك في العدد 35 كاتبًا، من بينهم: أدونيس، وجبرا إبراهيم جبرا، وحنّا مينة، وإلياس خوري، وأحمد عبد المعطي حجازي، وعبد الرحمن منيف، وعبد الكريم غلّاب، ومعن زيادة، وشاكر مصطفى، وعبد العزيز المقالح، وبلند الحيدري، وأنطون المقدسي، وشوقي بزيع، ومحمد علي شمس الدين.
كنتُ في الحادية والعشرين. ومع ذلك فقد كلّفني مؤسِّسُ المجلّة بالاتصال بعدد من هؤلاء الكتّاب. ولم أكن أعلم حينها أنّ تلك كانت بدايةَ "توريطي" في مسيرة الآداب الرائعة.
هنا ما كتبه الكاتبُ المصريّ الكبير محمود أمين العالم في هذا العدد التاريخيّ.
لقراءة المادة انقر هنا.
سماح إدريس